بعد تصريحات الحبيب الجفرى.. أساتذة فلسفة وفقه إسلامى يؤكدون: الجنة ليست حكرا على المسلمين.. وآمنة نصير: الله من يفصل بين الناس.. أشرف منصور: يكسر شوكة التيارات المتعصبة.. أحمد سالم: يقدم وجه مسامح للإ

فى الوقت الذى اعتادنا فيه خروج بعض الداعية، مشايخ الدعوة السلفية، بتصريحات تكفير لغير المسلمين، وتحتكر الجنة، لمن هم على فكرهم وآرائهم، كان الداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى، يقف على الصف الآخير من تلك الدعاوى، بعدما صرح خلال الأيام الماضية، إنه غير صحيح أن كل من هو ليس مسلم لن يدخل الجنة، لأن الله قال لا يعذب قوم حتى يبعث رسول، وأن هناك من لم يصلهم الدين بشكل صحيح. وأضاف "الجفرى"، خلال محاضرته فى الندوة الدينية التى عقدت بجامعة حلوان: "بعض الناس يرون أن الإسلام هو أبو بكر البغدادى أو هو داعش، وهذا غير صحيح، وعلينا أن نصحح هذا، من الممكن أن نحاسب نحن المسلمين على عدم توصيل الرسالة الصحيحة والدين الصحيح لغير المسلمين". فى هذا السياق، استطلاعنا آراء عدد من أساتذة الفلسفة والفقه الإسلامى، حول هذه التصريحات، وما تمثله، فى ظل الحديث المتكرر عن ضرورية تجديد الخطاب الدينى. وقالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية، بجامعة الأزهر الشريف، إن كل شئ بميزان، وغير المسلم من الممكن أن يدخل الجنة بالتأكيد، طالما كان يوحد بالله، ويقوم بأعمال أخلاقية، ولا يؤذى الناس. وأضافت "نصير" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" أن الجنة والنار بيد صاحبها، وأن أعتبر من يعطى لنفسه حق الحديث فى هذا الأمر، سؤء أدب مع صاحب الحق الأوحد وهو الله تعالى، ولا أدرى لماذا يعطى الإنسان لنفسه حق، هو حق الله المنفرد. وتسألت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، هل شققت على قلوب الناس؟، هل وزنت على قلوب البشر وعلمت ما تخفى الصدور، ربما ظلمت شخصا، وقولت إنه يدخل النار، وهو من أهل الجنة. وأتمت الدكتورة آمنة نصير مشددة، أنا لا أحب أن يتدخل الإنسان فى أمر من أمور الأولوهية، فنحن ليس فى استطاعتنا ذلك، وهناك أمور بيد الخلق وحده، نحن نحسن الظن بالناس، ونعمل الخير و الصالح للناس، ثم نترك وزن الأمور ودخول الجنة والنار لصاحب الحق الأوحد فيها وهو الله سبحانه وتعالى. من جانبه قال الدكتور أشرف منصور أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، إنني أتفق مع علي الجفري في قوله إن غير المسلمين سيدخلون الجنة، لكنني لا أتفق معه في السبب الذي أورده لذلك، فقد قال إن هناك من لم يصلهم الدين بشكل صحيح، وأن الله قال لا يعذب قوم حتى يبعث رسولاً. ليس لهذا السبب سيدخل غير المسلمين الجنة، بل لأسباب أخرى كثيرة، منها قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة 62). وقوله أيضا: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (المائدة 69). وأوضح "منصور" معنى هذا أن كل هؤلاء سيدخلون الجنة لأنه "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، فليس شرطاً أن تكون مسلماً كي تدخل الجنة، فأصحاب الديانات الأخرى أيضاً سيدخلون الجنة حسب هاتين الآيتين، بل إن الصابئين الذين ليسوا أهل كتاب ينضمون إلى تلك الفئة التي لن يظلمها الله، وديانة الصابئة ليست سماوية، والله ليس بظالم حتى يدخل كل شعوب الأرض النار ويختص المسلمين وحدهم بالجنة، العدل الإلهي يقتضي أن يدخل كل الناس الجنة، والمقياس هو فعل الصالحات فقط بصرف النظر عن العقائد. لاحظ أن الآيتين تتحدثان عن "الذين آمنوا"، ولا تتحدث عن المسلمين. ففئة الذين آمنوا أوسع بكثير من المسلمين. ولفت الدكتور أشرف منصور، لكننى أتمنى ألا يكون الجفرى يقول هذا الكلام للاستهلاك الخارجي وللتصدير للغرب، فيجب أن يكون لكلامه مردود في الداخل، أى الاعتراف بأن المسيحيين سيدخلون الجنة أيضاً، مشددا أعرف أن البعض ينظر إلى علي الجفرى على أنه محسوب على بعض المؤسسات، لكن لا يجب أن يجعلنا هذا الكلام نبخس من قيمة ما يقوله، فما يقوله صحيح بالفعل، وهو يسهم في كسر شوكة التيارات الدينية المتعصبة وسحب البساط من تحت أقدامها، فهذه التيارات تدعى تمثيل الإسلام واحتكار التحدث باسمه، وامتلاك مفاتيح الجنة والنار في فاشية دينية واضحة جداً، أما حديث الجفري فهو ضد كل ذلك، ويجب تأييده. من جانبه استشهد الدكتور أحمد سالم أستاذ الفلسفة الإسلامية جامعة طنطا، بالآية الكريمة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" الحج/17، بأن الإيمان والجنة ليست قاصرة على المسلمين فقط. وأضاف "سالم" بأن الاعتقاد الدينى الشائع، بين أبناء الديانات الإبراهيمية، بأن كل وطائفة منهم هى الصح، لكن الله هو من يفصل فى النهاية بين جميع البشر، موضحا "الدين اختيار علينا، لا اختيا لنا". وأوضح أن البعض يركز على النقاط الذى بها اختلافات بين الأديان، والتى تؤدى إلى الصراعات، غافلين فكرة أن الأديان كلها للتقرب إلى الله، وأن الله فى القرآن، تحدث عن المسيحيين بعيدا عن التكفير، فى نصه تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" المائد (82). وتابع الدكتور أحمد سالم، أن تصريحات "الجفرى" الأخيرة، هى محاولة لتقديم وجه مسامح للإسلام، وهو أمر جيد، لكن المشكلة تكمن فى الشيوخ الآخرين الذين يقوموا بتقديم فتاوى وأراء تكفيرية، لذا من الأجدر عن الدخول فى تلك المناطق الحساسة والتى تؤدى إلى صراعات، ولنترك الجنة والنار، لصانعها وهو من يفصل بين البش يوم القيامة.








الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;