وصل المدعى الاشتراكى المستشار أنور حبيب فى تحقيقاته مع الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل إلى قضية «التدخل المصرى لنصرة الثورة اليمنية عام 1962».
كانت التحقيقات فى يومها الثانى «15 يونيو 1978 «وكان هيكل مع أربعة كتاب آخرين هم، محمد سيد أحمد، صلاح عيسى، أحمد حمروش، أحمد فؤاد نجم تم إحالتهم إلى المدعى الاشتراكى بتهمة «تهديد الجبهة الداخلية، وبدأت التحقيقات مع هيكل يوم 14 يونيو 1978 واستمرت عشر جلسات انتهت فى أول أغسطس 1978، وسجل هيكل وقائعها فى كتابه «وقائع تحقيق سياسى أمام المدعى الاشتراكى».. «راجع، ذات يوم، 14 و15 يونيو 1978”.
ذكرت الصحف المحلية والعالمية يوم 16 يونيو، مثل هذا اليوم، 1978، أن التحقيقات ستتواصل يوم 21 يونيو 1978، أما أحداث جلسة يوم 15 يونيو فيذكرها هيكل بكل تنويعات القضايا التى طرحتها الأسئلة، وبالرغم من أن قضية اليمن لم يكن هناك سؤال مباشر عنها من المدعى الاشتراكى إلا أنها فرضت نفسها.. كان السؤال الذى أدى بهيكل إلى الحديث عنها هو: «هل اتخذ الحوار بين الدول العربية شكل حوار سياسى أم اتخذ صورا وصلت أحيانا إلى قرب الاشتباكات العسكرية؟».
التقط هيكل السؤال وفسره قائلا : «إننى أتصور أن المقصود بذلك هو الخلاف بين مصر والسعودية فى اليمن، وإذا كان ذلك هو المقصود فلابد أن نضعه فى إطاره الصحيح»، ولم يعلق «المدعى الاشتراكى» على هذا التفسير، فاستمر هيكل فى كلامه، وقدم نبذة تاريخية عن العلاقات بين مصر والسعودية حتى وصلت إلى درجة الانفجار عندما قامت ثورة اليمن 1962.. يذكر: «من سوء الحظ أن مصالح عديدة تمكنت فى ذلك الوقت من إقناع السعودية أن الوجود العسكرى فى اليمن سوف يحمل إلى شبه الجزيرة العربية أفكار الثورة المصرية، وهكذا بدأ صراع طويل ومرير، ومن المحزن أن المسائل تدهورت إلى الحد الذى جرت فيه الاستعانة بجنود من المرتزقة الأجانب بلغ عددهم فى بعض الأحيان ما بين 12 إلى 15 ألف من المرتزقة الأجانب، فرنسية وبلجيك وألمان وإنجليز لقتال الجيش المصرى فى اليمن».
أضاف هيكل : الرئيس السادات يعرف تفاصيل ما حدث فى اليمن كاملا، فقد كان هو المسؤول السياسى عن توجيه الحرب، فى حين كان المشير عبد الحكيم عامر هو المسؤول العسكرى عن إدارتها.. وكانت مسؤولية الرئيس السادات فى حرب اليمن جزءا من اختصاصه العام فى مجلس الثورة المصرى القديم، فقد كان اختصاصه هو أمور شبه الجزيرة العربية كلها، إننى لا أريد أن أدخل فى تفاصيل كثيرة عن خبايا حرب اليمن لأنى لا أريد أن أنكأ جراحا قديمة، ولكن الوقائع تقول أمامنا إن مصر كانت فى موقف دفاعى عن نفسها وعن فكرة الثورة العربية».
تحدث هيكل عن تفاصيل أخرى حول هذه القضية، حتى وصل إلى رصد نتائجها، قائلا: «التدخل المصرى لنصرة الثورة اليمنية أدى إلى آثار هائلة فى شبه الجزيرة العربية.. أدى مثلا إلى استقلال الجنوب العربى (اليمن الجنوبى) وتأكيد عروبة واستقلال الخليج العربى، ثم إنه فرض عملية تحديث فى السعودية لمواجهة الظروف المتغيرة، وكانت هذه العملية هى التى أدت إلى خلع الملك سعود وتولية الملك فيصل، ثم إن التطور أخذ بعد ذلك مجراه بحيث رأينا الشعار المصرى بـ«سيطرة العرب على بترول العرب» يجد طريقه إلى التحقيق بصرف النظر عن أية تحفظات»..أضاف: جرت بعد عزل الملك سعود محاولات لتسوية الصراع فى اليمن، واجتمع عبد الناصر مع الملك فيصل فى جدة سنة 1965، واستمرت الاتصالات بنجاح أحيانا وبغير نجاح أحيانا أخرى، حتى كان مؤتمر الخرطوم سنة 1967 الذى أنهى الصراع المصرى السعودى فى اليمن.. إننى أظن أن مصر كانت على حق استراتيجيا فى اليمن، رغم أننى اعترف أننى فى البداية عارضت التدخل المصرى».
انتقل المدعى الاشتراكى إلى قضية المواجهة مع إسرائيل، وسأل : ما هى وجهة نظرك فى المواجهة العربية الإسرائيلية حتى الآن (موعد التحقيق 1978 )؟.. وأجاب هيكل، بأنه من الذين يعتقدون أن مصر مستهدفة بالدرجة الأولى وقبل فلسطين، لأن مصر لا تستطيع ولا تملك التسليم بوجود حاجز يمنع اتصالها بالمشرق، وشرح أسباب ذلك باستفاضة.
وسأل عن حرب أكتوبر وفض الاشتباك الأول والثانى وقضايا أخرى، وقرر «المدعى» استئناف جلسات التحقيق يوم 21 يونيو 1978.