سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 أكتوبر 1798.. «بونابرت» يأمر بهدم الجامع الأزهر ليلا «إذا أمكن» وقطع رؤوس المسجونين من الثوار وإغراق جثثهم فى النيل

كانت دماء المصريين تسيل فى شوارع القاهرة بفعل وحشية القوات الفرنسية ضد الثائرين أثناء ثورة القاهرة الأولى يوم 21 أكتوبر 1798، وبلغت ذروتها فى اليوم التالى، وكان القائد العام للقوات الفرنسية نابليون بونابرت يصدر أوامر بتاريخ 23 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1898 أبرزها: «يهدم الجامع الأكبر «الأزهر» ليلا إذا أمكن، وترفع الحواجز والأبواب التى كانت تسد الشوارع»، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر». كان الجامع الأزهر هو محط أنظار «بونابرت»، لأنه مركز الثورة والثوار ضد الفرنسيين الذين قدموا لاحتلال مصر قبل شهور قليلة، ويذكر الجبرتى فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»: «بعد هجعة من الليل «ليلة الثلاثاء 23 أكتوبر»، دخل الإفرنج المدينة كالسيل، ومروا فى الأزقة والشوارع، لا يجدون لهم ممانعا، كأنهم الشياطين أو جند إبليس، وهدموا ما وجدوه من المتاريس، ودخلت طائفة من باب البرقية، ومشوا إلى الغورية، وكرروا ورجعوا، وترددوا وما هجعوا، وعلموا باليقين، أن لا دافع لهم ولا كمين، وتراسلوا إرسالا، ركبانا ورجالا، ثم دخلوا إلى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول، وبينهم المشاة كالوعول، وتفرقوا بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، وكسروا القناديل والسهارات، وهشموا خزائن الطلبة، والمجاورين والكتبة، ونهبوا ما وجدوه من المتاع، والأوانى والقصاع، والودائع والمخبآت، بالدواليب والخزانات، ودشتوا الكتب والمصاحف، وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها، وكسروا أوانيه، وألقوها بصحنه ونواحيه، وكل من صادفوه به عروه، ومن ثيابه أخرجوه». يذكر «الرافعى»، أنه فى الثلاثاء 23 أكتوبر غداة إخماد الثورة بعد أن سادت السكينة، واستولى الفزع على النفوس كانت الجنود لم تزل مرابطة بالأزهر وما حوله، فكانوا يمنعون الناس من دخول الجامع، وشردت الجنود فى الأحياء المجاورة للأزهر ونهبوا بعض البيوت بحجة التفتيش على السلاح حتى اضطر سكان تلك الجهة إلى التحول عن جورهم والنجاة بأنفسهم، وأخذ الجنود يتسكعون فى الأسواق ويقفون صفوفا، فإن مر بهم أحد فتشوه وأخذوا ما معه وربما قتلوه، وصاروا يقبضون على الناس جزافا بحجة أنهم كانوا يخبئون السلاح، أو أنهم اشتركوا فى الثورة فوقع الفزع وكثرت الوشايات، وراجت الدسائس، وتغالت المفتريات، وتعددت المظالم، واستبيحت الحرمات، وامتلأت السجون بالأبرياء، وذاق الناس فيها أنواع الأذى والهوان، وقتل منهم الكثير بلا محاكمة ولا حساب. يذكر الجبرتى فى هذا المعنى: «انتدب برطلمين للعسس على من حمل السلاح أو اختلس، وبث أعوانه فى الجهات يتجسسون فى الطرقات، فيقبضون على الناس بحسب أغراضهم، فيحكم فيهم بمراده، ويعمل برأيه واجتهاده، ويأخذ منهم الكثير، ويركب فى موكبه ويسير، وهم موثقون بين يديه بالحبال، يسحبهم الأعوان بالقهر والنكال، فيودعونهم السجونات، ويطالبونهم بالمنهوبات، ويقررونهم «يكرهونهم على الإقرار» بالعقاب والضرب، ويسألونهم عن آلات السلاح والحرب، ويدل بعضهم على بعض، فيضعون على المدلول عليهم أيضا القبض، وكذلك فعل مثل ما فعله اللعين الأغا «مصطفى أغا محافظ المدينة»، وتجبر فى أفعاله وطغى، وكثير من الناس ذبحوهم، وفى بحر النيل قذفوهم، ومات فى هذين اليومين وما بعدهما أمم كثيرة». يستشهد «الرافعى» بما ذكره الفرنسيون أنفسهم عما ارتكبوه من فظائع ووحشية ضد المصريين، تجاوزت الغرض من إخماد الثورة إلى الانتقام والإرهاب، وذلك بإعدام كثير من المتهمين فى الثورة سرا فى القلعة من غير محاكمة، فقتلوا بحد السنك.. يذكر «الرافعى» أن الجنرال «برتييه» اعترف فى رسالة منه إلى الجنرال «دوجا» قومندان مديرية المنصورة وقتئذ يخبره بحوادث الثورة، قال: «لقد نكلنا بالثائرين فى مذبحة رهيبة فسادت السكينة مساء أمس، وقد قتلنا منهم ألفين أو ثلاثة آلاف»، وأمر نابليون الجنرال «برتييه» بتاريخ 23 أكتوبر، أن يصدر تعليماته إلى قومندان المدينة «بقطع رؤوس جميع المسجونين الذين أخذوا ومعهم أسلحة، وعليكم إرسال الجثث فى هذه الليلة إلى شاطئ النيل فيما بين بولاق ومصر القديمة وإغراقها فى النهر». وأرسل نابليون بتاريخ 26 أكتوبر إلى الجنرال رينييه قومندان الشرقية يقول: «عادت السكينة إلى القاهرة، وفقد الثائرون نحو ألفى قتيل، وفى كل ليلة تقطع رءوس نحو ثلاثين من الرجال وكثير من زعماء الأهالى، وأظن أن هذا سيكون درسا قاسيا لهم». يؤكد الرافعى: «أسرف الفرنسيون فى القتل، ولم تأخذهم رحمة حتى بالنساء، فقتلوا كثيرا منهن، وهذا من أفظع ما سمع فى التنكيل وسفك الدماء.. قال المسيو بوريين سكرتير نابليون الخاص فى مذكراته: «سيق المسجونون إلى القلعة، وكنت أتولى فى مساء كل يوم كتابة الأوامر القاضية بإعدام اثنى عشر سجينا كل ليلة، وكانت جثث القتلى توضع فى زكائب وتغرق فى النيل، واستمر ذلك ليالى عديدة وكان كثير من النساء ممن نفذ فيهم أحكام الإعدام الليلية».



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;