الإرادة، سيدة الفعل البشرى، ومن المعلوم بالضرورة، أنه إذا تألمت لألم إنسان فأنت نبيل؛ أما إذا شاركت فى علاجه فأنت عظيم، لذلك إرادة علاج آلام وأوجاع الناس، أعظم استثمار إنسانى فى الحياة الدنيا، والآخرة أيضا.
والاستثمار فى تنمية العقول، قناعة وإيمانًا بإعداد أجيال متعلمة ومفكرة، هى أعظم استثمار بشرى منذ بدء الخليقة، وحتى تقوم الساعة، انطلاقا من دستور الحياة، القرآن الكريم، عندما قال المولى عز وجل فى سورة، العلق: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ».
ومعظم المفسرين قالوا إن سورة العلق هى أول ما نزل من القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فى تقدير للعلم، ومن ثم فإن الاستثمار فى العلم، وتنمية العقول البشرية، تكتسب أهمية قصوى، لا يضاهيها أهمية، ويضعها على قمة هرم الأولويات الحياتية، فمن بوابة العلم، تنهض الأمم، وتتقدم وتزدهر فى كل المجالات.
هذه القناعات الجوهرية، ومن حسن الحظ، تسكن جينات الدكتور خالد الطوخى، رئيس مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، بعدما تسلم الراية من رائدة التعليم الدكتورة سعاد كفافى، التى أسست الجامعة، عندما كان لا يوجد جامعات مصرية خاصة، فى مصر، منذ سنوات، وكانت الجامعات الأجنبية هى التى تسيطر على حقل التعليم الخاص فى مصر.
ولا يمكن لمنصف، ومن يتمتع بعين جواهرجى، يستطيع فرز المعادن بمجرد إلقاء نظرة واحدة على المعدن، يستطيع فرز المعدن النفيس، من بين الفالصو، أن يغمض عينيه عما فعلته الدكتورة سعاد كفافى، فى تأسيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، ونعلم جميعا، أن مراحل التأسيس، صعبة، وتحتاج لجهود كبيرة، لكن الدكتورة سعاد نجحت، وبقوة، فى أن يلد صرحا علميا، عملاقا، لذلك نقشت اسمها بأحرف من نور بين رائدات التعليم فى مصر، ليزين اسمها، مبنى المستشفى الأهم حاليا بين المستشفيات الجامعية «مستشفى سعاد كفافى» عرفانا بدورها الرائع.
وعندما استلم الدكتور خالد الطوخى، الراية، كان يؤمن بأن لديه مشروع ضخم، عبارة عن منارة علم، تضىء مستقبل أجيال، جيلا يسلم جيلا، ويكونوا قاطرة الأمة، لذلك اعتكف على أن يجعل من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، هذه المنارة، لتنافس مثيلاتها ليس فى مصر، ولا عربيا فحسب، ولكن تنافس أعتى الجامعات والأكاديميات العلمية فى العالم.
ولما لا، فالأحلام مشروعة، والإرادة قوية، والقدوة موجودة، متمثلة فى كيفية وصول أى مصرى مؤمن بقدراته للعالمية، وتسطير نجاح مبهر، وهل الدكتور مجدى يعقوب، والدكتور أحمد زويل، ونجيب محفوظ، وحتى لاعب كرة القدم، محمد صلاح، سوى نماذج قوية وواضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، على قهر الصعب والمستحيلات، والوصول للعالمية؟!
الدكتور خالد الطوخى، أدرك أيضا، أن قيمة الأعمال، فيما تزرعه من خير ونماء، لذلك انصب اهتمامه بمكاسب العلم والتنوير، والمشاركة المجتمعية، بفاعلية، ليصب فى دعم الوطن، على حساب المكاسب المادية، لذلك وجدناه يتخذ قرارات مهمة لتخفيف الأعباء عن الطلاب فى أزمة كورونا، سواء فيما تبقى من العام الدراسى المنصرم، أو المقبل، كما ساهم فى تخصيص مبنى مكون من خمسة طوابق، ليصبح مستشفى عزل، لمصابى كورونا، مجهز بأحدث التقنيات الطبية، مع تقديم خدمة طبية لائقة، ومحترمة.
وبالفعل، قارب المبنى على التجهيز، والإعلان عن استقباله للحالات المصابة بفيروس كورونا اللعين، قريبا، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالى، التى يحمل حقيبتها، الدكتور خالد عبدالغفار، وتأتى مستشفى العزل، كرقم جديد من جملة مبادرات ومشاركات الدكتور خالد الطوخى، فيما يحتاجه المجتمع، والوطن، بمبادرات شخصية منه، ودون إيعاز من أحد، مما يعطى هذه المبادرات قيمة إنسانية، وترسيخا لدور كل من يمتلك قدرة على المشاركة فى علاج الأزمات.
فتحية تقدير، للراحلة جسديا عن الدنيا، والباقية اسما، الدكتورة سعاد كفافى، التى أسست جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وتحية واجبة للدكتور خالد الطوخى، الذى يقود هذا الصرح التعليمى حاليا، ليضعه فى مصاف المنارات العلمية الشهيرة فى العالم.