كيف وضع ترامب الرهائن بالخارج كأولوية دبلوماسية للانفتاح على خصومه؟.. اختيار أوبراين مستشارا للأمن القومى محاولة لتكرار إنجازه فى كوريا الشمالية مع إيران.. الرئيس الأمريكى يسعى لإحياء شعار "أمريكا أول

"لقد عملت مع أوبراين لوقت طويل.. قام بعمل رائع".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، أمس الأربعاء، فى إطار إعلانه عن ترشيح مستشاره الجديد للأمن القومى روبرت أوبراين، والذى جاء خلفا لجون بولتون، والذى أقاله ترامب قبل أيام، فى انعكاس صريح لخلافات حادة بينهما، حول التوجهات التى يتبناها كلا منهما فيما يتعلق بالملفات الشائكة، وعلى رأسها الأزمة الإيرانية، والقضية الكورية الشمالية، والتى انتهجت فيهما الإدارة سياسة تبدو مختلفة إلى حد كبير عن أسلافها، فى إطار سعى كافة الرؤساء السابقين لسياسة العزلة تجاه خصوم أمريكا المارقين لعقود طويلة من الزمن. إلا أن اختيار أوبراين، والذى شغل منصب المبعوث الرئاسى الخاص بشئون تحرير الرهائن فى وزارة الخارجية الأمريكية، يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت الأولويات الأمريكية تغيرت فى المرحلة الراهنة، فيما يتعلق بالقضايا العالقة مع الخصوم، وعلى رأسهم إيران، فى ظل حرب التصريحات القائمة فى الوقت الراهن بين مسئولى إدارة ترامب من جانب، والمسئولين الإيرانيين من جانب أخر، خاصة وأن عقيدة الرئيس الأمريكى تقوم فى الأساس على ارتباط المسئولين، بالأولويات المرحلية لإداراته، حيث يرتبط وجودهم فى المقام الأول بمهمة معينة، أو سياسة بعينها. دبلوماسية "السجناء".. ترامب يعيد إحياء شعار "أمريكا أولا" فلو نظرنا إلى اختيار بولتون نفسه قبل حوالى عام ونصف، فى منصب مستشار الأمن القومى، نجد أن الأمر ارتبط إلى حد كبير بالحملة التى شنها للضغط على طهران، فى ظل توجهات بولتون المناوئة لطهران، والتى بدأت بقرار الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، فى مايو من العام الماضى، أى بعد أقل من شهرين من تعيينه، وما تلا ذلك من إجراءات، شملت العقوبات الأمريكية المتواترة على الحكومة الإيرانية، والتى وضعتها فى مأزق حرج، بينما كان الرجل نفسه رسالة أمريكية، عبر إقالته، مفادها أن واشنطن مستعدة للحوار، لإنهاء الأزمة، خاصة وأن الخطوة الأمريكية جاءت بعد إشارات إيرانية تؤكد الاستعداد للتفاوض حول اتفاق جديد، بناء على طلب الرئيس الأمريكى، والذى يرى أن اتفاق أوباما ليس كافيا، فى ظل اقتصاره على الإمكانات النووية لإيران، فى حين تجاهل قضايا أخرى، وعلى رأسها استمرار تجارب الصواريخ الباليستية. إلا أن تقييد امكانات التسليح لدى طهران ليس الشرط الوحيد لترامب لإبرام الاتفاق الجديد، حيث أن هناك مطالب أخرى أعلنها الرئيس الأمريكى يوم الإعلان عن الانسحاب من الاتفاق النووى، والذى وقعته طهران مع القوى الدولية الكبرى فى يوليو 2015، وعلى رأسها الإفراج عن السجناء الأمريكيين القابعين فى السجون الإيرانية، وإعادتهم إلى بلادهم، وهو الأمر الذى انطبق من قبل على محادثاته مع كوريا الشمالية، حيث كان الإفراج عن السجناء الأمريكيين فى بيونج يانج، شرطا أمريكيا أساسا قبل القمة الأولى التى عقدها الرئيس الأمريكى مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون، وهو الأمر الذى قبله الأخير، ليقدم انتصارا مهما لترامب، ربما يحمل فى طياته أبعادا تتعلق بالداخل الأمريكى أكثر منه بما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، أو الملفات العالقة فيما بينهما، حيث كان ترامب وزوجته على رأس مستقبلى السجناء الأمريكيين القادمين من بيونج يانج، فى محاولة صريحة لإحياء شعار "أمريكا أولا"، والذى تسعى الإدارة لوضعه فى صدارة أولوياتها حتى فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وليس فقط على مستوى الداخل الأمريكى. مهمة محددة.. الإفراج عن سجناء واشنطن بطهران شرط التفاوض وهنا يمكننا القول بأن اختيار أوبراين لم يكن جزافيا، وإنما يرتبط هو الأخر بمهمة محددة، تتعلق فى الأساس بمستقبل السجناء الأمريكيين فى الدول الأخرى، وعلى رأسهم إيران، بحكم وظيفته السابقة كمبعوث خاص لشئون تحرير الرهائن الأمريكيين بالخارج، حيث يسعى الرئيس الأمريكى إلى تقديم رسالة صريحة لطهران، تؤكد إصراره على الإفراج عن السجناء الأمريكيين، إذا ما أرادوا العودة لمائدة التفاوض مع طهران، وهو الأمر الذى يبقى صعبا للغاية، على الأقل فى اللحظة الراهنة، فى ظل استمرار التصريحات العدائية، والتى يراها قطاع كبير من الخبراء بمثابة إنذارا لحرب محتملة. ولعل التحرك الأمريكى يعكس أولوية الإفراج عن السجناء الأمريكيين فى المرحلة الراهنة، باعتباره شرطا أمريكيا أساسيا للبدء فى أية مفاوضات مباشرة بين الجانبين، وهو الشرط الذى سبق وأن فرضه ترامب ليس فقط على خصومه الدوليين، ولكن أيضا حلفائه، حيث ساهم اعتقال القس الأمريكى أندرو برونسون فى تركيا، والتى تعد شريكا لواشنطن وحليفا لها فى إطار حلف شمال الأطلسى، فى توتر العلاقات بينهما بصورة كبيرة، إلى الحد الذى دفع الرئيس الأمريكى إلى فرض عقوبات على أنقرة، فى سابقة هى الأولى من نوعها من قبل واشنطن تجاه أحد حلفائها فى المنطقة. انتخابات 2020.. ترامب يسعى للتأكيد على مبدئه الانتخابى وترتبط أولوية الإفراج عن السجناء الأمريكيين فى الخارج إلى حد كبير بالانتخابات الرئاسية المقررة فى العام المقبل، خاصة وأن الرئيس الأمريكى قطع على نفسه عهدا فى حملته الأولى فى عام 2016، باستعادة مكانة واشنطن فى العالم، عبر إعطاء الأولوية للمواطن الأمريكى، وبالتالى فهو يبقى فى حاجة للتأكيد على هذا المبدأ تزامنا مع انطلاق حملته الانتخابية، والتى بدأت مبكرا بالجولات التى يقوم بها ترامب، فى العديد من الولايات الأمريكية فى المرحلة الراهنة، استعدادا لصراعه الانتخابى الشرس، مع الديمقراطيين. ارتباط مسألة السجناء بالانتخابات الأمريكية ليس جديدا بالنسبة للرئيس الأمريكى، حيث كان إنجازه بالإفراج عن سجناء أمريكا فى بيونج يانج، مرتبطا كذلك باقتراب انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، والتى خسر فيها الأغلبية لصالح الديمقراطيين، ولكنه نجح خلالها فى الاحتفاظ بأغلبية مجلس الشيوخ الأمريكى، وهو ما يمثل إنجازا كبيرا، ليس فقط لأنه الرئيس الأول الذى يستطيع الاحتفاظ بأغلبية إحدى غرفتى الكونجرس فى أول انتخابات بعد وصوله للكونجرس، ولكن أيضا لأن احتفاظه بأغلبية مجلس الشيوخ يدحض كافة محاولات الديمقراطيين لعزله، على خلفية قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، باعتباره الغرفة صاحبة الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بمثل هذا الإجراء.








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;