بجمال الروح انتصرن على تشوهات الجذام.. بطلات عزبة الصفيح ينسجن السعادة من ثوب المرض.. أم محمد تحمل صورة زفافها: أعيش على الذكريات وحب الناس.. وأم عبد المسيح:حبيت وعملت أسرة وأحفاد والحياة بتستمر بالحب

بروح جميلة وملامح راضية وابتسامة تملأ الوجه الذى تأثرت ملامحه كثيرا بمرض يشعر الكثيرون بالتعب من مجرد ذكر اسمه وهو "الجذام"، تحمل أم محمد صورة زفافها قبل إصابتها بالمرض وتتذكر جمالها الذى أخفاه المرض، وأضاف سنوات عديدة على عمرها الحقيقى قبل الأوان.

تعيش وحيدة فى منزل فقير بعزبة الصفيح المعروفة حاليا "بعزبة عبد المنعم رياض"، والتى يسكنها مرض الجذام بجوار مستعمرة الجذام، حيث لا يزال سكانها يحصلون على الدواء من مستشفى المستعمرة، ولذلك أطلق عليهم سكان العنبر الرابع. ورغم الوحدة وأثار المرض لا تزال أم محمد تتمتع بروح طيبة جعلت كل من حولها من أبناء العزبة يعتبرونها أما لهم، تسأل عنهم وتغمرهم بحنانها.

فى هذا المكان الفقير البسيط الذى يتشارك كل من فيه نفس الأوجاع والآلام، ويتحدونها بالمحبة والمشاعر الإنسانية الطيبة، ترى وجها وصورة وحياة أخرى للنساء، نماذج لا تشغلهن ما يشغل باقى النساء من الحرص على جمال الوجه والجسد أو الهوس بالجمال الشكلى للمرأة لأنهن بحثن داخل أنفسهن ليجدن جمالا من نوع آخر، يساعدهن على التحدى والانتصار على أى الظروف، ورغم افتقار المكان وفقره لكل وسائل الحياة الحديثة وخلوه من أى وسائل الترفيه المعتادة والمعروفة للكثيرين، إلا أن هؤلاء البطلات استطعن أن ينسجن فيه السعادة رغم الألم.

وفى اليوم العالمى للمرأة نصطحبك فى رحلة إلى هذا المكان الذى ربما لم تسمع عنه من قبل، لتعرف كيف تتحدى المرأة كل الظروف، ولترى نساء من نوع نادر استطعن أن يخلقن السعادة وأن يخلقن حياة يشب فيها أبناء وأحفاد رغم قسوة الظروف وتشوهات المرض.

فى عزبة عبد المنعم رياض، بيوت سكنية خرسانية يسكنها مريضات الجذام اللاتى تحدين المرض والتشوه، وتزوجن وعملن على تكوين أسر تستمر فيها الحياة وتملأها السعادة والرضا والأمل.

تتحدث "أم محمد" وهى تحمل صورة زفافها قائلة: "شوفى صورة زفافى مكنتش مريضة بالجذام".. وتبدأ حكايتها فتقول: "أنا من الصعيد وتزوجت أحد أقاربى ولم أكن مصابة بالجذام وأنجبت ولدين، وبعد فترة من زواجى ظهرت علامات إصابتى بالمرض، وأصبحت حياتى مهددة". تتنهد وتحبس فى عيونها دمعة قاومت نزولها: "جاء بى أهلى للعيش فى مستعمرة الجذام بشكل دائم لتلقى العلاج، وأصبحت منبوذة من الأهل والمجتمع، وذلك لخوفهم من شكلى الذى شوهه المرض".

وتكمل: "لم أر أبنائى ولم يسأل عنى أحد من أهلى، ولكننى اعتبرت زملائى ورفاقى فى المرض هم أهلى لأنهم جميعا يعيشون نفس الظروف، من نبذ الأهل وعدم سؤالهم، وبعد انتهاء فترة العلاج وخروجى من المستعمرة سكنت فى عزبة الصفيح بالقرب من المستعمرة لتلقى العلاج وأعيش على معاش السادات، وكل فترة يأتى أهلى لزيارتى ولم أفقد أبدا الأمل فى الحياة، ولكن أبناء وأطفال المستعمرة كلهم يعتبروننى أمهم، أسأل عنهم ويسألون عنى ونفرح لفرح أى منا ونحزن لحزنه.. بنقف دايما جنب بعض فى السراء والضراء".

وبالقرب منها تسكن أم عبد المسيح، وكأن المستعمرة انصهرت فيها الأديان والاختلافات، وتوحد أهلها على هدف واحد هو قهر المرض وكل أنواع التشوهات بالسعادة والحب. وتحكى أم عبد المسيح حكايتها فتقول: "أنا من المنيا وعندما كان عمرى 20 عاما، لاحظت تشوها بجلدى عند التعرض لدرجة الحرارة وطهى الطعام أو غيرها من الأعمال المنزلية، وتم تحويلى لمستشفى المنيا لكن لم أظل بها كثيرا، وتم تحويلى على الفور لمستعمرة الجذام بعد تشخيص مرضى لتلقى العلاج المناسب لحالتى".

وتابعت حديثها: "لم أفقد الأمل فى الحياة، وخلال تواجدى بمستعمرة الجذام تعرفت على أحد المرضى المصابين أيضا بالمرض، وكان يتلقى العلاج بقسم الرجال فى المستعمرة فتزوجت منه وأنجبت 5 أولاد لم يصابوا بالمرض، وعشت معهم فى عزبة عبد المنعم رياض العنبر الرابع لاستكمال العلاج".

وروت أم عبد المسيح العديد من حالات الزواج المشابهة لحالتها، حيث أكدت أن المرض جمع الكثيرين من أبناء المستعمرة، وجعلهم يشعرون بالحب وتزوج منهم الكثيرون وكونوا أسرا وأبناء وأحفاد.

استكملت حديثها موضحة أنها تعيش الآن مع ابنها وزوجته وأطفاله، بعد وفاة زوجها وصحتها تتحسن على الدواء الذى ما زالت تتلقاه من مستعمرة الجذام، وعلى الرغم من إصابتها بأمراض أخرى كمرض السكر إلا أنها تحب أطفال ابنها الذين أعادوا لها الحياة وتعيش راضية بحياتها. أما الحاجة عواطف فإذا رأيتها لن تنسى ملامحها وستظل محفورة بذاكرتك، ولن تنسى أبدا ضحكتها التى لا تفارق وجهها.. استقبلتنا بترحاب شديد وإصرار على كرم الضيافة وتقديم الطعام وكأنك تعرفها منذ زمن.

بدأت تروى حكايتها قائلة: "وأنا عندى 7 سنين بدأت تظهر لى حبوب صغيرة بيضاء منتشرة فى جميع أجزاء الجسم، تشبه حبوب العدس، وبعد تشخيصى مرضى بالجذام أحضرنى أهلى إلى المستعمرة فى أبو زعبل وتركونى".

وتستكمل كلامها: "وأنا عندى 17 عاما تعرفت على مريض جذام فى قسم الرجال وكنا بنساعد بعض فى مواجهة المرض، وبعد تلقى العلاج عمل خفير بالمستعمرة واتجوزنا وأنجبنا ولدين وبنتا، وعشنا فى عزبة عبد المنعم رياض العنبر الرابع لمستعمرة الجذام لاستكمال العلاج بالقرب من المستعمرة".

صورة 7 وأضافت: "عمرى الآن 70 عاما، وأعيش مع أولادى، وبنتى تزوجت وتأتى لزيارتى كل فترة، أما زوجى فتوفاه الله، ورغم قسوة أهلى وأقاربى ومرضى لكن ربنا كرمنى وقدرت أكون أسرة وبيت وعيال وأحفاد ربنا يخليهملى.. راضية بحالى والحمد لله المرض ماقدرش عليا "














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;