حكايات المؤثرين.. الشيخ محمد محمود الطبلاوى.. آخر حبة فى مسبحة دولة التلاوة.. قال عنه عبد الوهاب "صاحب النغمة المستحيلة".. قصة 15 دقيقة بمولد إبراهيم الدسوقى غيرت حياته.. ومليونير يونانى يطلب منه هذا

لماذا رفضته الإذاعة 9 مرات؟ 5 قروش أول أجر حصل عليه..ماذا فعل بها؟ ميت عقبة الجيزة نوفمبر 1934 لم يكن الطب تقدم بعد، حتى يستطيع الأطباء تحديد نوع الجنين فى بطن أمه ذكرًا كان أم أنثى، ولا يعلم أحد نوع الجنين إلا فور ولادته، أو بالتكهنات والتمنيات، وربما صادف القدر أمنية الأهل ودعاؤهم فتكون الفرحة الكبرى، هذا ما حدث مع والد ووالدة الشيخ محمد محمود الطبلاوى، حينما تنبأ "الطبلاوى الجد"، بأن المولود الذى تنتظره الأسرة ذكر، ليس هذا فحسب بل وسيصبح من حفظة كتاب الله. ولد محمد محمود الطبلاوى، فى قرية ميت عقبة بمحافظة الجيزة، فى مثل هذا اليوم 14 نوفمبر عام 1934، وما أن بدأ الطفل يتكلم بطريقة مفهومة، حتى ألحقه والده بـ "الكٌتّاب" ليحقق نبوءة جده بأن يكون الطفل حاملاً لكتاب الله، وبالفعل نبغ "الطبلاوى الطفل"، فى "الكٌتّاب"، خاصة وأن والده كان يسدد لشيخ "الكٌتّاب" قرش صاغ كاملا بدلاً من "تعريفة"، لزيادة الاهتمام بشيخ المستقبل "محمد محمود الطبلاوى". 5 قروش أجر كبير لطفل صغير "كانت المرة الأولى التى أحصل بها على أجر وكان 5 قروش من عمدة القرية وذهبت إلى الجزاء واشتريت بها 3 كيلو لحمة جملي".. هكذا روى الطبلاوى فى أكثر من حوار ولقاء أول أجر حصل عليه من تلاوة القرآن الكريم، وكان طفلاً لم يكمل الخامسة عشر من عمره، حينما دعاه عمدة قرية ميت عقبة، لإحياء حفل فى خاصًا فى منزله بتلاوة القرآن الكريم، خاصة بعدما ذاع صيت الطفل بين أهل القرية بإجادته القرآن الكريم وعذوبة صوته الفريدة والرخيم، الذى قال عنه بعد ذلك الموسيقار عبد الوهاب: "صاحب النغمة المستحيلة". مولد سيدى إبراهيم الدسوقى و15 دقيقة "صنعت" الطبلاوى الآلاف يتوافدون على محافظة كفر الشيخ، للاحتفال بذكرى مولد سيدى إبراهيم الدسوقى بمسجده بمدينة دسوق، كما ينقل التليفزيون المصرى والإذاعة خطبة الجمعة من المسجد الذى امتلئ عن آخره الذى يقع على مساحة نحو 7 آلاف متر "6400م² لمصلى الرجال و600م² لمصلى السيدات"، وهى الجمعة الأولى التى يظهر فيها الشيخ محمد محمود الطبلاوى حديث الاعتماد بالإذاعة، على الهواء مباشرة. "المتعارف عليه فى ذلك الوقت أن التليفزيون يبدأ نقل شعائر صلاة الجمعة قبيل الأذان بنحو 10 دقائق"، حسبما يروى إبراهيم الطبلاوى نجل الشيخ الطبلاوى لـ "انفراد"، مضيفًا :"إلا أن الشيخ الطبلاوى فوجئ بأن الـ 10 دقائق قد امتدت لدقيقة تلو الأخرى لتتجاوز 15 دقيقة كاملة وكان يتلو وقتها من سورة الأعراف، وكأن القدر كان يخدمه ليسمع صوته ويتفاعل معه ذلك الجمع الغفير من المصلين ومريدى سيدى إبراهيم الدسوقي". "العالم كله عرف الطبلاوى"! قال الشيخ الطبلاوى عن تلاوته بمسجد سيدى إبراهيم الدسوقي: "صنعت شهرتى فى 15 دقيقة .. العالم كله عرف الطبلاوى"، بالفعل زار الشيخ محمد محمود الطبلاوى نحو 80 دولة حول العالم، خلال مسيرته الحافلة فى دولة تلاوة القرآن الكريم والتى امتدت نحو 50 عامًا، سواء بدعوات خاصة أو مبعوثًا من قبل الدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية لحفظة القرآن من كل دول العالم، ونال الكثير من التكريمات والأوسمة، أبرزها وسام من لبنان فى الاحتفال بليلة القدر تقديراً لجهوده فى خدمة القرآن الكريم، ولقب بـ "ظاهرة العصر". تلاوة القرآن فى جوف الكعبة ومن بين الزيارات التى قام بها الشيخ محمد محمود الطبلاوى، المملكة العربية السعودية، حينا دعته المملكة للمشاركة فى لجنة تحكيم مسابقة القرآن الكريم بمكة، وبعد انتهاء المسابقة اقترب منه أحد أفراد آل شيبة سدنة الكعبة وهو يحمل مفتاح الكعبة، ليطلب منه قراءة القرآن فى جوف الكعبة المشرفة فقرأ"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، ويقول إبراهيم الطبلاوى :"يحكى والدى عن هذه التلاوة تحديدًا أنه حينما كان يقرأ القرآن الكريم داخل الكعبة كان يٌشم رائحة الجنة"، وعند مقابلته مع الملك خالد بن عبد العزيز "ملك المملكة العربية السعودية الرابع"، قال له الملك: "القرآن نزل هنا فى الجزيرة العربية وطبع فى اسطنبول وقرئ فى مصر" مليونير يونانى يقع فى عشق صوت الطبلاوي فى عام 1985 كانت هيئة قناة السويس تجرى تطهيرًا لمجرى القناة، وكان المليونير اليونانى "جون لاتسيس" يشارك فى أعمال التطهير، فشاهد الشيخ الطبلاوى يقرأ القرآن الكريم فى التليفزيون، وأعجب بعذوبة صوته للوهلة الأولى، فطلب من مدير أعماله ترتيب موعد للقاء الشيخ، وبالفعل التقى "لاتسيس" الطبلاوى، وأثنى على صوته وعرض عليه دعوة مفتوحة للمشاركة فى تدشين كل سفينة يدشنها لأول مرة، وتوالت دعوات المليونير اليونانى للشيخ الطبلاوى ليقرأ القرآن فوق ظهر السفن الجديدة لجون لاتسيس، وحينما سٌئل عن أسباب حبه للشيخ الطبلاوي، قال: "أتفاءل بصوته وبتلاوة القرآن فوق السفن". ويحكى الشيخ الطبلاوى تطور هذه العلاقة مع "لاتيسس"، فى تصريحات صحفية له فى هذه الفترة قائلاً:"أثناء زيارتى لأثينا لفت نظرى مكتبة كبيرة تشبه قبة الصخرة، نصحت جون لاتسيس بشرائها سألني: لماذا؟ قلت له إنها تشبة قبة الصخرة المقدسة عند المسلمين وإنه لا ينقصها إلا مئذنة بجوارها ومحراب بداخلها وتصبح مسجدا فوافق الرجل على الفور، واشترى المكتبة وحولها إلى أول مسجد فى أثينا كان لى شرف تلاوة القرآن والأذان فيه". الاعتماد بالإذاعة.. قصة مٌلهمة اعتماد أى قارئ فى الإذاعة ليس بالأمر اليسير، فالاختبارات التى تضعها اللجنة الموحدة للقراء والمبتهلين، يصعب على أى قارئ اجتيازها، وربما ييأس البعض من المرة الأولى أو الثانية لإعادة الاختبار، غير أن قصة اعتماد الشيخ محمد محمود الطبلاوى فى الإذاعة، يمكن أن تكون ملهمة للكثير من المبدعين فى أى مجال، فقد رفضته الإذاعة نحو 9 مرات، إلا أنه لم ييأس وظل يتقدم للاختبارات فى الفترة من عام 1961 حتى عام 1970 حينما وقف أمام اللجنة وقال" بسمالله الرحمن الرحيم.. يا بركة دعاء الوالدين"، فبادره رئيس اللجنة بأنه مقبولا بفضل دعاء الوالدين وشهرته الواسعة، وقال الطبلاوى عن ذلك فى حوار سابق لـ "انفراد"، قبل رحيله: "طلبوا منى أتعلم موسيقى وأنا كنت برفض، حتى الموسيقار محمد عبد الوهاب طلب منى أروحله واتعلم الموسيقى ورفضت، لأنى أنا مدرسة متفردة لا أقلد أحدا، لكن هناك من يقلدنى، وفى النهاية قبلونى فى الإذاعة بصوتى كما هو". مدرسة الطبلاوي كان للشيخ محمد محمود الطبلاوي، مدرسته الخاصة فى تلاوة القرآن الكريم، بل وكان يحتد حينما يسأله أحد عن أى مدرسة يبتعها ويؤكد أنه شديد الحرص على الاستقلال بمدرسة فريدة تميزه بشخصيته وطريقته فى الأداء. الطبلاوى وعبد الباسط عبد الصمد بعد اعتماده فى الإذاعة، اشتهر الطبلاوى على نطاق واسع، خاصة بعدما كانت تنقل له الإذاعة تلاوات وإذاعات خارجية، وكان يذاع له تلاوان فى برنامج اسمه "من إذاعتنا الخارجية" فى إذاعة صوت العرب، مما زاد من شهرته وأصبحت الدعوات توجه إليه من جميع الدول العربية والإسلامية، فأصبح يٌحيى حفلات وليالٍ بصحبة كبار قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم العربى، وخاصة بصحبة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ويقول الشيخ الطبلاوى: "فى هذه الفترة، أجرى استفتاء على نجاح الأعمال الإذاعية خاصة الإذاعات الخارجية الدينية فحصل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، على المركز الأول كقارئ إذاعى من الرعيل الأول، فيما حصلت أنا على المركز الأول على القراء الجدد، فكانت سعادتى لا تٌوصف بأن جاء اليوم لآخذ حقى من عٌشاق الاستماع إلى تلاوة كتاب الله وهى شهادة لا رياء فيها، وكنت فخورًا بمقارنة الناس بينى وبين المرحوم الشيخ عبد الباسط، لأنه كان أسطورة وشمسًا لا تنكر، وعلى علاقته بالشيخ «عبد الباسط» يقول: كانت علاقتى به طيبة وخاصة من جانبه فكنت أدعى معه فى سهرات كثيرة فأجد منه الترحيب والتكريم وكان يفضلنى على نفسه فيقدمنى لأقرأ قبله ولو بدأ هو بالقراءة كان ينتهى من التلاوة بسرعة حتى أتمكن من أخذ فرصتى فيها هذا لأن المرحوم "عبد الباسط كان يثق بنفسه ويعلم مكانته فى قلوب الناس". كما كان الشيخ محمد محمود الطبلاوى على علاقة وطيدة بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، قال عنها: "الرئيس السادات كان من ميت أبو الكوم منوفى زيى، وكانت علاقتى به طيبة، وهو كان سميع للقرآن الكريم خاصة من الشيخ مصطفى إسماعيل، وبعد رحيل إسماعيل أصبحت قارئًا بالجامع الأزهر، وكان السادات يحب الاستماع إلى وكان شقيقه عصمت يقولى لى الرئيس يريد سماعك". وريث صوت الطبلاوى تزوج الشيخ محمد محمود الطبلاوى، مرتين، وأنجب من الذكور 8 آخرهم "عمر" سنه الآن 13 عاما، ومن الإناث 5 فقط، غير أن ولد واحد فقط هو من ورث حلاوة الصوت وتلاوة القرآن الكريم عن والده وهو "محمد محمد محمود الطبلاوى"، الذى قال فى حوار سابق لـ "انفراد" ضمن سلسلة حوارات "أبناء القراء فى دولة التلاوة الحديثة": "اتممت حفظت القرآن الكريم وأنا فى عمر 10 سنوات، على يد والدى أنا وشقيقى أحمد واكتشف والدى صوتى قبل ذلك بثلاث سنوات، عن طريق الصدفة، حيث كنت استمع لأذان الشيخ محمد رفعت فى التليفزيون وأردت تقليده وذهبت لوالدى ليستمع إلى ومن هنا أدرك موهبتى وحلاوة صوتى، وكتت أقرأ القرآن فى الإذاعة المدرسية وأنا فى الابتدائية، وكنت أختار من آيات الله ما يناسب الأحداث والأعياد فمثلا اختار آيات عن الأم فى عيد الأم وهكذا، نحن 13 أخًا وأنا الوحيد الذى أراد الله أن أسير على درب والدى، ولى شقيقى أحمد صوته عذب لكنه لم يسلك نفس طريقنا، فأنا كنت أحب الذهاب مع والدى فى الليالى التى يحيها، والحفلات التى ينقلها التليفزيون، وكنت أٌؤذن للصلاة فى وجوده وأنا فى سن الخامسة عشر من عمر". شائعات الوفاة "وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوى".. "نقابة القراء تنفى شائعة وفاة الشيخ الطبلاوى".. "الشيخ الطبلاوى يرد على شائعة وفاته".. كل هذه العناوين أو مضمونها كانت حديث الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات من وقت لآخر قبل وفاة الطبلاوى بفترة ليست بالقصيرة، وفى حواره الأخير لـ "انفراد"، رد الطبلاوى على هذه الشائعات قائلاً: "دول ناس مغرضين وفى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، واللى يطلع إشاعة يكون حاقد، أو لديه نوع من الغيرة، ومن يروجها هم من أبناء المهنة، وهم عديمى الدين والإسلام برئ منهم". آخر حبة فى مسبحة دولة التلاوة فى 5 مايو 2020 الموافق 21 رمضان عام 1441 هجريًا، رحل عن عالمنا الشيخ محمد محمود الطبلاوى، وانفرطت "آخر حبة فى مسبحة دولة التلاوة" كما وصفه الكاتب الصحفى الراحل محمود السعدني، فى كتابه "ألحان السماء"، عن عمر يناهز 86 عامًا، وأدى المئات صلاة الجنازة على جثمانه، أمام منزله فى ميت عقبة، وذلك قبل تشييع الجنازة ونقل الجثمان إلى مثواه الأخير بمقابر العائلة فى البساتين، بمشاركة عدد كبير من قراء القرآن الكريم، وبعد وفاته أطلق فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اسمه على معهد مدينة تلا الأزهرى بمحافظة المنوفية، ونعاه قائلاً: "سيظل يحتل مكانة كبيرة فى قلوب وعقول المسلمين، وسيظل صوته العذب يقصده المسلمون للتدبر فى آيات الذكر الحكيم، ويبقى الشيخ الطبلاوى علامة بارزة فى تاريخ الترتيل والتلاوة فى التاريخ الحديث".






























الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;