"لوترى الكريسماس".. مسابقة أسبانية بقيمة 4 ملايين يورو تتزامن مع احتفالات عيد الميلاد.. وترفع شعار "الجائزة الكبرى هى المشاركة".. فلسفتها تحقيق التواصل بين الأهل والجيران.. وجذورها التاريخية مأساوية (

على الرغم من أن احتفالات أعياد الميلاد تزخر بالعديد من المفاجآت التى تبدو مثيرة، فى دول الغرب، إلا أن جائزة "لوترى الكريسماس" فى إسبانيا تبقى الأكثر إثارة فى العالم، فى ظل العديد من التفاصيل، والتى لا تقتصر على قيمة الجائزة، والمعروفة باسم "الجوردو"، والتى تصل إلى 4 ملايين يورو. فعاليات "لوترى الكريسماس" لا ترتبط بالموسم الاحتفالى، حيث تبدأ قبل بعدة أشهر، حيث يتم بيع التذاكر منذ شهر يوليو من كل عام، بينما يتم الإعلان عن الجائزة فى 22 ديسمبر من كل عام، وبالتالى فإن الحدث الترفيهى، يبقى حديث المدن الأسبانية فى معظم أوقات العام. ولكن لمعرفة الحدث، الذى يعد أحد أكثر الأحداث إثارة فى أوروبا بأسرها، يجب معرفة بعض التفاصيل التى تبدو هامة للغاية: الجذور التاريخية على الرغم من أن الحدث يبدو احتفاليا، ومبهجا، إلا أن جذوره ليست كذلك، حيث كانت أول مسابقة "لوترى" للاحتفال بالكريسماس فى عام 1812، حيث سنتها الحكومة الأسبانية آنذاك لتمويل القوات التى كانت تحارب ضد جيوش فرنسا بقيادة نابيليون بونابرت، وبالتالى فهى ترتبط تاريخيا بحقبة الصراعات الأوروبية، إبان التنافس البريطانى الفرنسى للسيطرة على العالم. أساسيات المسابقة تقوم المسابقة على بيع تذاكر مرقمة، تبلغ قيمة الواحدة منها 200 يورو، إلا أن طريقة توزيع التذاكر تبدو مختلفة، حيث أنه لا يقوم شخص واحد بشراء التذكرة، ولكن يتم تقسيمها إلى 10 تصميمات، تحمل نفس الرقم، وبالتالى يقوم بشرائها 10 أشخاص قد يكونوا من عائلة واحدة أو حتى من نفس البلدة، كما يتم طباعة أكثر من تذكرة بنفس الرقم، وبالتالى فإن الرقم الفائز يتشارك به أعداد كبيرة ممن يحملونه. وهنا تبدو القيمة الحقيقية للمسابقة فى المشاركة بين أفراد مجتمع واحد، سواء كانوا عائلات أو جيران فى نفس البلدة، حيث تبقى المسابقة وسيلة حيوية للتواصل بين الأقارب والجيران، ليس فقط فى موسم "الكريسماس"، ولكن لفترة طويلة من العام، منذ بداية طرح التذاكر فى شهر يوليو من كل عام. مسابقة "لوترى الكريسماس" تقوم فى الأساس على توزيع المكسب على أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وهو ما يجد مرجعيته فى شعارها "الجائزة الكبرى هى المشاركة". أبرز المفارقات فى عام 2012، اشترى جميع سكان بلدة سوديتو الصغيرة، والتى يتواجد بها 70 أسرة، رقما واحد، فى "لوترى الكريسماس"، ماعدا شخص واحد، وهو المخرج اليونانى كوستس ميتسوكايس، ربما لظروفه المالية الصعبة، وكان هذا الرقم هو الفائز، لتحصل كل أسرة على أكثر من 100 ألف يورو. وعلى الرغم من أن ميتسوكاتيس كان سئ الحظ للغاية، إلا أن أحد أفراد القرية ساهم فى الحفاظ على بعض أراضيه التى كان يملكها فى البلدة، بعدما كان بصدد بيعها. لحظة الحسم وتأتى لحظة الحسم فى صباح يوم 22 ديسمبر من كل عام، حيث يتم الاختيار من قبل مجموعة من الأطفال، هم فى الواقع الذين يكرمون الفائز، حيث توضع الأرقام فى كرات صغيرة من الخشب، بينما يتم الاختيار بينها من قبل أحد الأطفال المتواجدين على خشبة المسرح، ليرفع الرقم الفائز بيد، بينما قيمة الجائزة باليد الأخرى، وسط احتفالات كبيرة بين الحضور. ولكن من هم الأطفال الذين يختارون الفائزين؟ أطفال مدرسة سان إلديفونسو، هم من تقع على عاتقهم تلك المسئولية، على المسرح الوطنى فى مدريد، وهو ما يمثل تقليدا سنويا، منذ أن كانت تلك المدرسة دارا للأيتام، وهو ما يرجع إلى أسطورة تاريخية تداولتها الأجيال، تقول إن الأيتام، يوما ما، سوف يشقون طريقهم في شوارع مدريد وهم يغنون أغاني عيد الميلاد.