"رمضان فى النوبة شكل تانى".. الإفطار على 300 صينية لجمع الشمل واستمرار الترابط والألفة.. أهالى "هيسا وتنقار وكركر" يتجمعون على أكبر مائدة للنوبيين فى أسوان.. و"الفتة" و"الأبريه" أبرز الأطعمة والمشروبا

تعليق الزينة وقصائد المديح والذكر من مظاهر إحياء الليالى "صوانى ألمونيوم ووجبات مميزة وعصائر الأبريه".. هكذا يفضل أبناءالنوبةالإفطار فى رمضان، بعد أن أحبوا التجمع فى أكبر مائدة داخل القرى والجزر الموجودة فى محافظة أسوان، كنوع من العادات والتقاليد المرتبطة بشهر الصوم، وتوارثوها قديمًا من الأجداد ولا يزالون يحافظون عليها حتى اليوم. "انفراد" شارك أبناء النوبة تفاصيل هذا التجمع الأكبر فى مكان واحد لهم، لتناول الإفطار سويًا، ثم إحياء ليالى رمضان فى القرى النوبية بما تحويه هذه الليالى من احتفالات وابتهالات ابتهاجًا بقدوم شهر رمضان المعظم. وبمجرد الذهاب إلى جزيرتى "هيسا" و"تنقار" فى أسوان، تلاحظ ملامح البهجة وعلامات السرور فى الشوارع وعلى وجوه الأطفال والكبار ابتهاجًا بقدوم شهر رمضان، بعد أن حرصوا على تعليق الزينة فى الشوارع وتنادت مكبرات الأصوات التى تعكس الفرحة بحلول الشهر الكريم، وتعالت أصوات الناس بكلمات نوبية لا يعرفها إلا أبنائهم يتبادلون فيها التهانى بشهر رمضان. ويشارك جميع أهل هذه الجزر النوبية فى إعداد موائد الإفطار بعد أن خصصوا يومًا للإفطار الجماعى داخل الجزيرة، وبأعداد كبيرة مستقبلين بذلك عشرات الضيوف أيضًا من خارج النوبة، ويحرصون إعداد الطعام والمشروبات المميزة التى تشتهر بها النوبة وتتعلق بشهر رمضان ومنها "مشروب الأبريه". قال سمير حمدى، من أبناء النوبة، أن الإفطار الجماعى هو عادة أبناء النوبة فى كل عام خلال شهر رمضان الكريم، ويحرصون على التجمع فى مكان واحد سواء أهل القرية أو القرى المجاورة لهم بجانب ضيوفهم من شتى أنحاء محافظة أسوان، سواء كانوا أهالى عاديين أو مسئولين، ويتم دعوتهم لمشاركة أبناء النوبة الإفطار خلال هذا اليوم، وتزداد الأعداد عام بعد عام، وهذا التجمع ليس قاصر على يوم واحد فقط خلال الشهر، ولكن يتم تحديد يوم بكل قرية أو جزيرة من جزر النوبة فى أسوان، ومعظم التجمع يكون فى قرية كركر وجزيرتى هيسا وتنقار. وأضاف سمير حمدى، أن الإفطار يكون إما بإعداد أصناف الأطعمة فى مكان واحد ويتم توزيعها على مكان الإفطار، أو عن طريق إخراج كل بيت صينية تضم أصناف الأطعمة المختلفة حسب كل منزل، ويتم التجمع فى مكان واحد هو الأوسع فى القرية أو الجزيرة ويتم تهيئته ونظافته وفرشه لاستقبال الضيوف وأهالى القرية وفى الغالب يحضرون قبل الإفطار بوقت كاف يتم خلاله الترحيب بالضيوف وتبادل التهانى بحلول شهر رمضان. وتابع تاج السر عبد الفضيل، من أبناء جزيرة تنقار، الحديث عن الإفطار النوبى قائلًا: إعداد الطعام يكون من خلال طرقتين الأولى هى ذبح الذبائح وطهى الطعام بأصناف محددة فى مكان ومن هذه الأطعمة "الفتة" المعروفة كطبق أساسى على وجبات الإفطار وتسمى أحيانًا "كرامة"، ولكن هذا النوع ليس أساسيًا فى الإفطار الجماعى، وهناك النوع الآخر من الإفطار وهو إخراج "صينية" الطعام من كل منزل من منازل النوبة والجميع يشارك، ويصل إجمالى أعدادها لنحو 300 صينية حسب تعداد سكان القرية أو الجزيرة، وهناك المنزل الواحد الذى يشارك بأكثر من صينية لوجود أكثر من رب أسرة، ولا تخلو هذه الصوانى من اللحوم والفراخ وغيرها، بينما يشترك الجميع فى صناعة مشروب "الأبريه" وهو الأشهر على موائد الإفطار فى النوبة. وأشار إلى أن هذا التجمع يتم الإعداد له قبل اليوم المحدد بيومين تقريبًا، وتتجمع النساء لشراء وإعداد الأطعمة والمشروبات لهذا اليوم، وبعد الانتهاء من الإفطار وأداء صلاة العشاء والتراويح فى جماعة، يجلس الجميع رجال وأطفال وسيدات للاستمتاع بإحياء ليالى رمضان من خلال تلاوة القرآن لأبرز مشاهير القراء فى أسوان والاستماع للتواشيح والابتهالات الدينية والمدائح للطرق الصوفية المختلفة وأكثرها بين أبناء النوبة الميرغنية. وأوضح مصطفى جمعة، من أبناء النوبة، أن عادة أهل النوبة فى غير هذا اليوم، هو الحرص على تناول الإفطار أمام البيوت، حيث يفترش الجيران "الحصيرة" على الأرض متقاربين ومتلاصقين، ويتجمع كل 3 أو 4 منازل متقاربة ومتلاصقة على مائدة واحدة أمام البيوت، ويشاركون إعداد الإفطار، وكل منزل عليه إعداد صنف واحد من الطعام وتتجمع فى النهاية هذه الأصناف المختلفة من الأطعمة على مائدة واحدة ويتشاركون فيها جميعًا. وأكد مصطفى جمعة، أن الهدف من مشاركة الإفطار الجماعى هو لم الشمل والاستمرار والألفة والترابط بين أبناء النوبة فيما بعضهم ومع الآخرين، وهذا التجمع السنوى فى الإفطار هو من العادات الجميلة التى لا يزال يحرص عليها أبناء النوبة ويغرسون معانيها فى أبنائهم حتى يستمروا فى الحفاظ على إقامتها سنويًا بالتزامن مع شهر رمضان المبارك.