سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 أغسطس 1990.. مقابلة جافة من الرئيس الأمريكى «بوش الأب» للملك حسين بعد إلحاح العاهل الأردنى على اجتماعهما لبحث غزو العراق للكويت

طار العاهل الأردنى الملك حسين بن طلال، إلى العاصمة العراقية بغداد يوم 12 أغسطس 1990، للقاء الرئيس العراقى صدام حسين، واستطلاع تقديره للموقف الذى أصبحت عليه المنطقة بعد غزو العراق للكويت يوم 2 أغسطس 1990، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فى كتابه «حرب الخليج، أوهام القوة والنصر»، مضيفا: «عاد الملك إلى عمان فى نفس اليوم، وفى اليوم التالى 13 أغسطس اتصل بالرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب»، يقول له إنه يريد مقابلته». كانت المنطقة على صفيح ساخن، وكانت أمريكا تعد عدتها ليس من أجل تحرير الكويت وإنما تدمير العراق، وكان الملك حسين أكثر القادة العرب نشاطا وتفاعلا، ووفقا لرأى هيكل: كان الملك حسين فى عمان يتابع الموقف من نقطة مراقبة تلفها المخاطر من كل ناحية، كان إحساسه بعد أن عاد من قمة القاهرة، القمة العربية يوم 10 أغسطس 1990، هو أنه حاول أداء دوره قدر ما يستطيع ولم تمكنه الظروف، وإذن فهو فى حل من أن يجلس فى ركنه فى الساحة الهائجة فى الشرق الأوسط ويتفرج على ما يستجد، ومهما كان انفعاله به فإنه لا يملك الكثير يفعله».. يضيف هيكل: أحس الملك أن التطورات المحتملة فى المنطقة قد تجرف الكل أمامها بما فيهم الممثلون والمتفرجون على السواء. على هذا الحال ذهب «حسين» إلى بغداد يوم 12 أغسطس 1990، واتصل يطلب لقاء الرئيس الأمريكى يوم 13 أغسطس الذى قرر أن يبدأ إجازته الصيفية فى «كينييتكبورت».. يذكر «هيكل»: «ألح الملك فى طلب المقابلة حتى وإن كان سيقطع الرئيس بوش إجازته، وكانت بين الاثنين صداقة طويلة، وكان كلاهما ينادى الآخر باسمه الأول، وانتهى أول حديث تليفونى بينهما بأن قال الرئيس بوش للملك إنه سوف يرد عليه بعد ساعات، وبالفعل فإنه بعد ساعات اتصل الرئيس الأمريكى بالملك الأردنى يقول له إنه فى انتظاره فى أى وقت خلال الأيام الثلاثة المقبلة». على ضوء رد بوش قرر الملك حسين أن يبادر بالسفر فورا، ويذكر هيكل: «لم يكن السفير الأمريكى المعتمد لدى البلاط الأردنى وهو السفير روجر هاريسون، قدم أوراق اعتماده بعد، لأنه وصل إلى عمان قبل أيام، ومع ذلك فقد كان على السفير أن يصحب الملك مادام سوف يقابل رئيس الولايات المتحدة، وجرى إيقاظ السفير «هاريسون» من نومه وطلب إليه أن يرتدى ملابسه ويجىء إلى القصر حاملا معه حقيبة سفر تكفيه لرحلة إلى الولايات المتحدة، وتوجه «هاريسون»، إلى القصر ثم صعد مع الملك فى طائرته وانطلقت الطائرة تخترق الأجواء دون توقف لمدة 13 ساعة إلى «كينييتكورت» وتوجه الملك إلى بيت يستريح فيه من عناء الرحلة، وبعد ساعات قليلة مر عليه الرئيس «بوش» بنفسه ليأخذه إلى بيته الصيفى ليستمع ما لديه». جرى هذا اللقاء يوم 16 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1990 حسبما يأتى فى كتاب أسد الأردن، قصة ملك تأليف «آفى شليم»، ويروى «شليم» كما يروى «هيكل» وقائع ما جرى فى اللقاء بين «بوش» وحسين، وتؤكد وقائعه أنه كان جافا وغير ودى من بوش. يذكر هيكل أن الملك حسين بدأ يتكلم وبوش يستمع إليه، ووصل الملك فى حديثه عند نقطة قال فيها: إن الحشود الأمريكية فى الشرق الأوسط قد رفعت درجة التوتر فى المنطقة إلى حد كبير، وهنا قاطعه الرئيس بوش بحدة ظاهرة قائلا له: لم نكن نحن الطرف الذى رفع حدة التوتر فى المنطقة، وحشودنا العسكرية التى تتحدث عنها كانت ردا على احتلال عسكرى عراقى للكويت سبقها.. يؤكد هيكل: تنبه الملك حسين إلى أن جو المقابلة منذ بدايته لم يكن ما عهده من قبل فى لقاءات سابقة مع صديق جورج بوش. بدا افتقاد الود فى المقابلة واضحا من ملاحظة ذكرها بوش وضع فيها الملك حسين فى خانة الترغيب والترهيب فى آن واحد، أما الملاحظة فكانت وفقا لهيكل، أنه، أى بوش، يدرك أن الملك حسين لابد أن يشعر بالقلق من أوضاع الأردن الاقتصادية بعد فرض الحصار الكامل على العراق.. يوضح هيكل: كان الأردن وطوال فترة الحرب العراقية وما بعدها، قد أصبح قاعدة خلفية اقتصادية للعراق الذى كان اعتماده طوال هذه السنوات على ميناء العقبة الأردنى، ومضى بوش يستكمل ملاحظته قائلا: إن دولا عربية أخرى تستطيع مساعدة الأردن.. يوضح هيكل، أن بوش كان يقصد بالطبع السعودية ودول الخليج.. وأدى ذلك بأن يشعر الملك حسين بالحرج، فلماذا؟



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;