أمريكا تستقبل 2016 بتصاعد نشاط الميليشيات المسلحة ميليشيا "بوندى" تسيطر على مبنى حكومة بأوريجون الجماعات المعادية للحكومة زادت إلى 1360 فى عهد أوباما والأزمة تكشف تحيز الإعلام للمسلحين البيض

شهدت الولايات المتحدة طيلة العامين الماضيين غضب واستياء شعبى بين المواطنين السود حيال ممارسات الشرطة الأمريكية وتزايد عدد حالات إطلاق النار من ضباط الشرطة على الأمريكيين العُزل من أصل أفريقى، لكن تدخل البلاد عام 2016 بصراع من نوع جديد يتعلق بالميلشيات المسلحة من البيض.

صعود الميلشيات المسلحة فعقب تجمع سلمى فى ولاية أوريجون احتجاجاً على سجن رجلين من مربى الماشية، أدينا بحرق أراض فيدرالية عام 2012، قامت ميليشيا مسلحة بزعامة "أمون بوندى" بالإستيلاء على مبنى "ماهور الوطنى للحياة البرية"، الذى تديره خدمة تابعة للأمم المتحدة. وأمون هو نجل كليفن بوندى، وهو مربى ماشية شهير فى نيفادا، أصبح رمزا لإثارة العداء ضد الحكومة عام 2014، والذى يرفض سيطرة الحكومة الاتحادية على الأراضى العامة. وكان بوندى الأب قد تسبب فى إثارة انتقادات المحافظين للحكومة الاتحادية، بعد مواجهة مع عناصر من مكتب إدارة الأراضى، الذين حاولوا مصادرة ماشية كان يرعاها بشكل غير قانونى على الأراضى الاتحادية منذ عام 1993.

واستولى المحتجون على المبنى بعد مظاهرة تطالب بالإفراج عن ديويت هاموند، 73 عاما، ونجله ستيف، 46 عاما، الذين أدينوا بتهمة الحرق خلال عام 2012 وصدر حكم ضدهم بالحبس لمدة 5 سنوات عام 2015، بعدما رأى قاضى آخر أن الأحكام التى قضوها فى السجن لم تكن كافية بموجب القانون الاتحادى. وأقر هاموند ونجله بإشعال نيران عامى 2001 و2006، لكنه برر هذا بأنه لحماية ممتلكاتهم من الغزو النباتى وحرائق الغابات. وقد تم إدانتهم قبل ثلاث سنوات وقضى الأب ثلاثة أشهر فى السجن والابن عاما.

ميليشيا عائلة بوندى فيما وصفت عائلة بوندى سجن هاموند ونجله بأنه استخدام "طاغى" للسلطة الفيدرالية. وقالت فى فيديو آخر على فيسبوك، السبت: "نحن هنا لأن الناس تعرضت طويلا للإساءة". وأشاروا إلى أن محاكمة "هاموند" هى عرض ضخم لمشكلة فظيعة تتعلق بمعركة حول الأرض والثروات الطبيعية بين الحكومة الاتحادية والشعب الأمريكى.

وأوضحت أن الناس لا يمكنها العيش بدون الأرض "ولا يمكن ترك الحكومة تقيد استخدامنا للأرض للدرجة التى تجعلنا فقراء". ووصف بوندى المبنى الفيدرالى، الواقع تحت سيطرة ميلشياته، بأنه مبنى الشعب ومملوك للشعب. وأضاف أن جماعته تسيطر عليه "لاتخاذ موقف صارم ضد هذا التجاوز والإستيلاء على أرض الشعب وثروته الطبيعية". تزايد العداء للحكومة الأمريكية من جانبها، أشارت مجلة فورين بوليسى إلى أن الأزمة الناشبة حاليا فى ولاية أوريجون الأمريكية، تأتى كجزء من طفرة فى نشاط الجماعات المعادية للحكومة داخل الولايات المتحدة. ولفتت إلى أن المحتجين المسلحين المناهضين للحكومة، يشتكون مما يصفونه بالسياسات غير العادلة المقيدة لإستخدام الأراضى الإتحادية.

وتشير إلى أن التحدى الحالى لمسئولى إنفاذ القانون فى جميع أنحاء الولايات المتحدة هو أن هناك المزيد من هذه الميليشيات أكثر من أى وقت مضى، وهذا العدد يمكن أن ينمو أكثر إذا ما بقى الديمقراطيون فى البيت الأبيض. وبحسب خبراء، الذين يدرسون الميليشيات اليمينة المتشددة مثل ميليشيا "بوند" التى تسيطر على المبنى الوطنى للحياة البرية فى أوريجون، فإن المحتجين غالبا مدفوعين بسياسات معينة. وأشاروا إلى أن حظوظ الميليشيات غالبا ترتفع وتنخفض مع الدورات الانتخابية.

وأوضح هيدى بيريتش، مدير المشروع الإستخباراتى فى مركز قانون الفقر الجنوبى، أن الحركات المعادية للحكومة غالبا تتعلق بالرؤساء الديمقراطيين. فخلال سنوات حكم الرئيس بيل كلينتون، تصاعدت عدد الميليشيات المناهضة للحكومة لذروتها حيث وصلت إلى 858 حركة عام 1996. وتراجع هذا العدد إلى 131 حركة عام 2007، فى ظل حكم الرئيس الجمهورى جورج دبليو بوش.

ظهور 1360 ميليشيا فى عهد أوباما وبعد تولى الرئيس الحالى باراك أوباما، الذى ينتمى للحزب الديمقراطى، منصبه، فإنه بحسب مركز قانون الفقر وصل عدد تلك الحركات المعادية للحكومة عام 2012 إلى 1360 حركة. ورغم إنخفاض هذا العدد مرة اخرى إلى 900 جماعة، لكن يقول بريتش إن هذا يعود إلى اندماج العديد من الجماعات معا، حيث لم تكن تتبع قيادة معينة.

ويشير الخبير الأمريكى إلى أن ههذ المجموعات تتشارك أيديولوجية شاملة معادية للحكومة الإتحادية وسياسات الرؤساء الديمقراطيين، كما يصفوها. ومن بين هذه السياسية السيطرة على الأسلحة، وقد فشل الرئيس اوباما فى محاولات تمرير تشريع يقوض من الوصول إلى الأسلحة النارية، عبر الكونجرس الذى يسيطر عليه الجمهوريين.

وخلال حشد إنتخابى فى ولاية أيوا، الأثنين، دعا السيناتور الجمهورى تيد كروز، المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية، المحتجين فى أوريجون للتراجع عن أعمالهم قائلا: "كل منا لديه الحق الدستورى فى الإحتجاج والتعبير عن رأيه، لكن ليس لديه حق دستورى فى إستخدام القوة والعنف والتهديد ضد الآخرين".

وقال زميله المرشح الجمهورى ماركو روبيو، فى تصريحات لمحطة إذاعية، انه فى حين يشعر ببعض التعاطف مع المحتجين حيث ينبغى على الحكومة الإتحادية رفع بعض سيطرتها على الأراضى فى الولايات الغربية، لكن على الجميع أن يتمثل للقانون. ووجه حديثه للمتظاهرين "لا يمكن أن نعيش فى فوضى.. نحن نعيش فى جمهورية. هناك طرق لتغيير القوانين والسياسيات. إذا شعرنا بالإحباط فلدينا إنتخابات، وأشخاص يمكننا محاسبتهم". وفى تصريحات لشبكة "سى.إن.إن" الإخبارية، حذر المارشال الأمريكى المتقاعد، أرت رودريك، الذى عمل لسنوات على التحقيق فى أنشطة الميليشيات المناهضة للحكومة داخل الولايات المتحدة، من دعوة "عامون بوند"، زعيم الميليشيا، لمؤيديه بالإنضمام إليه مما قد يزيد الامور سوءا. وأشار إلى أن ما تهدف له الميلشيا هو إرسال قوة أمنية كبيرة، محذرا "آخر شئ يمكن الإقدام عليه هو مواجهة من هذا النوع". ويشير رودريك، إلى أن منفذى القانون تعلموا على مدار سنوات كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات حيث لم يندلع عنف بعد ولا يوجد تهديد مباشر لحياة أى شخص. مضيفا أن النهج الأفضل فى الوقت الحالى هو الإنتظار والتفكير فى طريقة سلمية لإنهاء الأمر.

تحيز الإعلام الأمريكى للبيض لكن اللافت فى الأزمة منذ إندلاعها الجمعة، هو المعالجة الفقيرة من جانب الإعلام الأمريكى للأزمة رغم خطورة الوضع لاسيما مع دعوات الميليشيات المسلحة عبر الفيسبوك للإنضمام للمحتجين وحمل السلاح. وبحسب موقع فرانس 24 فإن المعلقين على وسائل الإعلام الإجتماعية قالوا أن هناك 150 مسلحا يستولون على مبنى حكومى فى أوريجون ولا أحد يتكلم عن الموضوع. كما انتقد البعض استخدام وسائل الإعلام الأمريكية ألفاظ معينة فى وصف الميليشيا المسلحة البيضاء، وكتب أحدهم "كم هو غريب كيف يتم تسمية ميليشيا من الرجال البيض بالوطنيين فى جين يتم وصف "الفهود السود" بأنهم إرهابيين. وأصر أخر على إطلاق وصف إرهابيين على الجماعة قائلا "لستم ميليشيا ولستم رعاة ومحتجين ولستم وطنيين، بما أنكم تحملون السلاح فأنتم مجموعة إرهابية".




الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;