صور.. الحكاية الكاملة لتمثال نهضة مصر بعد 90 عاما على إزاحة الستار عنه.. عماد أبو غازى ينشر خطاب سعد زغلول لـ"مختار".. الفقراء يتبرعون لإنهاء المشروع.. وطفل يرسل 25 قرشا لاستكمال التمثال

بمناسبة مرور 90 سنة على ذكرى إزاحة الستار عن تمثال نهضة مصر للنحات الكبير محمود مختار، الذى وافق يوم 20 مايو 1928، نشر الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، صورا لمراحل بناء التمثال، ولماذا سمى بنهضة مصر، وما هى القصة الكاملة وراء صنع التمثال، إضافة إلى نشر الخطاب الذى أرسله الزعيم سعد زغلول لمختار عقب مشاهدته للتمثال، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك". وقال عماد أبو غازى، عبر صفحته، "سنة 1928 وفى حفلة كبيرة فى الميدان حضرها الملك فؤاد، تكلم فيها النحاس باشا رفعت الستارة عن تمثال النهضة بعد سنين من تعطيل الشغل فيه، وبعد شهور من رفض الملك لتحديد ميعاد الاحتفال". الحكاية الكاملة وراء بناء تمثال نهضة مصر أوضح عماد أبو غازى "التمثال له حكاية طويلة بتبتدى من 100 سنة لما قامت الثورة المصرية، ثورة سنة 1919، واللى المفروض نحتفل بمرور 100 سنة عليها بعد شهور، بداية من ساعة ما كان التمثال فكرة فى دماغ النحات الشاب محمود مختار أو زيى ما كانوا بيسموه وقتها "المثال مختار" لغاية ما قام فى مكانه فى ميدان المحطة، وبعدين اتنقل سنة 1955 للمكان اللى موجود فيه دلوقتى عند الجامعة". وأضاف عماد أبو غازى "لما قامت الثورة سنة 1919 مختار ما كانش كمل 28 سنة، وكان لسه فى باريس، وهناك شارك مع الطلبة المصريين فى تكوين حركة لدعم الثورة المصرية والدعاية لها، كان اسمها "الجمعية المصرية"، وبعد سفر الوفد المصرى لباريس برئاسة سعد زغلول اتحولت الحركة لجماعة لمساندة الوفد ومساعدته فى الدعاية للقضية المصرية، مختار زيه زى كل المصريين انفعل بالثورة وأحداثها، وقرر أن مساهمته فيها تكون بفنه، فنحت تمثالًا عبر به عن الثورة اللى اعتبرها نهضة للشعب المصرى، وقدم التمثال لمعرض الفنون الجميلة فى باريس وأخد عليه شهادة تقدير. الشكل الأول لتمثال نهضة مصر أكد عماد أبو غازى "طبعا ده مش الشكل الأخير للتمثال، كمان ده ما كانش الشكل الأول، فكرة التمثال لها قصة، مختار فى الأول نحت تمثال على شكل رجل بعقال فارد صدره وسيفه فى وسطه، لكن الفكرة ما عجبتوش ورجع فيها وكسر التمثال، ما فضلش منه غير صورة فوتوغرافية نشرها الناقد جبرائيل بقطر أول وآخر مرة فى الذكرى العاشرة لوفاة مختار سنة 1944، وبعدها نحت مختار رمز النهضة اللى بنشوفه دلوقتى فى مدخل الطريق اللى بيوصل لجامعة القاهرة. لماذا سمى بتمثال نهضة مصر وأوضح عماد أبو غازى "مختار سمى تمثاله "نهضة مصر" علشان كان شايف إن الثورة كانت التعبير الحى عن روح النهضة الشاملة والبعث الوطنى، التمثال على هيئة فلاحة مصرية بتقوم أبو الهول، فى محاولة من مختار أنه يربط بين نهضتنا المعاصرة وتراثنا المصرى القديم. وتابع عماد أبو غازى "إنجاز مختار للتمثال فى نفس وقت سفر الوفد المصرى علشان عرض قضية البلاد فى باريس ولندن والدعوة لاستقلال مصر، فتعرف أعضاء الوفد على مختار وشافوا التمثال قبل عرضه على الجمهور". الخطاب الذى أرسله سعد زغلول لـ مختار وقال عماد أبو غازى "سعد زغلول أعجب بالتمثال وعبر عن إعجابه فى رسالة بخط يده بعتها لمختار أشاد فيها بالعمل وبالمعنى الرمزى اللى بيحمله، قال سعد فى رسالته، اللى شفتها أول مرة فى أرشيف دار الهلال وصورتها منشورة فى سجل الهلال المصور اللى طلع سنة 1992 بمناسبة مرور 100 سنة على صدور مجلة الهلال: "حضرة المصور الماهر مختار شاهدت المثال الذى رمزت به لنهضة مصر فوجدته أبلغ رمز للحقيقة، وأنهض حجة على صحتها، فأهنئك على هذا الخيال الواسع وهذا الذوق السليم وهذا الفن الساحر، وأهنئ مصر بأنك من أبنائها العاملين على إعادة مجدها، وأرجو الله أن يعين هذه النهضة حتى تبلغ كمالها فتشفع مثال النهضة بمثال الاستقلال والسلام سعد زغلول.... باريز 6 مايو سنة 1920". المقالات التى أشادت بالتمثال وأشار عمادى أبو غازى أما فى مصر فالناس عرفوا التمثال من سلسلة مقالات كتبها مجد الدين حفنى ناصف فى جريدة الأخبار اللى كان بيصدرها أمين الرافعى، وكان لها عنوان واحد: "النهضة الفنية فى مصر". بعد المقالات دى الدكتور حافظ عفيفى، وكان من ضمن أعضاء الوفد المصرى، بعت رسالة لأمين الرافعى رئيس تحرير الأخبار اقترح فيها إن الأخبار تتبنى الدعوة لاكتتاب عام لإقامة تمثال النهضة فى ميدان من ميادين العاصمة، الرافعى تبنى الفكرة، ونشر تانى يوم نداء لاكتتاب قومى عام كان عنوانه: "نهضة مصر دعوة إلى الأمة المصرية". وساند فكرة الاكتتاب اتنين من أعضاء الوفد المصرى هما ويصا واصف وواصف غالى، فنشر ويصا واصف مقالة عنوانها: "محمود مختار والنهضة الفنية فى مصر"، أما واصف غالى فكتب مقالة عنوانها: "واجبنا نحو مختار". وبالفعل بدأ الاكتتاب الشعبى، وبعدين الحكومة كملت تكلفة إقامة التمثال اللى اترفعت عنه الستارة فى 20 مايو 1928. وأضاف عماد أبو غازى "دى ما كانتش المرة الأولى اللى يتعمل فيها اكتتاب شعبى لمشروعات علمية أو فنية، ففى أوائل القرن العشرين بدأت الدعوة للتبرع والاكتتاب علشان تتعمل جامعة مصرية، ونجحت الدعوة رغم مقاومة سلطات الاحتلال البريطانى لها، وتأسست الجامعة المصرية بأموال المصريين، وافتتحها الخديوى عباس حلمى الثانى فى ديسمبر 1908، كمان بدأ أعضاء الحزب الوطنى حملة للاكتتاب لعمل تمثال لرئيس الحزب ومؤسسه مصطفى كامل بعد وفاته فى 10 فبراير 1908، وانضم لحملة الاكتتاب شخصيات من كل الأحزاب والاتجاهات، واتشكلت لجنة لإقامة التمثال ضمت عددا من السياسين والمفكرين، وتم تكليف النحات الفرنساوى سافين بنحت التمثال، وخلصه فى أبريل سنة 1910، ووصل التمثال لمصر سنة 1914، لكن الحكومة ما سمحتش بإقامته فى ميدان عام، وفضل فى مدرسة مصطفى كامل سنين الملك فاروق قرر سنة 1938 السماح بإقامته فى ميدان العتبة، وبعدين اتغير المكان لميدان سوارس اللى فيه التمثال لغاية دلوقتى، وأزيحت الستارة عن التمثال فى 14 مايو 1940، وسنة 1938 هى برضه السنة اللى وافق فيها فاروق على الإفراج عن تماثيل سعد فى القاهرة وإسكندرية اللى عملهم مختار". فكرة الاكتتاب الشعبى كانت موجودة فى الخبرة المصرية، لكن الجديد كان حجم المشاركة الشعبية واتساعها. جوابات الشعب للتبرع تمثال النهضة وقال عماد أبو غازى "دى شوية جوابات بتورى شعور الناس وقتها بالتمثال وتعبيره عنهم، للأسف ما عنديش صور الجوابات، لكن نصوصهم موجودة فى كتاب بدر الدين أبو غازى، المثال مختار، نقدر نعرف من الجوابات الروح اللى كانت موجودة بين الناس ونفهم أزاى قدروا يجمعوا الفلوس بسرعة. الجواب الأول: "إننى رجل فقير جدًا، أشتغل بهندسة السكة الحديد الأميرية بوظيفة فاعل، ويوميتى 70 مليمًا، ومتزوج بيتيمة الأب، وأم زوجتى تبيع ترمسًا، ولى شغف بقراءة الصحف عن عهد النهضة المصرية الأخيرة، بينما كنت جالسًا أقرأ جريدتكم الغراء بكيت بكاء شديدًا، فسألتنى زوجتى عن سبب بكائى فأخبرتها عن التبرع لتمثال نهضة مصر، ولم يكن معى نقودا أتبرع بها خلاف 200 مليم، فقالت زوجتى: إنها تتبرع بمائة مليم أيضًا، وقالت أمها مثلها، وكذلك فعل أخوها وعمره 15 سنة، أما أختها البالغة من العمر 13 سنة فقالت إنها لا تملك إلا 50 مليمًا فتبرعت بها، ولى طفل عمره سنة ونصف كانت أمه وفرت له 50 مليمًا فأحضرتهم، فأصبح المجموع 600 مليما، فأرجوكم أن تتقبلوا منا هذا المبلغ القليل لتوصيله إلى أمين صندوق تمثال نهضة مصر، وتتوسطوا فى قبوله ونكون لكم من الشاكرين، هذا وإنى أدعو جميع الفعلة زملائى فى الزقازيق وخلافها وأدعو أيضا جميع العمال للتبرع لتمثال نهضة مصر لنتسابق مع أسيادنا الأغنياء زادهم الله من فضله الشحات إبراهيم الكيلانى الفاعل بهندسة السكة الحديد بالزقازيق" جواب ثانى من تلميذ فى مدرسة خليل أغا الابتدائية، قال فيه: "إن والدى يطلعنى على ما كتب بجريدتكم بشأن نابغة مصر، وهو سيدى محمود مختار لأعلم أن النبوغ أكثر ما يكون من الطبقات التى أنا منها فأبذل جهدى لأكون عظيمًا، وإن المدح الذى كنت أسمعه من والدى لهذا النابغة جعلنى أحبه حبًا لا مزيد عليه، واليوم علمت دعوتكم إلى الأمة المصرية، لتكتتب بمبلغ يدفع ثمنًا لتمثال نهضة مصر الذى أجاد إتقانه سيدى مختار ويكون ذلك مكافأة لذلك النابغة وبرهانًا على شعور الأمة الحى، وبما أنى أرجو أن أكون رجلًا حيًّا فقد أردت أن أفتتح حياتى بالاشتراك فى هذا الاكتتاب المقدس بنصف ما أملك وهو خمسة وعشرون قرشًا، وأقسم بوطنية مختار، وإنه لقسم كما تعلمون عظيم، إنى لو كنت أملك مئات الجنيهات لاكتتبت بنصفها ولكن ما باليد حيلة. مصطفى كمال التميمى جواب ثالث من متبرعة مصرية، قالت فيه: "سيدى الفاضل مدير الأخبار إن المرأة المصرية التى كانت لها يد تذكر فى تشجيع النهضة الوطنية فى مصر لا تستطيع أن تحجم عن البذل فى سبيل إقامة تذكار يخلد ذكرى هذه النهضة، ولا شك فى أن السيدة برهنت فى الحركة الأخيرة على مبلغ شعورها بالواجب وإدراكها لمعنى التعاون، لا شك فى أنها ستقوم بتأدية ما هو مفروض عليها لتنفيذ هذا المشروع الجليل الذى سيكون شاهدًا على أن المصرى والمصرية متكافئان فى تقدير الواجب وتشجيع العاملين، وإنى أرسل إليكم مع هذا خمسة وعشرين جنيهًا آملة أن يكون ذلك فاتحة اكتتاب كبير تقوم به سيداتنا العاملات حتى تبرهن المرأة المصرية مرة أخرى على أنها لا تتردد فى الاشتراك فى كل ما يعود على مصر بالنفع والخير. حرم حسن الشريف" النموذج الأخير رسالة من بعض أهالى كفر معوض بالشرقية، قالوا فيها: "نحن المتبرعين بهذا (1 جنيه و650 مليما) فقراء كفر معوض، بندر الزقازيق، نتقدم إلى أغنياء الزقازيق طالبين منهم مشاركتنا فى الاكتتاب لتمثال نهضة مصر، حتى نكون قد تساوينا بغيرنا من البلدان الأخرى، ولهم الشكر مقدمًا". أشكال الدعاية للتمثال ولحملة الاكتتاب الشعبى لإقامته كانت كتيرة، مش بس الكتابة فى الجرايد والمجلات، إنما اخدت أشكال تانية كمان؛ وكان من بين أشكال الدعاية طباعة كروت بوستال عليها صورة النموذج الأول للتمثال لتشجيع الناس على الاكتتاب. حصيلة الاكتتاب الشعبى وصلت مبلغ 6500 جنيه، وبمقاييس وقتها ده مبلغ كبير، كان كافى للبداية فى الشغل رغم إنه ما كانش يكفى العمل كله. واتشكلت لجنة لإقامة التمثال برئاسة حسين باشا رشدى وعضوية ويصا واصف وواصف غالى والدكتور حافظ عفيفى ومحمد محمود خليل وعبد الخالق مدكور وفؤاد سلطان وعبد القوى أحمد وأمين الرافعي؛ ووافقت اللجنة على رغبة مختار فى نحت التمثال فى حجر الجرانيت الوردى بدل ما يشكله بالطين ويصبه بالبرونز، كانت الفكرة جديدة وجريئة، لكن مختار كان عاوز يحيى بيها تقاليد فن النحت المصرى القديم. تصريح بتشييد تمثال نهضة مصر قال عماد أبو غازى، "فى 25 يونيو 1921 وافق مجلس الوزراء على طلب اللجنة بالتصريح بتشييد التمثال من الجرانيت فى ميدان باب الحديد، مع تولى وزارة الأشغال العمومية الإشراف على إنشاء قاعدة التمثال وإقامته عليها، ورصدت الحكومة مبلغ 3000 جنيه لقطع الأحجار ونقلها من أسوان للقاهرة، ولما خلص المبلغ المخصص نجح وأيصا واصف فى شهر يوليو سنة 1924 إنه يأخد موافقة البرلمان على تخصيص مبلغ 12000 جنيه لاستكمال التمثال، وكان ده فى عهد حكومة الشعب اللى ترأسها سعد زغلول، وفى برلمان كان للوفد المصرى فيه أغلبية كاسحة، لكن العمل فى التمثال اتعرض فى فترات حكومة الانقلاب الدستورى الأول للتعطيل أكتر من مرة بحجج مختلفة، وما اكتملش العمل فيه إلا لما جت حكومة الائتلاف بين الوفد والأحرار الدستوريين. وأوضح عماد أبو غازى، "الحقيقة إن مش كل الناس كانت بتأييد فكرة التمثال ومعجبة بيه، فيه كتاب زى عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني، كانت لهما انتقاداتهما على جوانب فنية فى التمثال، انتقادات العقاد كانت على النموذج اللى قدمه مختار فى فرنسا علشان فيه ملامح أوروبية، فى الوقت اللى أشاد فيه بالتمثال اللى تم تنفيذه بالفعل واللى عالج فيه مختار جوانب الانتقاد اللى وجهها العقاد وغيره للنموذج الأول؛ أم انتقادات المازنى فتحولت لمساجلة على صفحات الجرائد بين مختار والمازنى، واخذت طابع الحوار الساخر، اللى وجه خلاله المازنى انتقادات حادة للعمل من الناحية التشكيلية، ومن الناحية الرمزية، ونشر بدر الدين أبو غازى المساجلة فى كتابة الثانى عن مختار، اللى عنوانه "المثال مختار"، واللى صدرت طبعته الأولى سنة 1964. وأشار عماد أبو غازى، "مرت 8 سنين بين عرض مختار تمثاله للمرة الأولى فى باريس فى مايو سنة 1920 وإزاحة الستار عنه فى 20 مايو سنة 1928، 8 سنين مليانين معارك طويلة مع البيروقراطية اللى أعاقت العمل فى التمثال، ومعارك مع الساسة المؤيدين لاستبداد الملك فؤاد، لان تمثال النهضة كان تعبيرًا عن ثورة الشعب، وكان فى الوقت نفسه ثورة فى القيم الفنية. وأضاف عماد أبو غازى، "مصر تعرفت ماثيل الميادين والجناين من أيام الخديوى إسماعيل، لكن كلها كانت بأيدين نحاتين أوروبيين، وكانت تماثيل لأسرة محمد على وكبار رجال دولتهم، أو تماثيل الأسود الأربعة اللى زينت كوبرى قصر النيل، فكان تمثال النهضة أول تمثال ميدان ينحته مصرى فى العصر الحديث، يرمز به لثورة الشعب، ويختار الفلاحة المصرية علشان تكون رمز النهضة، وكان الاختيار ده فى حد ذاته ثورة على قيم الدولة المصرية الحديثة اللى أسسها محمد علي، وانتزاع لجزء مهم من الفراغ العام لصالح الشعب، وكان اختيار ميدان باب الحديد، اللى يعتبر مدخل القاهرة الرئيسى للى جايين من الوجهة البحرى أو الوجه القبلى تحدى للسلطة، وإذا كان رفض تجسيد الفلاحة للنهضة فضل فى نفوس الملك والموالين له ما بيعلنهوش بوضوح، لكن محاولة إبعاد التمثال عن مكانه المختار تكررت أكتر من مرة، لكن توازن القوى كان فى صالح مختار وتمثاله، وانتهى الأمر برضوخ الملك فؤاد وتحديد ميعاد لإزاحة الستار عن التمثال أثناء تولى مصطفى النحاس رئاسة الحكومة الائتلافية بين الوفد والأحرار الدستوريين، ولما اتغيرت موازين القوة بعد 1952 تم نقل التمثال من مكانه الأصلى للمكان الحالى وحطوا مكانه تمثال رمسيس. الإشارات والدلالات فى تمثال نهضة مصر وأكد عماد أبو غازى "التمثال كان فيه مجموعة من الإشارات والدلالات المهمة؛ مختار اختار الفلاحة رمز للثورة، اللى اعتبرها نهضة أو بعث لروح الشعب، واستخدام المرأة رمز لثورات الشعوب أمر متكرر، لكن الرمزية دى لها دلالتها اللى تبرتبط بالانتقال للعصر الحديث بثوراته وقيمه اللى بتكون نتيجة لصعود الطبقات الوسطى فى المجتمع. وأضاف عماد أبو غازى، "فيه 3 عناصر مهمة فى حركة الفلاحة؛ أولها حركة الإيد الشمال اللى بتقوم فيها الفلاحة بإزاحة الطرحة عن وشها، ورغم أن الفلاحة المصرية ما كانتش بتحجب وشها، لكن ممكن نربط ده بالتحول فى ستات الطبقات العليا فى المجتمع اللى تخلصوا من اليشمك فى سياق المشاركة فى الحراك الثورى، وثانيها نظرة الفلاحة المتطلعة للمستقبل، وثالثها حركة الإيد اليمين اللى تبدو كما لو كانت تستنهض "أبو الهول" اللى بيرمز للماضى البعيد، مختار لجأ لفكرة رمزية مشابهة للفكرة اللى استخدمها سافان فى تمثال مصطفى كامل، لما خلى مصطفى كامل مسنود على راس تمثال مصرى قديم، لكن مختار طور الرمز فى تمثال النهضة لما اختار "أبو الهول" بدلالاته، وصوره فى حالة توثب للنهوض بفعل حركة الفلاحة اللى بتحفزه للقيام من الرقاد؛ هنا الثورة بتستدعى الماضى اللى عرفت فيه مصر حضارة كبيرة، كان المصريين من فترة قبلها بدأوا يتعرفوا عليها مع فك رموز الهيروغليفية وتوالى الكشوف الأثرية، وإنشاء أول متحف للآثار فى سنة 1835، كوان المصريين فى أواخر القرن التسعتاشر وبدايات القرن العشرين بيعيدوا صياغة هويتهم، وكان تمثال نهضة مصر لمختار انعكاسً لهوية الجديدة اللى بتتشكل، وفى الوقت نفسه كان واحد من أدوات تشكيلها. وأضاف عماد أبو غازى، تمثال نهضة مصر كان ميلاد جديد لمختار، قدمه للمصريين على إنه اللى بيعبر عن ثورتهم وتطلعهم للمستقبل، وسعيهم لتحقيق الحداثة اللى ما بتتحققش، واللى سموها النهضة، فأصبح مختار بمعنى من المعانى زى ما وصفوه "رمزًا من رموز الوطن، وزعيم من زعماء الأمة". ولفت عماد أبو غازى، كمان كان الالتفاف الشعبى حولين التمثال/الرمز بداية لعلاقة جديدة بين المصريين والفنون التشكيلية، أو زى ما كانوا بيسموها وقتها "الفنون الجميلة"، التمثال حول فن النحت لفن جماهيرى بيشغل عموم الناس زيه زى الأغنية. مختار ترجم الثورة فى منحوتة رمزية، التف حوليها الشعب بكل طوايفه، وبسرعة أصبح التمثال شعار لعدد من الهيئات والشركات والمؤسسات فى مصر، ولسه هيئات كتيرة واخداه شعار لها، فى صورته الصريحة الكاملة أو فى صورة مقطع من التمثال، أو فى شكل مجرد، زى: الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ومجموعة شركات نهضة مصر للنشر والبنك الوطنى المصرى والمجلس القومى للمرأة وحزب المحافظين، كمان صورة التمثال استخدمت صورة على الفلوس، وأصبح اسم "نهضة مصر" اسم تجارى والتمثال علامة تجارية، كمان دخلت صورة التمثال ضمن إعلانات المنتجات الصناعية المصرية الجديدة، وللترويج للمنتجات الأجنبية، كمان ظهر التمثال فى الصور الفتوغرافية والأعمال الفنية أحيانا من باب السخرية. وظهر فى بعض الأعمال الشعبية، فانتشرت نماذج صغيرة من الجبس الملون للتمثال، واستخدموه حلية على الأبواب المعدنية، وحلية لغطيان القلل. واتحول موقع العمل فى التمثال لملتقى للفنانين والكتاب والساسة. لكن أبرز هذه الزيارات كانت تلك التى قام به مجموعة من الساسة على راسهم سعد زغلول وحسين رشدى وويصا واصف لموقع العمل فى التمثال، موقع التمثال بقى عنوان بريدى للمراسلات.




















































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;