أكتوبر ينادى.. من أنتم ؟!

فى السادس من اكتوبر كل عام ، نتذكر ما فعله جيل الأبطال العظام الذين انتفضوا لرد الأرض ، واستعادة الكرامة ، مضحين بأرواحهم ودمائهم لتبقى مصر وتعيش وتظل قوية كما عهدناها ، عصية على الأزمات ، قادرة على صد العدوان ومواجهة المؤامرات ، التى تنسج وتحاك على مر العصور ، ولم تفلح فى هزيمة هذه الدولة العتيقة ، التى كانت دائما مثالا على الصمود والإصرار . إن الكتابة عن حرب أكتوبر المجيدة والمعارك والانتصارات العسكرية التى حققها الجيش المصرى خلالها ، أمر فى غاية الصعوبة ، خاصة الأجيال التى لم تشهد هذه الحرب ، أو تشارك فيها ، فنحن نسمع قصصها وبطولاتها ونتناقل أخبارها من القادة العظام ، الذين كانوا على جبهة القتال ، بالإضافة إلى ما أنتجه الكتاب والمفكرون من تراث أدبى وثقافى عن هذه الحرب الخالدة ، التى غيرت الفكر العسكرى فى المدارس العسكرية فى العالم كله ، لما فيها من سوابق لم يشهدها التاريخ العسكرى ، كأن ينجح لنش صواريخ صغير فى إغراق مدمرة عملاقة حديثة ، وهذا ما حدث مع المدمرة الإسرائيلية " إيلات " ، أو كأن يقف مجند بقاذف " ار بى جى " محمول على الكتف فى مواجهة دبابة مجهزة وفق لأحدث التقنيات – فى ذلك التوقيت - ويدمرها ، بل وفى بعض الاحيان كانت تهرب الدبابات من قواذف الجنود. ولعل ما يجب أن نستلهمه من روح أكتوبر ، هو الإرادة الحديدية التى يمتلكها هذا الشعب العظيم ، التى نجحت فى بناء كل ما تحطم وتهدم ، ولم تقف عند حدود الهزيمة ، وأصرت على البناء والوصول إلى الطريق الصحيح ، الذى يؤدى إلى النصر ، فتعاون الجميع ليستعيدوا كرامة مصر ، بداية من العامل والفلاح الذى قدم الابن والأخ والصديق ليحمل السلاح ويقاتل ليصنع النصر ، حتى الطبيب الذى تطوّع لخدمة المصابين ، والمهندس الذى قدّم أفكاره لإزالة أمتار الرمال بالمياه التى كونها العدو على الضفة الشرقية للقناة ، مرورا بالكاتب والمفكر ، الذى وقف إلى جوار قواته المسلحة ورفع من روحها المعنوية ونقل أخبارها ، ودعم خططتها ، وشدّ من عزم رجالها حتى تحققت المعجزة . وعلى الرغم من اختلاف المشهد زمانا ومكانا ، فالحدود الآن مؤمنة والدولة مصانة بجيشها القوى الرادع ، على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية ، إلا أننا نحتاج إلى روح أكتوبر الخالدة لدعم مصر الوطن ، مصر التاريخ ، مصر الانتصارات ، مصر الثورة ، مصر القوة ، مصر القادرة على تجاوز المحن بعزم رجالها وقدرة أبنائها على البذل والعطاء ، نحتاج روح أكتوبر التى توحد المصريين وتجمعهم على حب هذا الوطن ، نحتاج إلى مصر القادرة على تجاوز فكرة تخفيض الجنيه وارتفاع الأسعار ، إلى مصر القادرة على النهوض بالتعليم والصحة ، ومصر القادرة على دعم الفئات الفقيرة ومحدودى الدخل ، ومصر القادرة على ضبط الفوضى ومواجهة شياطين التخريب والإرهاب ، ومصر القادرة على الرقى بالفن والدراما وكل ما يعرض على الناس ، ومصر القادرة على استعادة دور الإعلام الواعى ، الذى يخدم التنمية ويدعم قدرة الناس على العمل والإنجاز . روح أكتوبر ليست مجرد ذكريات وحكايات من دفتر النصر وسجل البطولة ، بل يجب أن تكون عنوانا عريضا لاستنهاض المصريين واستدعاء قدراتهم الذاتية ، نحو العمل والإنتاج ، فمصر الآن أحوج إلى هذه القدرات ، بعدما شقت الطرق وشيدت المطارات شرقا وغربا ، وحفرت القنوات ، وأقامت الموانئ ، واستصلحت الأراضى ، وجهزت المصانع ، وبقى الدور على البنائين الشباب ، ليصنعوا تاريخا جديدا لهذا البلد ، وتنمية حقيقية للأجيال القادمة ، ولا ينشغلوا بالواقع الافتراضى ، على صفحات التواصل الاجتماعى ، أو يسلموا أنفسهم لمن يبثون اليأس والكراهية ، فمصر تناديهم وروح أكتوبر تدعمهم وتؤكد لهم أن معادلة النصر ما هى إلا إيمان وعمل .



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;