بعد 12 عاما من الزوج وقفت شريهان أمام محكمة الأسرة بحلوان، بجسد إصابته الكثير من التشوهات بعدما أصبحت حطام إنسان، تحاول أن تحافظ على ما تبقى من إنسانيتها وكرامتها لتطلب الطلاق للضرر من زوجها فى الدعوى التى حملت رقم 1098 لسنة 2018.
وتعرضت شريهان خلال 12 عاما من الزواج لأبشع أنواع العنف الفظى والجسدى والتعذيب، حاولت الصبر حتى لا تهدم بيت الزوجية وتحافظ على استقرار أبنائها، ولكن ما عانته فاق قدرتها على الاحتمال.
"أصبحت أكره حياتى من شدة الذل الذى أراه يوميا على يد زوجى".. هكذا وصفت شريهان حياتها، مؤكدة على أنها عندما طلبت الطلاق من زوجها، رفض وتمادى فى معاملته الوحشية وهددها بالقتل والحرق حتى نفذ تهديده وألقى عليها مادة حارقة تسببت فى تشوه رقبتها وصدرها.
وتتشابه مأساة شريهان مع مآسى مئات بل آلاف الزوجات ضحايا العنف الزوجى اللاتى تعرضن لإصابات مبرحة وصلت إلى حد العاهات المستديمة والتشوهات الشديدة، ليخرجن من زيجاتهن يحملن علامات بأجسادهن لا يمحيها الزمن تذكرهن يوميا بتلك التجربة المريرة اللاتى ممرن بها.
وترصد أروقة محاكم الأسرة العديد من هذه الانتهاكات البشعة، ووفقا لما رصدته مكاتب تسوية المنازعات داخل محاكم الأسرة بأكتوبر وإمبابة وزنانيرى ومصر الجديدة ومدينة نصر والقاهرة الجديدة وحلوان والمعادى، لجأت 400 زوجة لتحرير بلاغات بأقسام الشرطة يؤكدون فيها تعدى أزواجهم بالضرب عليهن منذ بداية العام الحالى.
فيما أشارت احصائيات مكاتب التسوية داخل محاكم أسرة إلى أن 70% من هذه الحالات وقعن فى قبضة أزواج أقدموا على تعذيبهن جلدا أو حرقا أو صعقا بالكهرباء، أو باستغلال القوة الجسدية المفرطة والانهيال على الزوجات ضربا "بالبونيات والشلاليت".
وأكدت الإحصائيات، على أن الإصابات التى شكت منها الزوجات تراوحت ما بين "الكسور والكدمات"، وأدت فى بعض الأحيان للإصابة بعاهات مستديمة وصلت إلى نسبة 10% وفق للتقارير الطبية وشهادة الشهود.
وتخطى نصيب الزوجات الجدد من الإساءة الجسدية نسبة 60% من هذه الحالات، وكانت 40% من هذه الاعتداءات بسبب الفقر .
وأشارت الأرقام، إلى أن 40% من الزوجات يقبلن الصلح والرجوع للأزواج، بعد التعرض للضرب أكثر من مرة تجنبا للطلاق وخوفا على الأبناء.
"تزوجت زواج تقليدى مثل معظم الفتيات فى عائلتى بعد تخرجى من كلية التجارة، ومع بداية زواجى عشت شهرين فى عذاب مستمر".. هكذا تروى دينا الزوجة الشابة مأساتها، مؤكدة على أن زوجها كان يعاقبها بالضرب لأتفه الأسباب، حتى وصل الأمر إلى أن تعدى على بقطعة حديدية على رأسها وعينها وكادت تفقد حياتها.
وبعد شهرين من الزواج أقامت دينا دعوى خلع أمام محكمة الأسرة بأكتوبر حملت رقم 7011 لسنة 2018 .
ولم تسلم من العنف الزوجى زوجات حصلن على أعلى الدرجات العلمية، ومنهن الدكتورة مى، البالغة من العمر 37 عاما، والحاصلة على درجة الدكتوراة، حيث تقدمت لمحكمة الأسرة بإمبابة بدعوى تطليق للهجر، حملت رقم 610 لسنة 2018.
وقالت مى: "صبرت على 9 سنوات من الهجر وعمله بالخارج، وتحملت وحدى مسئولية أبنائى، لاكتشف بعد تلك السنوات أن زوجى تزوج بأخرى، وعندما طالبته بالطلاق عذبنى وتعدى على بالضرب حتى فقدت معظم أسنانى."
وتابعت مى: "سلبنى كل ممتلكاتى وأموالى، واستدنت من أخوتى وتسبب فى تدميرى نفسيا ولم أجد سبيلا سوى اللجوء للمحاكم حتى أتخلص من هذا الذل."
وعن حالة تزايد حالات العنف الزوجى، قالت الدكتورة سارة فاروق، أخصائى علم النفس، إن العنف الجسدى الذى تتعرض له الزوجة يجعل الأسرة تنتج أفرادا سلبيين ويعانون من أزمات نفسية تنعكس على الآخرين.
وأوضحت فاروق، أن أبرز أسباب العنف ضد الزوجات، نظرة الزوج الدونية والخاطئة للمرأة، والفقر والظروف الاقتصادية السيئة.
وأضافت أخصائى علم النفس: "كثير من الزوجات يتحملن العنف خوفا من التفكك الأسرى والطلاق والحرمان من الأطفال، أو خوفا من إيذاء الأبناء، أو بسبب عدم القدرة المالية، مما يدمر نفسية الزوجة بشكل كبير ويؤثر بشكل سلبى على أسرتها وأبنائها".
وأكدت فاروق، على أن من أهم مسببات العنف الأسرى وأكثرها انتشارا تعاطى الكحول والمخدرات.