العرض المسرحى "كلنا لها" .. هزلى ومجنون .. ولكن

في بداية العرض المسرحى " كلنا لها " والذي نفذه خريجي دفعة 2016 من المعهد العالي للمسرح بأكاديمية الفنون والذي عرض في حفل تكريم دفعتى 2016 ، 2000 في دورتها الـ34، والذي كان يحمل اسم الراحل زكي طليمات...

للوهلة الأولى انتابتنى حالة جنونية من واقع ما يقدمه أبطال العرض حتى بدو لي في الدقائق الأولى من العرض وكأنهم يتعايشون مع حالة من الجنون "جنون العصر الذي نعيشه في الوقت الحالي " وهي بالفعل حالة أغلب بناتنا، هوس السيلفي رأيتهم كما أرى شبابنا وبناتنا اليوم في الشارع وفي وسائل المواصلات وفي الأماكن العامة وحتى في المستشفيات نرى دائماً "مشهد سيلفي لكل حالاتهم ، وهم يضحكون وهم يبكون حتى أنه تعددت أشكال السيلفي فيوجد سيلفي العزاء ، وسيلفي الولادة ، وسيلفي المشاجرات ، وسيلفي الموت ، وتعددت ألوان السيلفي "عفوا يا سادة إنه جنون العصر في أعلى درجاته".

وبعد التركيز والتوغل مع هذا الجنون وجدت أن هذا العرض هو "مصر وكلنا لها "! وهو تجسيد حي لصورة المرأة المصرية عبر العصور، أبطال العرض تناولوا "قهر المرأة المصرية" في أربعة أجيال، تأكيدا منهم على أن المرأة مقهورة على الرغم أن البعض يروا أن المرأة في مصر أخذت جميع حقوقها ، ولكن "كلنا لها" تقول أي حقوق هذه التي تتحدثون عنها ، هل الحقوق المعنية كانت في المناصب القيادية وفي علاقاتها الخارجية أم أن من أهم تلك الحقوق هي حقوقها المعنوية، فتناول العرض أربعة مشاكل بأربعة سيدات كلا على حسب اختلاف المستوى الاقتصادي والثقافي وكلهن مقهورات ولكن يا ترى ما الذي سيحدث في آخر العرض، دعونى أستكمل باقى الأحداث والتي قسمت الى أربعة قصص أو بمعنى أدق أربعة مشاكل.

المشكلة الأولى والتى تواجه معظم الفتيات هي "الشك الدائم فى كونها شريفة أم لا" من قبل الرجل، ويأتى هذا الشك حين ترتبط المرأة عاطفياً ورسمياً أيضاً فيأتى هذا الخطيب "الذكر" ومع كل كلمة تلفظها تتكون صورة ذهنية لديه عن كونها غير شريفة " وتحديداً عبر العرض عن هذا في مشهد الخطيب الذي دعى خطيبته الى أحد المطاعم وحين رأته يتناول أكوابا متتالية من القهوة فقالت له بعفوية شديدة "أنا مش فاهمة كلكم بتشربوا القهوة ليه كتير كده " فكان رده ما لذي تقصدينه يا "هانم بكلكم" ارتفع صوته الجهور في وجهها وقال تقصدين خطيبك السابق أم تقصدين الذي كنت تحبينه من قبل" وعلى الجانب الآخر ترى صورة المرأة المقهورة التى تبرر وتحاول مراراً الدفاع عن ذاتها في حين أن الجملة عفوية للغاية، ولكن في مصر لابد وأن تتحمل الفتاة شك الرجل في أخلاقها ولماذا؟ كي تنعم بالزواج منه لان الزواج أصبح كالعملة النادرة للفتيات وأصبح أي "عريس لقطة" لأن غالبية الرجال يلعبون بمشاعر الفتيات فيتركوهن حطاماً، ولكن يحدث ما تتمناه جميع فتياتنا ويصبح القرار بيدها هي، فتثور وترفض وتتبدل الأدوار فتغضب هي وتسأله هل أنت شريف؟ وما الذي تعرفه عن الشرف ، الكلمة شرف والوعد شرف، الشرف ليس فقط "عذرية الأنثى" الرجل أيضاً له "عذرية" اثبت لي أنك "عذراء، وينتهى هنا قهر الأنثى "وكأن العرض يقول للفتيات ثوروا وأغضبوا ولا تقبلن بالقهر أنتن لا ينقص منكن الرجل أو يزيدكن في شيء.

أما عن المشكلة الثانية فتعبر احدى بطلات العمل عما يحدث للمرأة بعد الزواج، وكيف تكون حياة المرأة المصرية في بيتها وهنا يزداد القهر عليها ليس فقط من الزوج بل من المجتمع بأكمله ومن أسرتها ولماذا؟ لأن المرأة لابد وأن تتحمل كل شيء وكل الأعباء والضغوط والمشاكل وتربية الأبناء وتدليل الزوج ... ولكن هل تستمر المرأة مقهورة في كل شيء ومن كل شيء قبل وبعد الزواج من الأب والأخ ثم الزوج أهكذا أوصانا رسولنا الكريم أيعقل أن يكرم الله المرأة في كتابه العزيز بسورة كاملة ويهينها المجتمع والرجل؟!.

فى هذه الرواية عبرت البطلة عن الزوجة المنكسرة التى يأتى الزوج الى بيته وبدوره "سي السيد" وهى بدورها "الست أمينه" ولكن تفاجئه فتثور وتخرج من جلباب "الست أمينة" وتحدث أيضاً المفاجئة للجمهور فنرى على الوجه الآخر تحول الرجل "الأسد" الى شخص بارد حين رأى ما لم يتوقعه فهذا نوع يكثر بيننا من الرجال أو "أشباه الرجال" وتنتهى القصة.
يأتى في الفاصل هوس المرأة المصرية بعمليات التجميل وعلاقتها بعيادات التجميل وما ينفقن من مبالغ طائلة حول عمليات التجميل ... أرى أن الرسالة المراد توصيلها للمشاهد هي أن الرجل فى شتى الأحوال لا يرضى عن المرأة إن أهملت ينظر الى غيرها، وإن أنفقت واهتمت بذاتها يلقى اللوم عليها ويقول أنها غير مسئولة وكثيرة الإنفاق والتبزير ولا تصلح للزواج والبيت. وهذا نوع آخر من القهر.

المشكلة الثالثة وهي تكاد تقترب من المشكلة الثانية ولكن تختلف عنها في بعض الأمور، فنرى الرجل الذي يدخل بيته عابث الوجه على عكس ما هو عليه خارج البيت، ومن وقت دخوله المنزل "انت يا ست أين الحذاء أين الأكل أين أين أين..." ما الذي أراه أهذا هو دور المرأة خادمة ليس أكثر ... وفي النهاية يطلب منها أن تتزين له ويوجه اللوم عليها في اهمالها لذاتها فيأخذها "كالدمية" ويذهب بها الى أقرب مرآة وبصوت عال ، ألا تنظرين لنفسك في المرآة أنت حتى لا تضعين المكياج ولا تذهبين للكوافير ... كيف ومتى ولماذا ولمن ؟ أتتزين لمن يعطيها القهر في جرعات متكررة .. وفي النهاية يقارنها بمن يراهن في الشارع نساء تتزين قائلاً "الا ترين المزز" بلغة العصر !!.. ولكن هذه المرأة لا تثور في وجهه ولكنها تتحول لراقصة بينها وبين ذاتها وكأنها تعبر بالرقص عما بداخلها، وهذا نوع آخر من النساء تبدو في الظاهر منكسرة وسلبية وضعيفة مما تجعل الرجل يستقوى عليها ... وتثور بينها وبين ذاتها.

ويأتى في هذا الفاصل ... المرأة المصرية وقهر الشارع لها، عبء قيادة السيارة ودفعها كثير من المخالفات بسبب وبدون سبب حتى وان لم تخطيء فدائماً الحق عليها لأنها امرآة فهي لا تعرف شيء عن القيادة شيء .. نظرة الشارع للمرأة لن تتغير .. تحليل عميق لقهر المرأة في الشارع ولأنها سيدة لابد وأن تصمت عن حقها لأنها في مجتمع ذكورى بحت.

وتأتى آخر مشكلة في العرض وتعبر عنها بقوة بطلة العرض الموهوبة تهاني عبد الخالق، التى تجسد وبإمعان دور المطلقة ونظرة المجتمع لها وتحملها لقهر الرجل حتى بعد الطلاق من أجل أبناءها وتحمل إلقاء اللوم الدائم عليها .. فنرى الرجل هنا يفرض قوته وعنفوانه على من كانت زوجته وكأنه يعاقبها أنها أنجبت منه .. فيعبر المشهد في يوم عيد ميلاد ابنهما فنرى الأم هى التى أعدت لليوم بجميع تجهيزاته وشراء الهدية وكل شيء وعلى الجانب الآخر دعت الأب كي لا تشعر الابن بغياب الأب ولكن يتنهي الاحتفال وينام الابن دون حضور ابيه وتفاجئ الأم بمكالمة هاتفية من طليقها يسألها عن ابنه فترد عليه نام!! طبيعي ومنطقي أن يعتذر لكنه وبخها واتهمها بأنها تقصر في حق ابنه قائلاً"انت مهمله الولد نام لأنه أكيد مريض" فلا تستطيع الرد عليه فتشعر بالقهر وتنهمر بكاءا بعد أن أغلق الهاتف فى وجهها.

في النهاية يأتى ختام العرض فتتحرر النساء الأربعة ويرمز للتحرر هنا بخلع أثوابهن جميعاً، ومن ثم فيبدأن هن بتقيد أنفسهن داخل ذاتهن بثوب مصر وهى الأم الكبرى ورمز العطاء فتتحر مصر وتتحرر جميع النساء و "كلنا لها" رسالة للمجتمع وللرجل المصري.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;