سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 أبريل 1954.. بن بيلا يفرش خريطة الجزائر أمام فتحى الديب ويُخرج خطة تحرير بلاده من حافظة أوراقه

انصرف الشاب الجزائرى الثائر «مزيانى مسعود» من عند فتحى الديب ضابط المخابرات المصرية ومسؤول الدائرة العربية برئاسة الجمهورية، بعد أن كشف له حقيقته بأنه «أحمد بن بيلا»، وأنه جاء بتكليف من زملائه فى تنظيمهم السرى لبحث إمكانية تقديم قيادة ثورة 23 يوليو 1952المساعدات إليهم فى نضالهم من أجل إنهاء الاحتلال الفرنسى.. «راجع، ذات يوم 3 و4 و5 إبريل 2020». عاد بن بيلا إلى «الديب» يوم 6 إبريل، مثل هذا اليوم، 1954 ليستكمل اجتماع أمس، حسب اتفاقهما.. يذكر «الديب» فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر» أن بن بيلا تحدث بالفرنسية فى اجتماع 5 إبريل، وبعد انصرافه صارح زميله عزت سليمان برأيه فى بن بيلا، وسأله عن رأيه خاصة وأنه حضر جزءا من الجلسة، فصارحه بأنه هو الآخر يثق فى ثوريته وصدقه وإخلاصه فى القول.. يؤكد «الديب»: «رغم كل ذلك أعطيت لنفسى مهلة استعراض تفاصيل الجلسة بينى وبين نفسى حتى موعد اللقاء الجديد صباح 6 إبريل حتى يطمئن قلبى عن وعى وإدراك وبمنطق التقييم الدقيق والعميق». حضر بين بيلا إلى لقاء 6 إبريل حاملا معه أوراقا فى حافظة، يتذكرها الديب: «عاودنا الجلوس حول مكتبى، وشاركنا هذا الاجتماع الزميل عزت سليمان، واستفسرت من بيلا عما إذا كان قد جهز كافة البيانات التى طلبتها منه، وأسرع إلى استخراج عدة أوراق من حافظة أوراقه، وطلب منا خريطة الجزائر ليستعين بها فى شرح إمكانياتهم ونظام توزيعها، وافترشنا المكتب بالخريطة، وبدأ يوضح موقفهم وخطتهم للعمل، وشملت، أولا: تنظيم جيش التحرير الجزائرى وتوزيعه، وأنهم قسموا الجزائر إلى ستة قطاعات كل قطاع منهم مقسم إلى مناطق عمل، وكل منطقة مكونة من أربعة إلى ستة أقسام، وكل قطاع يقوده مسؤول، وبذلك يكون مجموع قادة القطاعات ستة هم، القيادات العليا لجيش التحرير الجزائرى، وثانيا: توزيع قادة القطاعات على الأرض الجزائرية وحدود اختصاص كل قطاع، ويضم القيادة العليا للمجاهدين أوبمعنى أصح «قيادة الكفاح المسلح بالداخل». طرح بن بيلا ستة أسماء قيادات عليا للكفاح المسلح وهم «مصطفى بن بوالعيد، ويتولى قطاع الأوراس ومعه 550 مجاهدا، و200 بندقية إيطالية 6,5 مستعملة وبنادق صيد، و«ديدوش مرا» قائدا لقطاع شمال قسطنطينة ومعه 530 مجاهدا و60 بندقية ما بين إيطالية وبنادق صيد، وكريم بلقاس لقيادة قطاع القبائل، ومعه 570 مجاهدا، و88 بندقية فرنسية وإيطالية وصيد بالإضافة إلى 45 مسدسا وثلاثة آلاف طلقة فقط لجميع أنواع الأسلحة، ورايح بيطاط صالح قائدا لقطاع القبائل الصغرى والمناطق المحيطة بالعاصمة ومعه 238 مجاهدا و15 رشاشا خفيفا، وبن مهيدى العربى قائد قطاع وهران ومعه 400 مجاهدا وعشر بنادق فقط، والحاج العربى قائد منطقة الجنوب الصحراوى ومعه 75 مجاهدا وعشرة بنادق فقط. كان مجموع كل ما ذكره بين بيلا، 2363 مجاهدا، منهم 500 فقط مدربون على السلاح، أما عدد الأسلحة فكان 368 «بندقية موزعة بين إيطالية وفرنسية قليلة، والغالبية بنادق صيد». كشف بن بيلا هذه الإمكانيات الضعيفة، وبدأ الديب مناقشته فى: هل يبدأ بها الكفاح المسلح ضد الاحتلال الفرنسى بكل إمكانياته، أم يتم التأجيل؟.. يتذكر: «بعد أن انتهى بن بيلا من عرضه بدأنا فى مناقشة حول أنسب التوقيتات لبدء الكفاح المسلح، وكان هناك سؤال: هل ننتظر حتى نستكمل تهريب كمية كافية من السلاح والذخيرة بأنواعها للداخل، أم تجرى الاستفادة من عملية المفاجأة الأولى باستخدام المجاهدين المدربين فى توجيه ضربة أولى وبعنف إلى أكبر مجموعة من التجمعات العسكرية للجيش أوالبوليس». يواصل الديب: «اختتمنا الاجتماع بالاتفاق على الاحتفاظ بكل ما دار سرا بحيث لا يتعدى ثلاثتنا هو وزميلى وعزت وأنا مع إعطائى مهلة أسبوع، لأعرض تفاصيل الأمر على الرئيس جمال عبدالناصر بعد أخذ رأى زكريا محيى الدين رئيس المخابرات».. يؤكد أنه التقى بعبد الناصر فى منزله وحكى له الموقف من البداية إلى النهاية، ويتذكر: «سألنى الرئيس: إلى أى حد تثق فى هذا الشاب؟ قلت دون تردد: «أثق فيه ثقة تامة».. فى ختام المناقشات قال عبد الناصر: «أنا موافق على مبدأ دعم حركة النضال المسلح بالجزائر، ويهمنى أن تتابع التحضيرات بكل دقة وتخطرنى أولا بأول وسوف أقابل بن بيلا فيما بعد».



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;