متى تفرض الدولة ضرائب على جوجل وفيس بوك؟.. نواب البرلمان عبروا عن رغبتهم فى سن تشريع لتحصيلها ولم يتحركوا على الأرض.. تجاهلوا إدراجها ضمن اقتراحات زيادة الإيرادات بالموازنة.. والحكومة "نايمة فى العسل"

هل تعلم أن هناك أمولاً طائلة تضيع على الدولة دون أن تجد تحركاً ملموساً على الأرض من جانب البرلمان والحكومة لتحصيلها؟، وهل تعرف أن هناك مؤسسات تكسب مليارات الدولارات ولا تدفع مستحقاتها الضريبية للدولة على الرغم من أنك تدفع ضرائب على راتبك الهزيل؟.. نعم هناك مؤسسات تحقق أرباحاً طائلة تقدر بالمليارات ولا تسدد مستحقاتها الضريبية، بل إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل تضر تلك المؤسسات بالصحف والوكالات الإعلانية المصرية.

إذن.. ما هى تلك المؤسسات؟ وكيف تهدد مستقبل الصحافة فى مصر وسوق الإعلانات؟ وكيف نواجه تلك المشكلة؟ وكيف تعامل معها البرلمان؟.. هذه الاستفهامات سنجيب عنها بإيجاز وبشكل مبسط فى السطور التالية.

فى البداية، نوضح أن تلك المؤسسات هى: شركة جوجل، ومواقع التواصل الاجتماعى وأشهرها "فيس بوك، وتويتر"، وتلك المؤسسات تمارس نشاط تجاريًا فى مصر يقدر بملايين الدولارات دون دفع مستحقات ضريبية للدولة، ويتمثل هذا النشاط فى نشر إعلانات من معلنين مصريين على مواقعها وتحقيق أرباحًا طائلة.

مسألة دفع ضرائب على إعلانات تلك المؤسسات التى تحصل عليها من المعلنين المصريين ليس بدعة نخترعها، وليس خطة لحجب تلك المواقع، أو غلق المجال العام أو محاصرة حرية الرأى والتعبير كما يردد معدومو المعرفة، نظرًا لأن هناك دولاً غربية تُحصل مستحقاتها الضريبة من الإعلانات المنشورة على تلك المواقع، وأبرزها بريطانيا التى تفرض ضرائب على فيس بوك تقدر بنسبة 20%، وكذلك إسرائيل تفرض ضرائب على نفس الموقع تقدر بـ17%.

بعد أن عرفنا أن مواقع السوشيال ميديا وجوجل يفلتون من الضرائب، كيف سيؤثر ذلك على مستقبل الصحافة فى مصر؟، نعم.. عدم إخضاع تلك المواقع لدفع الضرائب يضر بالمؤسسات الصحفية بالغ الضرر، حيث إن تلك المواقع تقدم عروضاً إعلانية بأسعار متدنية للمعلنين فى مقابل العروض المقدمة من الوكالات الإعلانية والصحف المصرية، لسببين الأول أنها غير ملزمة بدفع ضرائب داخل مصر مثل الوكالات الإعلانية والصحف، والسبب الثانى هو عدم إنفاقها أى مبالغ فى إعداد محتوى صحفى أو إعلامى مصاحب للمادة الإعلانية.

ولذا تستحوذ مواقع التواصل الاجتماعى وجوجل على سوق الإعلانات فى مصر، بينما نجد الوكالات الإعلانية والصحف المصرية التى تسدد الضرائب بانتظام تعانى من قلة المعلنين، الأمر الذى يعرضها لأزمات مادية مما يهدد مستقبل المؤسسات الصحفية التى تنتج المحتوى الصحفى وتنفق عليه ملايين الجنيهات وتسدد الضرائب للدولة بانتظام، وفى النهاية تأتى مواقع التواصل لتستحوذ على سوق الإعلانات بأكمله دون دفع ضرائب أو إنفاق "مليم" على المحتوى الصحفى أو الإعلامى المرافق للمادة الإعلانية، وبالتالى نضر بالمؤسسات الصحفية لمصرية لصالح الشركات الأجنبية.

ومن هنا نتساءل.. هل البرلمان المصرى أقل كفاءة من البرلمان البريطانى الذى استطاع أن يُحصل مستحقات بلاده من خلال سن تشريعات تجبر جوجل ومواقع التواصل الاجتماعى على سداد ضرائب على أرباحهم من المعلنين داخل بريطانيا؟، وهل الأحزاب السياسية التى تملك صحفاً تعانى من الإفلاس غير قادرة على إعداد تشريع ليقدمه نوابها بالبرلمان كى يضمنوا حق الدولة أولاً فى تحصيل المستحقات الضريبية، وحماية جرائدها التى تعانى الانهيار المالى.

البرلمان والحكومة والأحزاب السياسية بهيئاتها البرلمانية، أمامهم جميعاً فرصة أخيرة قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للبرلمان ليثبتوا أنهم أكثر كفاءة من نظرائهم البريطانيين وفى أى دولة فى العالم، وأنهم أكثر حرصًا على تحصيل مستحقات الدولة فى ظل العجز الشديد التى تعانى منه الموازنة العامة للدولة، وذلك من خلال سن وإقرار تشريع تلزم "جوجل" ومواقع التواصل على دفع ضرائب للدولة بنسب تعادل النسب المفروضة على حصة إعلاناتها فى بريطانيا أو أى دولة أخرى تحرص على تحصيل مستحقاتها.

ومن خلال رصد التعامل البرلمانى للقضية، نجد أن هناك نواباً بالفعل عبروا عن رغبتهم فى فرض ضرائب على تلك المواقع العالمية، ولكن هل أعدوا تشريعاً لذلك ووقعوا على طلب لمناقشته فى أقرب جلسة عامة؟.. الأمر يستلزم تحركًا على الأرض وليس التعبير عن رغبات، هناك أمولاً تضيع على دولة فى ظل عجز الموازنة، وهناك مؤسسات صحفية ملتزمة بسداد الضرائب تعانى من غياب قواعد المنافسة.

وبالنظر إلى اللائحة الداخلية لمجلس النواب، نجد أن المادة (149) تنص على أن: «يجوز لكل لجنة من لجان المجلس، تقديم اقتراحات بتعديل النفقات الواردة فى مشروع الموازنة، فإذا ترتب على هذه الاقتراحات زيادة فى النفقات فعلى اللجنة أن تضمن فى تقريرها وسائل تدبير مصادر للإيرادات لمواجهة هذه الزيادة فى النفقات بما يحقق التوازن بينها وبين النفقات».

المادة واضحة وصريحة وتفيد بأنه إذا أرادت لجان البرلمان زيادة النفقات فى الموازنة، عليها تدبير مصادر للإيرادات لمواجهة هذه الزيادة فى النفقات، ومن هنا نطرح سؤلاً: لماذا لم تطلب لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان فى تقريرها حول الموازنة الذى يتضمن زيادة فى النفقات تحصيل ضرائب من "جوجل" ومواقع التواصل فى إطار الالتزام باللائحة بتدبير مصادر للإيرادات؟.

هل من المعقول أن تتجاهل اللجنة البرلمانية الممثلة للشعب، والحكومة بكل مستشاريها تحصيل ضرائب من تلك المواقع العالمية لحماية المؤسسات الصحفية المصرية وتحصيل مستحقات الدولة الضريبية مثل باقى دول العالم المتحضر، كما أن الأمر يظهر الحكومة وكأنها "نايمة فى العسل".

وهل من المعقول أيضا أن تُضيّع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان وقتها فى مناقشة فرض رسوم على "راديو السيارة" بقيمة 100 جنيه، وتثقل كاهل المواطن بالأعباء الإضافية فى حين تترك شركات عالمية تحقق أرباحًا تقدر بمليارات الدولارات تفلت من دفع المستحقات الضريبية.

ونود التأكيد أن الكرة مازالت فى ملعب الحكومة والبرلمان، وعليهما التحرك على وجه السرعة لسن تشريع يضمن حق الدولة ويحمى المؤسسات الصحفية بفرض "ضرائب مضاعفة" على جول وفيس بوك وتويتر، مما يحقق مناخا تنافسيا بين جوجل ومواقع السوشيال ميديا من جهة والوكالات الإعلانية والصحف المصرية من جهة أخرى، ويضمن فى ذلك الوقت تقديم أفضل خدمة للمعلنين.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;