سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يونيو 1839.. إبراهيم باشا ينتصر على العثمانيين فى موقعة «نصيب» ويستقبل ضباطه فى خيمة القائد المهزوم حافظ باشا لشرب القهوة

اجتمع الضباط بالقائد إبراهيم باشا بن محمد على وقائد جيوشه مساء يوم 23 يونيو 1839، وبعد أن أثنى على ما أبدوه فى اليومين السابقين، وطلب إليهم أن يحققوا النصر ويرفعوا اسم مصر، اتجهوا إلى خيمة رئيس أركان الحرب سليمان باشا الذى ألقى عليهم أوامره وختمها بعبارة: «غدا نلتقى الظهر فى خيمة حافظ باشا، حيث نحتسى القهوة»، حسبما يذكر الدكتور عبدالرحمن زكى فى كتابه «التاريخ الحربى لعصر محمد على الكبير». كان «حافظ باشا» الذى وعد سليمان باشا باحتساء القهوة فى خيمته قائدا للجيش العثمانى بفرمان من السلطان محمود الذى سيواجه الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا، وكان «وعد احتساء القهوة» دليل ثقة بأن النصر سيتحقق على العثمانيين بعد ساعات، ويذكر «زكى»، أنه حين لاح نور الفجر فى السماء يوم 24 يونيو، مثل هذا اليوم، 1839 كان الجيش المصرى ينهى ترتيباته لمعركة «نصيب» أو «نزيب»، ثم بدأت المعركة وانتهت لتكون واحدة من المعارك العسكرية الكبرى فى القرن التاسع عشر. يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»: «نصيبين بلدة واقعة فى الأراضى العثمانية لكنها على مسيرة ساعات قليلة من الحدود التركية السورية، وكانت سوريا وقتئذ تحت سيطرة محمد على، وصممت تركيا على استعادتها، لكن إبراهيم أذاق فيها الأتراك كأس مرارة الهزيمة، ويؤكد الرافعى، أن الجيش التركى كان يتكون من 38 ألف مقاتل ويحتل مواقع حصينة، أما الجيش المصرى فكان عدده أربعين ألف مقاتل، فالجيشان كانا متقاربين لكن الجيش المصرى كان يفوق التركى فى النظام وبراعة القيادة». كانت الخسائر المادية التى تكبدها الجيش العثمانى فادحة هذا بخلاف خسائره الاستراتيجية، ويذكر عبدالرحمن زكى: «حلت الهزيمة بجيش السلطان، واستولى جند إبراهيم على نحو 20 ألف بندقية، و140 مدفعا بذخائرها، كما استولى فى اليوم التالى على 34 مدفعا فى حصن بيره جك، وبلغت خسائر الترك نحو 4500 قتيل وجريح، وأسر منهم بين 12 ألفا و15 ألف رجل، وترك حافظ باشا خزينته وتحتوى على آلاف الجنيهات وأوراقه وخططه ورسوماته، وذابت قوات الترك فى الحاميات العسكرية فى الأناضول، أما خسائر المصريين فبلغت نحو 3 آلاف بين قتيل وجريح، وأصبح إبراهيم باشا بعد المعركة سيد الأناضول على الإطلاق، وسار الطريق قبالته مفتوحا إلى استانبول، وقبلما يبلغ خبر هزيمة الجيش العثمانى مسامع السلطان محمود كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، وصعدت روحه إلى الرفيق الأعلى». وعن تنفيذ وعد سليمان باشا بشرب القهوة فى خيمة حافظ باشا، يذكر «جيلبرت سينويه» فى كتابه «الفرعون الأخير- محمد على» ترجمة «عبدالسلام المودنى» أنها كانت مثل قصر، ومزينة كبهو إمبراطور»، ويقول: «استقبل إبراهيم باشا جنرالات جيشه، قائلا: أيها السادة، استقبلكم فى خيمة سليمان، ثم ألقى بنفسه فى حضن صديقه «سليمان» وضمه إلى صدره، وقبل جبهته وفمه وهمس وعيناه ممتلئتين دمعا قائلا: أُقبِل اليوم جنديا، وفى المساء جلس على الطاولة التى كانت قبل قليل بمثابة مكتب للمنهزم، وكتب إلى والده محمد على باشا خطابا قال فيه: «أعلمكم أنى هاجمت فى نصيب، وفى أقل من ساعتين، أخذت من العدو مدفعيته وذخيرة الحرب، وأخضع الجيش التركى تماما، ولم أتوقف إلا فى قونية، من أجلكم يا أبى، استمتعوا لسبعة أيام، ثم أعلنوا هذا الخبر السار للعامة». يذكر عبدالرحمن زكى نص رسالة إبراهيم إلى أبيه: «أكتب هذه الأسطر تحت خيمة حافظ باشا، التى لم ينقل العدو شيئا مما كانت تحتويه، وقد استولينا على الأمتعة والمهمات والمدافع والخزانة، وأسرنا عددا عظيما من الجنود، وإنى أود أن أقتفى أثر الأعداء ولكنى لا أجد منهم أحدا، وكان تفرق الجيش العثمانى أشتاتا وفراره بسرعة لم نستطع معها إدراكه بعد معركة دامت ساعتين فقط، كان هجومنا عليه من جميع النقط معا، وكان أحمد باشا المنكلى على قيادة ميمنتنا وسليمان باشا على قيادة الميسرة، أما القلب فكنت أتولى قيادته، وكانت نيران مدفعيتنا حامية جدا، وقد أعادنى هذا الفوز السريع إلى ما كنت عليه فى سن العشرين من النشاط والانشراح والقوة، وسنوافيكم بالتفصيل قريبا». كان إبراهيم المولود عام 1789 يبلغ من العمر 50 عاما أثناء هذه المعركة.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;