يحظى مسلسل الأسطورة ، بطولة الفنان محمد رمضان ، على نسبة مشاهدة فاقت غيره من المسلسلات خلال شهر رمضان ، ورغم أن الأسرة المصرية بجميع أفرادها ، تجلس أمام شاشات الفضائيات بالساعات لمتابعة المسلسلات ، إلاّ أن المتضرر الأكبر من المردود السلبى لمسلسل الأسطورة وغيره من المسلسلات ، سيكون على الأطفال والمراهقين والشباب الذين يجعلون من بطل المسلسل قدوة لهم ، فى طريقة الكلام واستخدام الألفاظ واللبس وتسريحة الشعر وحلاقة أو ترك الذقن ، أو اللحية أو استخدام الآلات الحادة والأسلحة البيضاء والنارية والبلطجة فى التعامل وحل الخلافات بالعنف ، وليس عن طريق اللجوء للقانون ، وتناول المخدرات فى المناسبات السعيدة والحزينة معا ، وغير ذلك من مظاهر وشخصية البطل فى الأعمال الفنية الرمضانية ، والسؤال الذى يدور فى أذهان الكثيرين حاليا ، ماهو أثر مسلسل مثل الأسطورة على الأسرة المصرية أطفالا ومراهقين وشبابا ، وهل الدراما المصرية تراعى العادات والتقاليد الطيبة التى يسير عليها المجتمع المصرى أم أنها حادت عن الطريق الذى يجمع ولا يفرق ويبرز السمات الطيبة والجيدة لهذا المجتمع ؟؟
البلطجى أصبح المثل الأعلى والبطل الشعبى والقدوة للآخرين
فى البداية ، أعربت الدكتورة هدى زكريا ، أستاذ علم الاجتماع السياسى بكلية الآداب جامعة الزقازيق ، عن مدى استيائها من تسمية مسلسل " الأسطورة " بطولة الفنان محمد رمضان بهذا الإسم ، مبررة بأن لفظ الأسطورة فى حد ذاته لايطلق إلا على الأنبياء والرسل والزعماء أحيانا ، حيث أن الأسطورة هى قصة لفرد فاق القدرات العادية فى نمط الحياة المعتاد ، وقام بفعل ذو قيمة وفائدة خرج فيه عن المألوف ، معتبرة ذلك إهانة مستمرة لكل مدلولات الألفاظ .
وقالت الدكتورة هدى فى تصريح خاص لـ"انفراد " أن سوء استعمال البعض للكلمات دخل ضمن التدنى الذى شاب الثقافة والتدهور والفقر فى استخدام اللغة وجعلهم يلجأون إلى ألفاظ اللغة ، ولكن بمعانى أخرى مختلفة ، وأصبح فيها البلطجى هو المثل الأعلى والبطل الشعبى والقدوة للآخرين من الأجيال المستقبلية ، بدلا من أن يكون الأسطورة عظة وعبرة للشباب يفيدهم بأشياء قيمة ، موضحة أن استخدام الألفاظ فى غير محلها وبغير معناها على المدى القريب أو البعيد يؤدى إلى انهيار أخلاقى ، وبدلا من أن تكون النصيحة "من جد وجد" سوف تصبح "من أجرم وجد ".
ووصفت "أستاذ علم الاجتماع السياسى" مسألة تقليد الشباب الأعمى للبلطجى ، فى تسريحة الشعر واللبس بالمسلسل بإنها عبارة عن حالة مرضية أصابت المنظومة الأخلاقية ، ونشأت من فوضى استخدام الألفاظ ، مؤكدة على أن انتشار الألفاظ والعبارات الخارجة جاء من فوضى استخدام الألفاظ داخل المسلسلات ، خلال السنوات الأخيرة ، والتى بدأ المؤلفون استخدامها فى السيناريوهات بغرض " الفرقة " ، ولفت أنظار المشاهدين أمام شاشات الفضائيات ، وقد أثار ذلك غضب الكثير من المواطنين ، وهذا يعتبر سباق إلى مزيد من التدنى فى تأليف المسلسلات ، ومن الذى يهبط أكثر إلى عمق العار اللفظى .
وشددت الدكتورة هدى على ضرورة إبعاد المواطنين عن مشاهدة ومتابعة تلك المسلسلات التى تؤثر سلبيا على تربية أبنائهم من الجيل الجديد ، مما يترتب على ذلك تحقيق أقل درجة مشاهدة وبالتالى يقل إنتاج المسلسلات التى تجسد بطولة البلطجى .
لدينا طابور خامس من المنتجين و المصورين وكُتّاب السيناريو
ومن جانبها قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى تحدث كثيرا عن الوعى إلا أنه لم يصل حتى الآن للجميع ، وزيادة إذاعة مسلسلات مثل الأسطورة تساعد على صعود جيل مريض نفسيا .
وأكدت الدكتورة سامية خضر أننا نعيش فى مرحلة الإعلام الحر" الفضائيات " ، وهو طابور خامس ويتمثل فى المنتجين و المصريين ومن ورائهم فى كتابة السنياريوهات التى تعظم من شأن الشاب البلطجى وتجعل منه أسطورة ومثل يقتدى به جيل كامل ، متمنية وجود النص القوى الذى يحتوى على الكتابة البسيطة والأفكار الجاذبة ، وبالفعل تلك الروايات متاحة إلا أن الصوتيات والمرئيات تعانى من ضيق مالى مما يتيح الفرصة بظهور المنتجين الذين لديهم الأموال .
وتعجبت الدكتورة سامية خضر من غياب دور الرقابة على المصنفات واتهمتها بالخيانة للأسرة والأطفال والمرأة المصرية ، حيث أن الفن يرفع من قيمة الدولة أو يعمل على انهيارها وهدم قيمها وأفكار أجيالها ، موكدة بإن هناك خطورة كبيرة على جيل كامل من الشباب ، نتيجة متابعتهم ومشاهدتهم مسلسلات تحتوى على قصة مثل الأسطورة ، ولم يتابعوا مسلسلات أخرى بداخلها رسائل وأهداف للشباب وأسرهم .
وطالبت الدكتورة سامية خضر وزير الثقافة بعقد مؤتمر يوضح فيه موقفه من انتشار تلك المسلسلات التى تقضى على الثقافة المصرية تدريجيا ، بجانب قيام وزيرة التضامن بتنظيم مؤتمر لتوضيح الضرر العائد على الأسرة والشعب من مشاهدة الأسطورة وغيره ، بالإضافة إلى إعلان وزير الإعلام عن مؤتمر يفسر فيه دور الرقابة على المصنفات من مسلسل الأسطورة .
المسلسلات تتعرض لدور البطل الذى يحاول الانتقام من المجتمع بشكل أو بآخر
وفى ذات السياق قال الدكتور محمد مختار أستاذ الطب النفسى ، أن هناك خطورة شديدة من وجود المسلسلات التى تتعرض لدور البطل الذى يحاول أن ينتقم من المجتمع بشكل أو بآخر ، وقد بدأ جمهور من مرحلة الشباب فى تقليد مايدور بهذه المسلسلات فى اللبس وحمل المطاوى وتسريحة الشعر وأيضا فى شرب المخدرات والاتجار فى السلاح .
وأشار الدكتور محمد مختار إلى أن بعض المنتجين متخصصون فى إنتاج مثل هذه المسلسلات ، وعند مراجعته والنقاش معه يرد أن المشاهدين يريدون ذلك ، لأنه يهمه الإنتاج بشكل أو بآخر دون النظر إلى الخطورة الدائمة التى تقع على الشباب ، ولذلك لابد من تحرك على مستوى المسئولين للحد من تلك المسلسلات .
وتابع أستاذ الطب النفسى: أنه من المؤكد انتشار السلاح والمخدرات والعنف الجسدى واللفظى فى الفترة التى بعد شهر رمضان كنتيجة لمشاهدة مسلسل الأسطورة ، متمنيا من الجهات المعنية التحرك على كافة المستويات للقيام بالتوعية اللازمة ، ولن يتوقف هذا العبث إلا بوقفة من البيت والمدرسة معا.
