توماس جيفرسون.. كيف وضعت إيفانكا ترامب والدها فى صورة "أيقونة" الولايات المتحدة باستدعاء مشهد الأباء المؤسسين؟.. الخطاب المسيحى والحياد أهم ملامح الشبه مع ثالث رؤساء أمريكا..والإلحاد سلاح التشويه لدى

"محاطا بالأعداء والجواسيس الذين يلاحقون كل كلمة تخرج من فمى، أو يكتبها قلمى، لتأويلها بعيدا عن الحقيقة".. هكذا كتبت إيفانكا، نجلة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، مستشهدة برسالة كتبها ثالث رؤساء الولايات المتحدة توماس جيفرسون لابنته، مشيرا إلى خصومه الذين كانوا يتصيدون له الأخطاء للإطاحة به، فى مقاربة تسعى من خلالها لوضع والدها على قدم المساواة مع أحد أهم الرؤساء التاريخيين فى أمريكا، وأبائها المؤسسين. التغريدة تتزامن مع قرار مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية، بإقرار الإجراءات المتعلقة بعزل الرئيس الأمريكى، على خلفية مكالمته الهاتفية مع نظيره الأوكرانى، فلاديمير زيلنيسكى، حول شبهات فساد تورط بها نجل منافسه الديمقراطى المحتمل فى انتخابات الرئاسة المقبلة، والمقررة فى نوفمبر من العام القادم، جو بايدن. إلا أن مقاربة إيفانكا ربما لا تقتصر على العلاقة الخاصة التى جمعت جيفرسون بابنته، على غرار ترامب معها، أو الموقف السياسى الراهن لوالدها فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجهه، إنما يحمل اختيارها للرئيس الثالث للولايات المتحدة، العديد من الأبعاد، والتى تمتد إلى كونه من أباء أمريكا الذين لعبوا دورا رئيسيا فى صناعة المجد الأمريكى، والذى يسعى ترامب لاستعادته (بحسب شعار حملته الانتخابية فى 2016)، وكذلك إلى طبيعة الخطاب الإصلاحى الذى تبناه الرجل، خاصة فيما يتعلق بإنهاء نظام الرق، وحظر استيراد العبيد إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إطلاق قانون الحرية الدينية، وهو ما دفع خصومه إلى إطلاق الحملات السياسية التى كانت تهدف إلى تشويه سمعته، حتى وصل الأمر إلى اتهامه بالإلحاد، فى الوقت الذى كان الرجل يرى نفسه مدافعا عن المسيحية. الأيقونة الأمريكية.. جيفرسون ملهما لترامب تغريدة إيفانكا تمثل محاولة صريحة لاستدعاء أحد أهم المشاهد التاريخية فى الولايات المتحدة، والتى ساهمت فى صناعة "أيقونة" الحرية والديمقراطية فى العالم، حيث يبقى جيفرسون نقطة مفصلية فارقة فى التاريخ الأمريكى، باعتباره واضع قانون الاستقلال عام 1776، ولكنه بالرغم من ذلك واجه العديد من التحديات، والحملات التى استهدفت تشويهه، وهو الأمر الذى دفعها لوضع والدها فى نفس الدائرة، مع أحد "عظماء" التاريخ فى الولايات المتحدة، باعتباره "الملهم" له فى ظل تشابهات لا تقتصر على الظروف المحيطة بفترة حكم جيفرسون من ناحية، والإدارة الحالية من ناحية أخرى، والتى تمثل تغييرا جذريا، وانتقالا من حقبة إلى أخرى، ولكنها تمتد إلى تشابهات شخصية بين الرجلين وكذلك طبيعة الاتهامات الموجهة لكلا منهما. ولعل المفارقة المثيرة للملاحظة أن جيفرسون كان جمهوريا ملتزما، بينما سعى لإبعاد واشنطن عن العديد من الصراعات الدولية، حيث تبنى موقفا محايدا من العديد من القضايا التى أثيرت فى حقبته، وعلى رأسها الحروب الفرنسية البريطانية حول كندا، بالإضافة إلى سعيه إلى إنهاء الاستعباد وتجارة الرقيق فى البلاد، باعتباره مخالفا للقواعد المسيحية، والتى تمثل أساسا للمرجعية التى دائما ما يستند إليها ترامب فى خطاباته، ورؤيته تجاه العديد من القضايا فى الداخل، وأبرزها قضية الإجهاض، والتى تسعى الإدارة الحالية إلى حظرها، إلا فى حالات محدودة، تدور فى معظمها حول ما يتعلق بإنقاذ حياة الأم. مواقف مشابهة.. الدين سلاح الديمقراطيين التشابه الكبير بين مواقف جيفرسون وترامب لم تقتصر على الداخل، وإنما امتدت إلى الصراعات الدولية، حيث سعى كلا منهما للنأى ببلاده بعيدا عن الانغماس فيها، والاحتفاظ بالنهج المحايد، بينما وضعا على خطاباتهما وقوانينهما صبغة "مسيحية"، ليواجها فى الوقت نفسه اتهامات بالإلحاد، وتأجيج الإرهاب، من قبل الخصوم، فى محاولة لتشويه صورتهما أمام الرأى العام الأمريكى. فلو نظرنا إلى مواقف خصوم ترامب، نجد أنهم طالما حاولوا ملاحقته عبر نفس الاتهامات، وعلى رأسها التشكيك فى ديانته المسيحية، وهو ما تجلى بوضوح إبان جنازة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش، عندما امتنع ترامب وزوجته ميلانيا عن ترديد "قانون الإيمان"، أثناء الصلاة، فى الوقت الذى حرص فيه الرؤساء الأخرين، وعلى رأسهم باراك أوباما، والذى تردد الحديث كثيرا عن أصوله المسلمة إبان حقبته الرئاسية، على ترديده بصوت عال، حيث خرج أحد الإعلاميين الأمريكيين، ويدعى جون زيجلر، بقوله حينها "يبدو أمرا عجيبا أن باراك أوباما (المسلم) يحفظ قانون الإيمان، بينما دونالد ترامب (البطل الإنجيلى) لا يعرفه بل وحتى لم يكلف نفسه بقراءته." ولم تتوقف محاولات التشكيك فى "إيمان" ترامب المسيحى، على الخصوم فى الداخل، وإنما امتدت إلى بعض الأصوات المعارضة لسياساته، فى الخارج، حيث سبق لبابا الفاتيكان فرنسيس بأن وصفه بأنه "غير مسيحى"، وذلك خلال حملته الانتخابية الأولى، بسبب موقفه المناوئ للهجرة، بينما حاول الرئيس الأمريكى مع بداية حقبته تفادى الصدام، مع الكنيسة الكاثوليكية، عبر زيارتها فى أول جولة خارجية له، شملت مقر الديانات الثلاثة (السعودية وإسرائيل والفاتيكان)، فى إشارة لسعيه نحو التقارب مع الجميع. الحياد العسكرى.. تغريدة إيفانكا لا تبتعد كثيرا عن الدعاية الانتخابية، والتى تقوم فى الأساس على استكمال الطريق نحو "أمريكا العظيمة"، والتى بدأ عبر حملته الانتخابية الأولى، والتى حملت شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، حيث أنها تهدف فى الأساس لوضع والدها باعتباره امتداد للطريق الذى بدأه الأباء المؤسسين للولايات المتحدة، وهو الأمر الذى لا يقتصر على الداخل الأمريكى، وإنما يمتد كذلك لسياسات واشنطن الخارجية، والتى جعلت الأولوية لديها لحماية الأمن الأمريكى، بعيدا عن سياسة التدخل فى الصراعات الدولية، فيما عرف بسياسة "الحياد". ولعل القرار الأمريكى بالانسحاب العسكرى من سوريا، والتخلى عن الحلفاء من قوات ما يسمى بـ"التحالف الدولى" دليلا دامغا على النهج الأمريكى الجديد، بعد عقود من الانغماس فى الصراعات العسكرية، ربما ليرد صاع الحرب العالمية الثانية، عندما ورطته المخابرات البريطانية فى تلك المعركة عبر نشر أخبار مغلوطة حول نية الولايات المتحدة الهجوم على الأسطول اليابانى فى المحيط الهادئ، مما دفع القوات اليابانية إلى ضرب الأسطول الأمريكى "بيرل هاربر"، مما أدى إلى مقتل أكثر من 2400 جندى أمريكى لتتكبد الولايات المتحدة واحدة من أكبر الخسائر العسكرية فى تاريخها، لتنضم بالفعل إلى قوات الحلفاء فى ديسمبر 1941، أى بعد أكثر من عامين من بداية الحرب، لتكون بمثابة البداية فى سلسلة من الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة باعتبارها القائد للمعسكر الغربى، مازالت لم تنته حتى الآن.










الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;