"قلبى على ولدى حجر".. انتهاكات واعتداءات تحت شعار تأديب الأبناء.. قانونى يكشف: لا يوجد نص يتعلق بعقوبة تعذيب الوالدين لأطفالهما.. والقضايا تتحول لجنحة ضرب عقوبتها 3 سنوات.. والإفتاء تتصدى للأزمة

ربما لا تكون مقولة "الضنا غالى"، صحيحة في بعض الأحيان، إلا أن هناك بعض الآباء لا يستحقون ذلك اللقب، لتجردهم بشكل واضح وصريح من كل معاني الرحمة والحنان والإنسانية وكذلك الأبوة، وتبدلت قلوبهم إلى حجارة، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة مجموعة من الجرائم التي تقشعر لها الأبدان بعد أن أصبح الأب أو الأم هم أبطالها والمجني عليهم أطفالهم الأبرياء. وقالوا قديما: "قلبي على ولدى انفطر وقلب ولدى عليا حجر".. وهو مثل شعبي نشأنا وتربينا عليه للتعبير عن مدى حب الآباء لأبنائهم فى الوقت الذي قد يعوق فيه الابن والديه ويقسو عليهما، إلا أن الحال تبدل اليوم، وتغير المشهد إلى الأسوأ، لنستيقظ على جرائم على فترات متقاربة، افترس فيها الأب أقرب الناس إليه وبقلب بارد "أب يضرب نجله بسلك كهرباء ويدهس وجهه بحذاء ملوث"، الأمر الذي آثار رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح محط اهتمام محركات البحث منذ الأمس. هل يجوز تعذيب الآباء للأبناء بحجة التربية؟ وتبين من التحريات أنه، أمكن تحديد الطفل المذكور (طالب بالمرحلة الابتدائية) مقيم طرف جدته لوالدته (ربة منزل – مقيمة بدائرة مركز شرطة الزقازيق)، وبسؤالها اتهمت والد الطفل (حاصل على دبلوم– مقيم بذات الناحية) بالتعدي على الطفل وإحداث إصابته المنوه عنها بسبب رغبة الطفل في الإقامة طرف جدته ورفض والده ذلك، وأكدت أن ابنتها (والدة الطفل) منفصلة عن والده ومتزوجة من آخر. تلك الواقعة جعلتنا نفتح ملف "تعذيب الآباء للأبناء بحجة التربية" وهو الأمر الذي تكرر كثيرا وبشكل مستمر خلال السنوات الماضية، بين أب يغرق إحدى طفليه فى مياه الترعة بمحافظة الدقهلية، وأم تكرر نفس الجريمة فى محافظة المنيا وتلقى بطفليها وأحدهما رضيع دون رحمة أو أن ينتفض قلبها، مبررة جريمتها البشعة بوجود خلافات زوجية، بينما سبق وأن قام مدرس بإحدى الكليات بتعذيب أبنائه الثلاثة بسير غسالة مثبت به مفك حديدي لأنهم استولوا على 400 جنيه، ما أدى لمقتل أحدهم. وفى الحقيقة قلوب بعض الآباء والأمهات لم تعد كما هو متعارف عليه ومتوقع، وأصبحت تنضح بالقسوة بدلاً من الرحمة وبدلاً من العطف على أبنائهم بحجة تربيتهم، فقد امتدت أيدى هؤلاء الآباء على فلذات أكبادهم بالضرب حينا والحرق والخنق أحياناَ أخرى، وكأن البيوت تحولت إلى معسكرات تعذيب والوالدين إلى جلادين، فكيف تحول الأب والأم لقتلة، وما هي عقوبات قتل وتعذيب الأطفال، وما رأي الدين في تعدد قضايا العنف ضد الأطفال، حزمة من الأسئلة يجيب عليها خبراء القانون والاجتماع، وعلماء الدين، الذين أجمعوا رأيهم أن هؤلاء الآباء والأمهات تجردوا من مشاعر الأمومة والأبوة، وزرعوا بدلا منها القسوة. من جانبها - تقول المحامية رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وقضايا الأسرة، أنه على الرغم من أن "الأب منبع الأمان"، والعظمة التي تحملها الأبوة، فإن هناك بعض الآباء لا يستحقوا ذلك اللقب، ويكونوا منبع للقسوة والتعذيب، فكيف لأب أن يعذب طفله دون شفقة أو أي شعور بالذنب، حيث إن بعض الآباء تجردوا بالفعل من مشاعر الأبوة، ومنزوعين من أي مشاعر أو إحساس، ولا يفكرون بشيء غير ذاتهم فقط، وتكون الدوافع النفسية وضغوطات الحياة "شماعة" لارتكابهم مثل هذه الجرائم. أسباب انتشار الجرائم وأرجعت "عبده" في تصريح لـ"انفراد - سبب انتشار وتعدد جرائم العنف ضد الأطفال، إلى انتشار المخدرات والانحراف السلوكي، مع غياب الوعي الأسري والزيادة السكانية، وكذلك تدهور حالة الإعلام بشكل ما وسوء أسلوب الحوار في المسلسلات التي تسببت في الوصول أننا نشاهد مثل هذه الجرائم في الشارع المصري، فانتشار العنف لم يكن لدوافع نفسية قدر ما هو ناتج عن انعدام وجود الثقافة بينن أفراده فلابد من إعادة تدوير القيم والأخلاق بالمجتمع، وعمل دورات تدريبية للأمهات والآباء عن كيفية التعامل مع أطفالهم، نظرا أنهم انشغلوا عن أبنائهم بضغوط الحياة تارة، ولتفضيل قضاء أوقات الفراغ في تصفح السوشيال ميديا أو مع أصدقائهم بعيدا عن أطفالهم، ما جعلهم يفتقرون للمعايير الأساسية للتربية، ولجوئهم إلى القسوة والعنف والضرب كحل سريع ومريح لهم، ما ساهم في ازدياد الجريمة الأسرية بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة. زيادة جرائم تعذيب الأطفال فيما أشار محمود البدوى، المحامى بالنقض والدستورية العليا، عضو الفريق الوطنى لمناهضة العنف ضد الأطفال، إلى زيادة العنف ضد الأطفال، والتى زادت وتيراتها بشكل يدعو إلى القلق، رغم وجود تشريعات تحمى الأطفال بشكل جيد مقارنة بدول كثيرة حول العالم، إلا أنها تصطدم بأفكار تكاد تنكر كل تلك المكتسبات والحقوق التى حصل عليه الطفل المصرى وتجعلها على الورق فقط. وأضاف "البدوى" في تصريح خاص أن كل الجرائم التي نشاهدها ونسمع عنها قبل الأطفال على أيدى الأباء والأمهات تؤكد درجة إنكار حقوق الطفل المصرى، خصوصاً أن القوانين والاتفاقات وحدها لا تصلح، ولابد من تدشين حملة مجتمعية لنشر الوعى المجتمعى الداعم لحقوق الطفل والهادفة لنشر مفاهيم التربية الإيجابية، خاصة فى محيط الأسرة، وصولاً لتحويل المجتمع إلى بيئة صديقة للطفل فعلاً وليس قولاً، وهو ما يتطلب أيضاً إرادة سياسية داعمة لحقوق الطفل. جريمة التعذيب والفراغ التشريعي رأى قانونى آخر حول وقائع تعذيب الآباء لأبنائهم بشكل عام، إذ قال الخبير القانوني والمحامي حسام حسن الجعفري، أنه لا توجد مادة فى قانون العقوبات تتعلق بفرض عقوبة على من يرتكب أفعال تعذيب للأطفال، ما ساهم فى هروب الجناة من جرائمهم، وارتفاع هذا النوع من الجرائم، لكن أشار إلى وجود اتفاقية حقوق الطفل التى وقعت عليها مصر، مطالبا بتفعيلها لحماية الأطفال. ووفقا لـ"الجعفرى" في تصريحات خاصة - أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وضح أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين، وتلك الاتفاقية صدقت عليها مصر، وطبقا للقانون الدولي فإن الاتفاقيات التي يتم التصديق عليها تأخذ حكم القانون المحلي، وتكون جزء من النسيج التشريعي للدولة المصدقة عليها والأسرة، باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة الأطفال، ينبغي أن تولى الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع، حيث نصت المادة الاولي من الاتفاقية أن الطفل الإنسان الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. ويُضيف "الجعفرى" - ونصت المادة 37 من ذات الاتفاقية على تكفل الدول الأطراف بما يلى: أ- ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم. ب- ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، ويجب ألا يجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ولا يجوز ممارسته إلا ملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة علي المستوي المحلي. يكفل قانون الطفل على وجه الخصوص، المبادئ والحقوق الآتية: أ- حق الطفل فى الحياة والبقاء والنمو فى كنف أسرة متماسكة ومتضامنة وفى التمتع بمختلف التدابير الوقائية، وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة والاستغلال. ب- الحماية من أى نوع من أنواع التمييز بين الأطفال، بسبب محل الميلاد أو الوالدين، أو الجنس أو الدين أو العنصر، أو الإعاقة، أو أى وضع آخر، وتأمين المساواة الفعلية بينهم فى الانتفاع بكافة الحقوق . ج- حق الطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة فى الحصول على المعلومات التى تمكنه من تكوين هذه الآراء وفى التعبير عنها، والاستماع إليه فى جميع المسائل المتعلقة به، بما فيها الإجراءات القضائية والإدارية، وفقا للإجراءات التى يحددها القانون . تعذيب الاطفال تتحول إلى جنحة ضرب وبحسب "الجعفري": تكون لحماية الطفل ومصالحه الفضلى الأولوية في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها"، فلا يوجد مادة فى القانون تتعلق بتعذيب الأطفال، فقط وبالتالي يوجد هنا فراغ تشريعي والحل هنا: "إعادة النظر فى قانونى الطفل والعقوبات"، فالأصل هو أن الاعتداء البدني بكل أنواعه بشكل عام جريمة في قانون العقوبات، كما أن المشرع الدستوري اعتبر أن التعذيب جريمة وجلعها جناية لا تسقط بالتقادم، حرصا منه على التأكيد رفض استخدام القوة والعنف المفرط داخل المؤسسات المدنية والتربوية. وأشار إلى أن قضايا تعذيب الأطفال تتحول إلى جنحة ضرب ولا يتجاوز الحكم فيها 3 سنوات، وإذا تسبب الضرب فى عاهة مستديمة فقد تصل العقوبة من 3 الي 7 سنوات. ما هي عقوبة تجاوز حق تأديب الأبناء؟ لا يحمي القانون حياة الإنسان فحسب بتجريم القتل، وإنما يحمي أيضا سلامة جسمه من الجرح والضرب وحق الإنسان في سلامة جسمه له جوانب ثلاثة هي: 1-الحق في التكامل الجسدي. 2-الحق في السير الطبيعي لوظائف الجسم. 3-الحق في التحرر من الآلام البدنية. وعندما يصل الأمر إلى وفاة الابن أو إحداث عاهة مستديمة، قال الجعفرى إن المادة 236 من قانون العقوبات نصت على: "كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا أو أعطى مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا، ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد". وأكد الخبير القانونى، أن المادة 240 من قانون العقوبات نصت لجريمة الجرح أو الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، على عقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وتشدد العقوبة في حالة ما إذا كانت الجريمة مقترنة بسبق الإصرار أو الترصد، فتكون السجن المشدد من ثلاث سنين إلى عشر سنين، فالأصل هو أن الاعتداء البدني بكل أنواعه بشكل عام جريمة في قانون العقوبات، فقضايا تعذيب وضرب الأبناء تتحول إلى جنحة ضرب ولا يتجاوز الحكم فيها 3 سنوات، وإذا تسبب الضرب فى الوفاة أو عاهة مستديمة فقد تصل العقوبة من 3 إلى 7 سنوات. ما هي الإجراءات الواجب اتباعها عند الإبلاغ عن واقعة تعذيب طفل؟ قانون الطفل الحالي يسمح بتقديم أي مواطن بلاغ أو تحرير محضر فور ملاحظته تعرض طفل للخطر، من خلال خط نجدة الطفل (16000). رأي الدين في تعذيب الأبناء وفقا لفتاوى عديدة، فإن البعض يؤكد أن الأب معفى عنه من العقوبة في حالات كثيرة لتعذيب طفله، مستندين في ذلك إلى عدد من الأحاديث، فمثلا ما رواه الترمذي "1401" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقام الحدود في المساجد ولا يقتل الوالد بالولد"، وأخرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "قتل رجل ابنه عمدا، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجعل عليه مائة من الإبل، ثلاثين حقه وثلاثين جذعة وأربعين ثنية، وقال لا يرث القاتل، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقتل والد بولده لقتلتك". الشرع الحنيف، وضع قواعد تعامل الأسرة مع الأطفال، حسبما أوضحت دار الافتاء المصرية، في تقرير لها عبر موقعها الرسمي، ذكرت فيه: "الإسلام دين العلم؛ فهو يدعو دائما إلى اتباع الوسائل العلمية الصحيحة التي ينصح بها المتخصصون في المجالات المختلفة، ولا يخفى أن الضرب ليس هو الوسيلة الأنفع في التربية كما يقرره كثير من علماء التربية والنفس، معللين ذلك بأن اعتماد الضرب وسيلة في التربية عادة ما يولد السلوك العدواني لدى الطفل المعاقب، فينظر لمن ضربه نظرة الحقد والكراهية، ولا يجوز أن تكون العلاقة قائمة علي الخوف، بل قائمة على المودة والحب والاحترام، فلا يجوز اللجوء لضرب الطفل مع وجود البدائل التربوية النافعة للتوجيه والتقويم ترغيبا وترهيبا". وأضافت دار الإفتاء: "النبي (صل الله عليه وآله وسلم) هو المربي والمعلم الأول، ولم يرد عنه أنه ضرب طفلا قط، وهو الأسوة والقدوة الحسنة الذي يجب أن نقتدي بسيرته الكريمة العطرة في التربية والتوجيه"، مستشهدة بما روته أم المؤمنين عائشة (رضى الله عنها) حين قالت: "ما ضرب رسول الله صل الله عليه وآله وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل". وتابعت دار الإفتاء: "الأصل في الشرع حرمة الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ وأكد الفقهاء على هذا المعنى، فمنهم من نص على أن ضرب الصبي لا يجوز أن يكون بالسوط والعصا ونحوهما، بل يكون باليد فقط تعبيرًا عن اللوم وإظهارًا للعتاب، ولا يجوز أن يكون بقصد الانتقام بل التأديب"، وبينت دار الإفتاء، أن الشرع نص على أنه "يجب عليه أن يتقي ولي الأمر ويبتعد عن الأماكن الحساسة والأماكن الشريفة التي يشعر الضرب فيها بالمهانة، كالوجه والرأس والنحر والفرج والقفا؛ ولا يجوز أن يكون الضرب مبرحا ولا مدميا ولا مؤذيا". كما ذكر بعض الفقهاء أنه لا تجوز الزيادة على 3 ضربات، لما روي أن النبي صل الله عليه وآله وسلم قال للصحابي مرداس المعلم: "إياك أن تضرب فوق الثلاث؛ فإنك إن ضربت فوق ثلاث اقتص الله منك". هل هناك تعارض بين رفض الإسلام الضرب وحديث النبي "واضربوهم عليها لعشر سنين"؟ يثير البعض تساؤلات حول التناقض بين رفض الإسلام للعنف ضد الأطفال وبين حديث النبي "واضربوهم عليها لعشر سنين"، وأوضح الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء والمفتي السابق، أن الإسلام هو دين الرحمة، ووصف الله تعالى حبيبه المصطفى بأنه رحمة للعالمين، وأولى الناس بالرحمة هم الأطفال في مراحل عمرهم المختلفة؛ لضعفهم واحتياجهم الدائم إلى من يقوم بشؤونهم، حتى جعل النبي عدم رحمة الصغير من الكبائر، فقال: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا"، كما حض الشرع أيضًا على الرفق، ودعا النبي "صل الله عليه وآله وسلم" إلى الرفق في الأمر كله، فقال: "إن الرفق لا يكون فى شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه"، وأحوج ما يكون الناس إلى الرفق في تربية الأولاد والطلاب. ويحمل الضرب الذي ورد ذكره في بعض الأحاديث النبوية الشريفة، كقوله (صل الله عليه وآله وسلم): "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، فهو في الحقيقة نوع من التربية والترويض والتأديب النفسي الذي يقصد به إظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن الفعل، وليس ذلك إقرارا للجلد أو العقاب البدني، بل إن وجد فهو من جنس الضرب بالسواك الذي لا يقصد به حقيقة الضرب بقدر ما يراد منه إظهار العتاب واللوم. وإذا صلح الضرب وسيلة للتربية بهذه الشروط والقيود في بعض البيئات، فإن ذلك لا يعني صلاحيته لكل البيئات والعصور، بل ولا لكل الأحوال أو الأشخاص، ثم إن حقيقة الضرب قد خرجت الان عن هذه المعاني التربوية، وأصبحت في أغلب صورها وسيلة للعقاب البدني المبرح بل والانتقام أحيانا، وهذا محرم بلا خلاف قضايا تعذيب الأباء والأمهات لأبنائهم وفى يناير الماضي، كانت واقعة تعذيب أب لطفلته الرضيعة بالشارع وسط المارة، فكانت آخر القضايا المفجعة التي آثارت الرأي العام، بعدما أقدم أب بتعرية رضيعته التي لم تتجاوز العام من عمرها في الصقيع بالشارع أمام مسكنهما بالدقهلية، مهددا بإشعال النار في جسدها الصغير، بسبب خلافات أسرية بينه وبين زوجته، وحاول مجموعة من الجيران منعه وإنقاذ الطفلة، إلا أنه اشتبك معهم وسط صرخات استغاثة من السيدات. فى 20 يوليو 2018 - كنا على موعد مع واقعة غريبة فى قسوتها، حيث قام مدرس بإحدى الكليات بتعذيب أبنائه الثلاثة بسير غسالة مثبت به مفك حديدى لأنهم استولوا على 400 جنيه، ما أدى لمقتل أحدهم، وقبلها قتل ميكانيكى نجله خنقاً فى 12 فبراير الماضى، لمعاقبته على سرقة بعض المعدات من الورشة، وفى الشهر نفسه شنق أب نجله فى إحدى قرى مركز بنها بمحافظة القليوبية، بسبب تعاطيه المخدرات، واعتياده سرقة أموال من المنزل لشرائها. وفى 20 إبريل 2017 - تلقى طفل يدعى محمود، 5 أعوام، جرعة تعذيب على يد زوج والدته بمدينة الخانكة، حيث كان يحرق جسده بالنار والمكواة، فيما لم تعترض الأم على ما يحدث، رغم تدهور حالة الطفل، ما أدى لحاجته إلى النقل لمستشفى الدمرداش. وفى مارس 2016 - قتلت ربة منزل بمنطقة الأميرية ابنة زوجها بحجة تربيتها، وذلك إثر تعذيب الصغيرة ضرباً بالخرطوم وحرقها "البنت ضايقتنى من كتر العياط رحت لسعتها بالنار زى ما اتعودت أعمل معاها لقيت البنت مطلعتش نفس ولما خدتها على المستشفى كانت ماتت". وفى ديسمبر 2017 - انتهت حفلة تعذيب أقامها سائق لابنته، 4 أعوام، بإصابتها بتآكل فى أطرافها نتيجة حرقها، وفى مارس الماضى قيدت أم طفلها بالسلاسل والجنازير، لمنعه من تعاطى مخدر "الزومبى"، كما طعن أب فى أكتوبر 2015، بمنطقة الخانكة، نجله بسكين إثر مشادة بينهما عقب تعاطى الابن كمية من الأقراص المخدرة. وتحت عنوان "التربية" - اعتدى عاملا على ابنه صاحب الـ 3 سنوات بالضرب المبرح، ما أدى إلى سقوطه على أسطوانة بوتاجاز، ما تسبب في إصابة الطفل بجرح بالغ في الوجه، وفارق الحياة متأثرا بإصابته، وإدعاء الأب المنزوع من المشاعر أنه كان يضرب طفله لتربيته، مضيفا في التحقيقات: "كنت عايزه يطلع راجل". يشار إلى أنه في عام 2018 سبق للنائبة إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، وأن أعلنت عن انتهائها من إعداد تشريع بتغليظ العقوبة على الوالدين، تصل للسجن 10 سنوات في حالة إذا ما أدى الإهمال للوفاة، وأن مثل هذه الجرائم زادت مؤخرًا بسبب عدم وجود تشريع رادع للوالدين يجرم الإهمال في حق الأطفال.
























الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;