سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13أكتوبر 1973.. أمريكا تبدأ «الجسر الجوى» لنقل المعدات العسكرية إلى «تل أبيب» بعد إلحاح جولدا مائير والخوف من نهاية إسرائيل

تواصلت المعارك منذ 6 أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية ضد إسرائيل، وفيما بدأ الاتحاد السوفيتى تزويد سوريا ومصر بالأسلحة والمعدات، طورت أمريكا خطتها لنقل أكبر كمية من سلاحها إلى إسرائيل فى أقصر وقت، حسبما يؤكد المشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات الجيش المصرى أثناء الحرب، ووزير الدفاع فيما بعد، مؤكدا فى مذكراته «حرب أكتوبر 1973»، أن ذلك تطلب قرارا بإنشاء «جسر جوى» بدأ نشاطه يوم 13 أكتوبر «مثل هذا اليوم 1973»، ويشير إلى بذل كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية جهدا كبيرا للوصول إلى هذا القرار الذى جاء بعد نداء عاجل من جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل لأمريكا صباح الثلاثاء 9 أكتوبر، وفى المساء تلقت إسرائيل ضمانا بتعويضها عن خسائرها، وانطلاقا من هذا الضمان، أخذت تبدى عدم اهتمام بما تستهلكه من عتاد حربى». يكشف اللواء أركان حرب طيار هشام الحلبى، قصة هذا «الجسر الجوى» لجريدة الأهرام فى ملفها «أسرار الجسر الاستراتيجى بين أمريكا وإسرائيل» المنشور يوم 11 نوفمبر 2014، ويعتمد على قراءته لرسالة دكتوراة إسرائيلية عن إدارة أزمة الإمدادات فى إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، وكتاب لقائدى طائرة استطلاع قاما بمهمة يوم 12 أكتوبر 1973، ودراسة لقائد أول طائرة شحن أمريكية عملاقة من طراز «سى 5 تصل إلى إسرائيل». يؤكد «الحلبى» هذه العملية عرفت باسم «نيكل جراس»، وتتكون من جسرين، أحدهما الجسر الجوى الشهير الذى نقل إلى إسرائيل حوالى 22 ألفا و500 طن من الأسلحة النوعية المتطورة فى 32 يوما، والثانى هو الجسر البحرى الذى يعد الأضخم من حيث حجم المعدات والأسلحة الثقيلة، حيث نقل 63 ألف طن أخرى، وتدفقت هذه المساعدات بعد يوم واحد من بداية الحرب بشكل غير رسمى، حيث تم شحن 200 طن من الإمدادات يوم 7 أكتوبر فى مهمة رسمية وفى طى الكتمان، ثم بدأت عملية «نيكل جراس» فى التنفيذ بشكل غير رسمى من 13 أكتوبر إلى 14 نوفمبر 1973. يذكر «الحلبى»، أن مرحلة التخطيط الفعلية لعملية «نيكل جراس» بدأت باقتراح من «مجموعة العمل الخاص لإنقاذ إسرائيل» مع تأزم وضع «تل أبيب» فى الحرب، وإلحاح جولدا مائير، والتوتر على وجه السفير الإسرائيلى فى واشنطن، والخوف من انهيار دولة إسرائيل تماما، فضلا عن أن أمريكا لا يمكن أن تسمح بتفوق أجيال قديمة من السلاح الروسى فى قبضة الجيش المصرى، وهو ما بدا فى اتخاذ خطوات متسارعة نحو الشحن والتفريغ، ويؤكد «الحلبى»، أن «مائير» طالبت الرئيس الأمريكى «نيكسون» بتعويض إسرائيل بطائرة فانتوم مقابل أى طائرة تسقط من سلاح الجوى مما شكل عائقا كبيرا، فحتى مصانع «لوكهيد» أو غيرها لا يتوفر فيه هذا العدد من الطائرات التى يمكن أن تعوض إسرائيل طائرة بطائرة»، ويؤكد الحلبى، أن خسائر إسرائيل بلغت 50 طائرة فانتوم يوم 9 أكتوبر». ويكشف، أن «مجموعة العمل الخاص» اقترحت سحب طائرات من أسراب سلاح الجو الأمريكى مباشرة لتلبية اقتراح «طائرة بطائرة»، وكان ذلك خطيرا على أمن أمريكا فى تلك اللحظة الفاصلة، لكن الرئيس الأمريكى وافق بضغوط اللجنة، على أن تحذف علامة الجيش الأمريكى من الفانتوم التى سيتم سحبها، ووضع علامة الجيش الإسرائيلى بدلا منها، ويؤكد الحلبى أن هذا القرار ربما لايعرف الرأى العام الأمريكى حقيقته الكاملة حتى الآن. واجهت «اللجنة» مشكلة صعبة حول طريقة شحن المعدات، وتم رفض اقتراحا بأن تقوم طائرات شركة العال بالشحن، وكانت إسرائيل هى من أبدت قلقها حول ذلك، كما تم رفض اقتراح بأن تحملها طائرات الخطوط الأمريكية خوفا من المقاطعة العربية، وبالتالى استقر الرأى على النقل من واشنطن مباشرة إلى تل أبيب بإمكانات القوات الجوية الأمريكية، وتم التغلب على مشكلة التزود بالوقود بالهبوط فى ألمانيا والبرتغال، ووافقت حكومة الدولتين على ذلك، بينما رفضت معظم الدول الأوروبية، ويؤكد «الحلبى» أنه تم التغلب على المشاكل الفنية واللوجستية، وكذلك عملية تأمين الطائرات التى تحمل هذه المعدات، وهى تدخل الأجواء المصرية الصعبة، خاصة أنها ستدخل منطقة عمليات عسكرية شائكة تشارك فيها مصر كل من «الجزائر وليبيا» من ناحية البحر المتوسط، ومن ثم قامت القوات الأمريكية بتأمين خط السير على نحو يكون بعيدا من ناحية البحر قرب الدول العربية المشاركة مع مصر فى الحرب، من خلال طائرات مقاتلة تصاحب طائرات الشحن «سى 5 وسى 141»، يزيد على ذلك أنهم أمنوا الجسر أيضا بطائرات من الأسطول السادس الأمريكى فى البحر المتوسط بطائرات ترافق تلك الطائرات، رغم بعدها عن الأجواء المصرية العربية. وهكذا هبطت طائرة أمريكية كل 15 دقيقة على أرض المطار، نقلت خلالها أكثر من 22 ألف طن من الإمدادات العسكرية النوعية والدقيقة.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;