نطاق الإعفاء من العقاب فى جرائم الاعتداء على المال العام والغدر؟.. المشرع حدد الإعفاء على الشريك غير المحرض.. واشترط فى الاستفادة من الإبلاغ رد المال موضوع الجريمة.. وخبير يوضح من له حق الاعفاء من عدم

يفترض الحديث عن موانع العقاب أن هناك جريمة وقعت وأن الجاني يستحق عقوبتها، ولكن المشرع مع ذلك رفع العقاب عنه لعلة خاصة يري معها أن رفع العقاب أولي من إنزاله عليه وهذا ما حدده المشرع في المادة 118 مكرر "ب" من قانون العقوبات، إذ أعفى الجانى من العقاب إذا أبلغ أو أخبر عن أحد جرائم المال العام المنصوص عليها فى الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات. ولكن فى الحقيقة قصر أو حدد المشرع الإعفاء على الشريك غير المحرض، فدل بذلك على انحسار الإعفاء عن الفعلة والشركاء المحرضين على الجريمة ومن ثم يستفيد من الإعفاء فحسب الشركاء بالاتفاق والمساعدة وهي سياسة تشريعية يراها البعض فيها نظر إذ لا مبرر في إيثار هؤلاء بالإعفاء دون الفعلة والشركاء المحرضين. نطاق الإعفاء من العقاب في جرائم الاعتداء على المال العام في التقرير التالي، يلقى "انفراد" الضوء على إشكالية تشغل المتهمين في جرائم الاعتداء على المال العام والغدر، تتمثل تلك الإشكالية فى السؤال ما هو نطاق الإعفاء من العقاب في جرائم الاعتداء على المال العام والغدر؟ ومن الذى حدده المشرع فى الاستفادة من الاعفاء مع تعدد المتهمين أو فى ظل اكتمال أركان القضية بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق. نص المشرع فى المادة المذكورة على أنه: "يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب كل من بادر من الشركاء فى الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها، وقبل اكتشافها ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها، ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113، 113 مكرراً إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة". تطبيقات محكمة الجنايات ولقد سبق وأن عُرض على محكمة الجنايات واقعه أعترف فيها موظف بأحد شركات القطاع العام على اختلاسه أموال الشركة مع أخرين وتمسك بإعفائه من العقاب غير أن محكمة الجنايات رفضت اعفائه وحكمت بإدانته، لأنه فاعل لجريمة الاختلاس وليس شريك بالاتفاق ولا المساعدة، فطعن بالحكم أمام محكمة النقض التي رفضت الطعن. رأى محكمة النقض في الأزمة وأكدت محكمة النقض فى الطعن رقم 16466 لسنة 60 جلسة 1992/01/15 س 43 ع 1 ص 130 ق 10 سالف الذكر أنه: "من المقرر أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسير على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بوصفه مختلسا للمال محل الجريمة والمملوك للشركة التى يعمل بها وهى إحدى شركات القطاع العام ورد على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 18 مكرراً "ب" من قانون العقوبات بقوله: لماذا اعفاء هذا المتهم من العقوبة فى غير محله؟ "أما بخصوص الإعفاء من العقوبة الذى يطالب به الدفاع عن هذا المتهم فهو فى غير محله، ذلك أن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 118 مكرراً "ب" عقوبات لا يسرى في حقه إذ لا يتمتع به لا الفاعل الأصلي للجريمة ولا الشريك المحرض في جريمة - المادة 112 عقوبات - ولما كان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المتهم الأول هو الفاعل الأصلى لهذه الجريمة، فمن ثم فإنه لا يجديه الاحتجاج بالمادة 118 مكرراً "ب" من قانون العقوبات ذلك أن الذى يستفيد قانوناً من الاعفاء المنصوص عليه فيها هو الشريك بالاتفاق أو المساعدة فقط ". وأوضح فاروق، أن ذلك هو رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرراً "ب" من قانون العقوبات التى تمسك الطاعن بحكمها إذ قصر المشرع الاعفاء فيها علي الشركاء باستثناء المحرضين منهم، وبالتالى لا يمتد إلى الفاعلين الأصليين إذ نصت على أن يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب كل من بادر من الشركاء فى الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها. هل يجوز الاعفاء إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم؟ ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها، ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقا للفقرتين السابقتين فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112، 113، 13 مكرراً إذا لم يؤدى الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة، ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالا متحصلا من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب إذ أبلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل منها". ومفاد هذا النص فى صريح لفظة أن الشارع الإعفاء الوارد فى الفقرة الأولى منه على الشركاء فى الجريمة - باستثناء المحرضين منهم - ولم ينشأ أن يمده إلى الفاعلين، وذلك لحكمة تغياها هى تشجيع الكشف عن جرائم الموظفين العموميين ومن حكمهم فى هذا الخصوص وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 63 لسنة 75 المشار إليه بقولها: لما كانت جرائم الاختلاس والإضرار والعدوان على المال العام تقترف فى العادة خفية، وقد لا يفطن إليها أولو الأمر إلا بعد أن ينقضى على ارتكابها زمن يطول أو يقصر، فقد رأى لإماطة اللثام عنها وعن جناتها أن توضع المادة 18 مكرراً "ب" كى يعفى من العقوبة من يبادر منهم بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية بالجريمة، إذا كان من غير فاعليها أو المحرضين على ارتكابها وجاء الإبلاغ بعد تمام الجريمة وإنما بشرط أن يسبق صدور الحكم النهائي فيها.



الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;