نسر القوات الجوية يحلق للسماء.. حكايات من دفتر الطيار المقاتل.. قال للسادات: لن نؤجل الحرب ومستعدون للقتال.. كيف نجا من الموت قبل دقائق من احترق طائرته بالأقصر؟ وكيف جهز التوبوليف لضرب مركز عمليات جيش

ماذا قال عن الثغرة ومعركة المنصورة والخلاف بين الشاذلى والسادات؟ كيف كانت تعليماته مفتاح النصر للضربة الجوية الأولى ؟ لم يكن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ضابطا عاديا فى صفوف القوات المسلحة، بل كان قائدا مميزا وسط صفوف رفاقه بداية من التحاقه بالكلية الجوية، مرورا بانتظامه داخل الأسراب المقاتلة، حيث كان ضمن القادة الأوائل الذين تدربوا على الطائرة الروسية توبو ليف 16، وهى من المقاتلات الاستراتيجية القاذفة، التى كانت تعتمد عليها القوات الجوية المصرية فى تنفيذ المهام الرئيسية الدقيقة. وقد تدرج مبارك فى الوظائف العسكرية فور تخرجه من الكلية الجوية، حيث عين فى مطار العريش في 13 مارس 1950، ثم نقل إلى مطار حلوان عام 1951 للتدريب على المقاتلات، واستمر به حتى بداية عام 1953، ثم نقل إلى كلية الطيران ليعمل مدرسا بها، فمساعدا لأركان حرب الكلية، ثم أركان حرب الكلية، وقائد سرب في نفس الوقت، حتى عام 1959. سافر فى بعثات متعددة إلى الاتحاد السوفيتى، منها بعثة للتدريب على القاذفة إليوشن 28، وبعثة للتدريب على القاذفة توبو ليف 16، كما تلقى دراسات عليا بأكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتى (1964 ـ 1965)، وقد أصبح مبارك، قائداً للواء قاذفات القنابل، وقائداً لقاعدة غرب القاهرة الجوية حتى 30 يونيو 1966. وفى يونيو 1967، كان مبارك قائد لقاعدة بنى سويف الجوية، وقد كان فى ذلك الوقت برتبة العقيد، ثم عُين مديراً للكلية الجوية في نوفمبر 1967، وشهدت تلك الفترة حرب الاستنزاف، وقد رُقي لرتبة العميد في 22 يونيه 1969، وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية في أبريل 1972 ، وفي العام نفسه عُين نائباً لوزير الحربية. ويحكى مبارك تجربته مع حرب 5 يونيو ،1967 من خلال فيديو سجله العام الماضى وتم بثه على شبكة الانترنت كشاهد على العصر بقوله: " لم تكن حرب فقد ضربنا بدون سابق إنذار وبدون خطة، وكنت قبلها فى طلعة عمليات، وعدت إلى قاعدة بنى سويف فى نصف شهر مايو 1967، وقد قالوا هناك حالة حرب واستعدادات، وتم تنفيذ مجموعة من الطلعات، حتى حضر مندوب من القيادة العامة ، وسألناه ماذا يحدث :" قال مجرد مظاهرة واستعراض بالقوات لأن إسرائيل أعلنت استدعاء الاحتياط لديها، ويمكن أن نعطى للقوات إجازات وتسير الأمور بشكل طبيعى." يستكمل مبارك حديثه عن 5 يونيو قائلا:" الطائرات لم تكن تنفذ طلعات منذ عدة أيام فاتخذنا القرار بتنفيذ مجموعة من الطلعات، ومع 3 طيارين حلقنا فى السماء واخترقنا السحب، ثم فوجئت بالمطار يبلغنى على الرادار أنهم يتعرضون للضرب الآن، وهناك حفر فى الممرات ولن تتمكن الطائرات من الهبوط، وعلى الفور أجريت اتصالات مع الجيوش الميدانية حتى أتمكن من الهبوط فى أى مطاراتها، وقد اتصلت مع الوادى الجديد وكان الممر الخاص به قصير جدا لا يتناسب مع المقاتلة التى يو 16، وكذلك مطار أسوان به صواريخ للدفاع الجوى، ولن تفرق بين الطائرات المصرية وطيران العدو وستطلق نيرانها مباشرة تجاهنا، فلم يكن أمامى ومن معى سوى مطار الأقصر، وبمجرد الهبوط فيه بدقائق معدودة تم تدمير طائراتنا بصورة فورية." يستكمل مبارك:" عدنا من الأقصر إلى بنى سويف فى القطار بدلا من الطائرات، وقد كان الحزن يخيم على القاعدة بالكامل، فالخسائر فادحة والطائرات تم ضربها على الأرض، وكان حزن رهيب داخل نفوس القوات، لدرجة أننا بقينا داخل المطار لمدة تقترب من شهرين دون الخروج إلى أى مكان، فقدت كانت الروح المعنوية منخفضة جدا، وقد كان هذا الوضع على مستوى كل الجيوش والمناطق شرق وغرب القناة". تم انتداب مبارك من قاعدة بنى سويف إلى الكلية الجوية، لتولى مسئولية إعداد جيل جديد من الطيارين المقاتلين، فى نوفمبر 1967، ضمن خطة القيادة العامة للقوات المسلحة، لإعادة تشكيل الجيش من جديد، خاصة القوات الجوية، التي تحملت نصيب الأسد من التدمير خلال حرب الاستنزاف، ثم تمت ترقيته إلى العديد من المناصب القيادية حتى وصل إلى قيادة القوات الجوية فى أبريل 1972. وعن قرار الحرب وأكتوبر 1973 يحكى مبارك:" الرئيس السادات هو صاحب قرار الحرب، وفى إبريل عام 1973، كنا نراجع خطة الحرب من خلال "تختة رمل"، وهى عبارة عن خريطة يتم عليها وضع خطة العمليات وتوضيح القوة والقوة المضادة وموقف الوحدات على الأرض. يقول مبارك:" تم الاتفاق على الخطة فى 6 أغسطس 1973، بعدما حضر وفد سورى كان يضم قيادات الجيش هناك، ومن جانبنا كان هناك المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية والفريق سعد الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والمشير محمد على فهمى قائد الدفاع الجوى، وعدد آخر من قيادات القوات المسلحة، وقد كان الاجتماع فى مطروح". ويضيف مبارك :" فى أواخر سبتمبر 1973 هاتفنى الرئيس أنور السادات، وقال لى:" ايه أخبار القوات الجوية ؟" فقلت له ": أحنا شادين جامد جدا، ومستعدين على تنفيذ الخطة التى نتدريب عليها منذ عامين"، ثم رد الرئيس السادات:" لو ناويين تأجلوا ممكن نأجل شوية فقال مبارك :" لن نؤجل ". وفى يوم 28 سبتمبر 73 بلغته أن القوات الجوية تتحمل المسئولية، ومسئولة عن دورها فى الحرب، ويوم الثلاثاء الذى يسبق الحرب طلبنى المشير أحمد إسماعيل للاطمئنان على الموقف فبلغته أن الموقف جيد والقوات مستعدة تماما، وسوف ننفذ ما تم التدريب عليه خلال الفترة الماضية". وعن يوم السادس من أكتوبر 73 يتحدث الرئيس الأسبق مبارك قائلا:" استيقظت فى الصباح الباكر، وتوجهت من المنزل إلى مقر قيادة القوات الجوية في السابعة صباحا، وظللت امام مكتب القيادة لعدة ساعات، حتى كانت الحادية عشرة والنصف صباحان وطلبت الفريق سعد الدين الشاذلى عبر الهاتف، وتم التأكيد على أن المقاتلات الميج 21 المسئولة عن الدفاع الجوى وتأمين القاذفات فى مطار بلبيس جاهزة ومستعدة. ويصيف مبارك :" السرية كانت مهمة جدا فى العملية، فلو أن العدو عرف أو تنبأ بما نخطط له لكان مستعدا للضربة، إلا أننا نجحنا في خداعه بصورة متقنة، حتى جاءت الدقائق الحاسمة، ليتم تجهيز الطائرة المكلفة بضرب مركز العمليات الرئيسى، منطقة تبة أم مرجم بوسط سيناء، وقد تم تدريب قائد الطائرة التوبو ليف، وتلقينه جيدا بالأهداف المطلوب تدميرها ، وقد تم تحميل الطائرة بصاروخين، حيث كان يزن كل منهما ألف كيلو جرام، ومرتبط خلال الإطلاق بـ رادار الطائرة، بحيث يلتقط الطيار إشارة الضرب وتدمير الهدف من شاشته. انطلقت الطائرة فى تمام الواحدة ونصف ظهرا من قاعدة غرب القاهرة، وصلت إلى مطار طنطا ثم أبو حماد ومنها إلى أبو صوير، وفى تمام الساعة الثانية إلا عشرة دقائق تم توجيه الضرب من على بعد 70 كيلو متر من الهدف، وقد تم قطع الاتصالات ، بشكل كامل بين سناء والقيادة في تل أبيب لدرجة أن مدير الإشارة فى مركز العمليات الرئيسى أبلغنى أن الاتصالات انقطعت تماما بينا وبين إسرائيل." ويستكمل مبارك:" فى تمام الثانية ظهرا بعد تأكيد تدمير مركز الاتصالات الرئيسى فى أم مرجم وسط سيناء، تم توجيه كل المطارات والمقاتلات ناحية شرق القناة لتدمر أهدافها، ونجحت بصورة منقطعة النظير. بعد الضرب الجوية الأولى هاتفت المشير أحمد إسماعيل فى مركز العمليات الرئيسى للقوات المسلحة، وأبلغته نجاح الضربة، وأن الخسائر محدودة فى صفوف القوات، فقال لى الرئيس السادات معى ويريد أن يهاتفك، فأخبرته بما قلت لأحمد إسماعيل، ليهلل السادات بصوت عال:" كسبنا الحرب يا ولاد ". وحول ذكرياته عن معركة المنصورة التى حدثت فى 14 أكتوبر 1973، وتعتبر أكبر معركة جوية فى العصر الحديث، أكد مبارك أن الطيران الإسرائيلى تسلل لمطار المنصورة ونجح في إحداث مجموعة من الحفر فى الممرات حتى يعيق حركة الطائرات، خاصة أن هذه المنطقة تعتبر مركز ربط رئيسى بين مختلف المطارات، وأى ضربات أو خسائر فيها ستتسبب فى إعاقة القوات الجوية بشكل كامل. ويستكمل مبارك:" نجحنا فى إصلاح الممرات من خلال الفرق الهندسية، وفى يوم 14 أكتوبر رصدت مجموعات المراقبة بالنظر، أن طيران العدو على ارتفاعات منخفضة بالقرب من البحر المتوسط وفى قريه إلى قاعدة المنصورة ، وبسرعة شديدة كانت التشكيلات مستعدة وجاهزة تماما للتصدى للضربة، التى بدأت بإسقاط الطائرات القاذفة، ثم بدأت تتهاوى طائرات العدو واحدة بعد الأخرى، وقد نجحنا في أسقاط 18 طائرة للعدو مقابل 4 طائرات مصرية، ومنذ هذا التاريخ لم تفكر إسرائيل أبدا في دخول منطقة المنصورة، بعدما تأكدت أن الجحيم ينتظرها، وقد اقترحت على وزير الحربية تخصيص يوم 14 أكتوبر من كل عام ليكون عيدا للقوات الجوية المصرية تخليدا لما قدمته مقاتلات اللوائين الجويين 102 و 104 في معركة المنصورة الخالدة التى استمرت لأكثر من 50 دقيقة. وحول شهادته عن ثغرة الدفرسوار يذكر مبارك:" نفذنا عشرات الطلعات الجوية لمواجهتها، وتم تدمير العديد من الكبارى التي استخدمها العدو في العبور للضفة الغربية للقناة، وتم تنفيذ طلعات فى تصفية الثغرة تفوق ما تم خلال الضربات الجوية التي تمت خلال الحرب بأيامها الأولى. وعن شهادته في الخلاف بين الرئيس السادات وسعد الشاذلى حول تصفية الثغرة يقول مبارك:" لم أكن أبدا أقبل خطة سحب القوات من الشرق إلى الغرب، لما لها من خطورة على معنويات رجالنا، بالإضافة إلى خطورة تغطية الانسحاب من خلال طائراتنا، فلم تكن لدينا الخطة الكافية لتغطية الانسحاب للغرب، خاصة أن الجبهات الهجومية كانت مفتوحة بقوة مع العدو في تلك الأيام، وقد أخبرت المشير أحمد إسماعيل والرئيس السادات، أن القوات الجوية لن تتمكن من تغطية الانسحاب. ويضيف:" اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بكامل تشكيله، وقد كان القرار بضرورة استكمال القتال، ورفض الانسحاب إلى الغرب، وقال السادات حينها لو وصلوا إلى القاهرة سنحاربهم ولو وصلوا إلى مطروح سنحاربهم أيضا، حتى ولو بآخر جندى من رجال القوات المسلحة، وقد كان لهذا القرار أثره على رفع معنويات الجبهة.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;