"البقرة المباركة" فى الحضارة والدين.. "ذبيحة" الأديان الإبراهيمية.. ورمز "الهيكل" لليهود.. وإشارة "صلب المسيح".. وأكبر سور القرآن الكريم.. مقدسة عند الهندوس.. وإلهة الحب للقدماء المصريين

البقرة حيوان ذو قدرة ربانية عظيمة جمعت ما فى الأنعام بين أن تكون آكلة عشب ميسوراً غذاؤها يسيراً تذليلها، وبين أن تكون مخزناً دائماً ومصنعاً دائباً للحليب والسمن واللحم، ربما يتفق ذلك مع النص القرآنى"وَإِنَّ لَكُمْ فِى الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً، نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ" سورة النحل". هى "الذبيحة المقدسة" لدى الأديان الإبراهيمية "اليهودية، المسيحية، الإسلام"، وهى المقدسة - المحرم ذبحها - عند الهندوس،ورمزا للإلهة "حتحور" إلهة الحب عند الفراعنة القدماء. التقرير التالى يرصد رحلة البقرة "المقدسة" بين الحضارات والأديان: البقرة فى الديانات الإبراهيمية: يقول النص التوراتى فى العهد القديم:"وكلَّم الرب موسى وهارون قائلاً: هذه فريضة الشريعة التى أمر بها الرب قائلاً: كلِّم بنى إسرائيل أن يأخذوا إليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ولم يَعْلُ عليها نير، فتُعطونها لألعازار الكاهن، فتُخرَج إلى خارج المحلة وتُذبح قدَّامه. ويأخذ ألعازار الكاهن من دمها بأصبعه وينضح من دمها إلى جهة وجه خيمة الاجتماع سبع مرات. وتُحرَق البقرة أمام عينيه، يُحرق جلدها ولحمها ودمها مع فرثها. ويأخذ الكاهن خشبَ أرزٍ وزوفا وقِرْمزاً ويطرحُهُنَّ فى وسط حريق البقرة. ثم يغسل الكاهن ثيابه ويرحض جسده بماء وبعد ذلك يدخل المحلة، ويكون الكاهن نجساً إلى المساء، والذى أحرقها يغسل ثيابه بماء ويرحض جسده بماء ويكون نجساً إلى المساء. ويجمع رجل طاهر رماد البقرة ويضعه خارج المحلة فى مكان طاهر فتكون لجماعة بنى إسرائيل فى حِفظٍ، ماءَ نجاسة، إنها ذبيحة خطية. والذى جمع رماد البقرة يغسل ثيابه ويكون نجساً إلى المساء، فتكون لبنى إسرائيل وللغريب النازل فى وسطهم فريضة دهرية".(عد 19: 1-10) فى اليهودية وبحسب المعتقد اليهودى ينتظر اليهود ظهور البقرة الحمراء المقدسة حتى يستطيعون بناء هيكل سليمان - تحت المسجد الأقصى بحسب معتقدهم - وغالبية اليهود يعتقدون أن هذه البقرة هى الوحيدة التى من خلالها يستطيعون أن يدخلوا الهيكل، وذلك بعد أن تحرق البقرة الحمراء ويأخذ رمادها ويتطهر به اليهود قبل دخول الهيكل. ومواصفات البقرة -البقرة الصغيرة الحمراء بالعبرية "باراه" أو "دوماه" الموعودة فى اعتقاد اليهود أن تكون حمراء تمامًا، وألا تكون قد حلبت من قبل، وألا تكون قد استخدمت فى عمل من حمل أو حرث، وأن تكون خالية من العيوب الخارجية، والأمراض الداخلية، وأن تكون صغيرة السن لهذا يطلقون عليها البقرة الصغيرة الحمراء. ويتم التطهير بالبقرة الحمراء عن طريق حرق البقرة بطقوس وأدوات معينة على شجر الأرز ويستخدم رماد البقرة الحمراء فى تطهير اليهود، بدءًا من الكاهن الذى يغسل ملابسه ويغتسل هو برمادها، لاعتقادهم أن اليهود جميعًا غير طاهرين. فشريعة العهد القديم كانت تَحْسب لمس الميت يُسبِّب نجاسة لِمَنْ يلمسه، باعتبار أن الموت هو ثمرة الخطية التى وقع فيها "آدم وحواء". فى المسيحية بينما ينظر أصحاب المعتقد المسيحى أن جميع ذبائح العهد القديم بكل أنواعها كانت تشير إلى ذبيحة الصليب، وذلك كون أن المسيح بحسب معتقداهم هو رئيس الكهنة الأعظم الذى قدَّم نفسه ذبيحة عن خطايا العالم مرة واحدة، استنادا للنص: "فوجَد فداءً أبدياً"(عب 9: 12). فى الإسلام يوجد فى القرآن سورة كاملة تحمل اسم البقرة، وهى أكبر سور "المصحف"، حيث تتكون من286 آية، وتضم العديد من القصص القرآنية، وتحتوى آية الكرسى، والتى لها قدسية عند المسلمين استنادا للحديث النبوى:"إِذا أَويت إِلى فراشك فاقرأ آية الكرسى لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبِح". وذكرت السورة فيما يخص قصة البقرة وبنى إسرائيل النص التالى"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِى قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِى إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِى الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِى اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِى كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)". وبحسب المعتقد الإسلامى يتم تفسير الآيات السابقة بأنها تفيد أن هناك قتيلاً قتل ولم يعرف قاتله، فاحتكموا للنبى موسى، فأبلغهم الله أن يذبحوا البقرة ويضربوا المقتول بشىء منها بعد ذبحها فيحيا القتيل ويخبر عن قاتله. فى الديانة الهندوسية البقرة مقدسة لدى الهندوس، حيث يلتقى الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعى وأنواع من الحيوان كالقردة، لكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أى قداسة، ولها تماثيل فى المعابد والمنازل والميادين، ولها حق الانتقال إلى أى مكان، ولا يجوز للهندوسى أن يمسها بأذى أو يذبحها، وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية. وتتجول الأبقار بحرية بسبب قدسيتها، حتى فى الشوارع المزدحمة للمدن الضخمة، ويعتبر من حسن الحظ تقديم طعام للبقرة قبل الفطور. وفى الأماكن التى يحرم فيها ذبح البقر يمكن أن يسجن الشخص الذى قتل أو آذى بقرة. وبحسب القانون الهندى لا يسمح بذبح البقر إلا ضمن حدود معينة فى ولايات الهند باستثناء ولايتى غرب البنغال وكيرلا، لذا تشحن أبقار كثيرة إليها للذبح بالرغم من منع القوانين لشحن الأبقار بين الولايات الهندية، وبسبب القوانين والعادات فإن المنبوذين فقط يأكلون البقر الميت ويستغلون جلودها. وقد ذكر فى "ساماويدا" - الكتاب المقدس الذى يشمل الأغانى التى ينشدها المنشدون أثناء إقامة الصلوات وتلاوة الأدعية لدى الهندوس - النص التالى:"أيتها البقرة المقدسة، لك التمجيد والدعاء، فى كل مظهر تظهرين به، أنثى تدرين اللبن فى الفجر وعند الغسق، أو عجلا صغيرا، أو ثورا كبيرا، فلنعد لك مكانا واسعا نظيفا يليق بك، وماء نقيا تشربينه، لعلك تنعمين هنا بالسعادة". حتى أن المهاتما غاندى الزعيم الهندى الشهير قال عن البقرة:"هى أم الملايين من الهنود، وحمايتها تعنى حماية كل المخلوقات، إن الأم البقرة أفضل من الأم التى ولدتنا من عدة طرق". عند القدماء المصريين وكان يرمز للإله حتحور بالبقرة، وهى تعتبر إلهة السماء، والحب، والجمال، والأمومة، والسعادة، والموسيقى، والخصوبة، سميت قديما باسم بات ووجدت على لوحة نارمر. وهى معبودة مصرية قديمة، جعلها أصحابها تارة فى صورة بقرة، وتارة فى صورة امرأة لها أذنا بقرة أو على رأسها قرنان، كانت عندهم رمز الأمومة البارة، وفى اسمها حتحور أى بيت حور أو ملاذ حور ما يشير إلى ذلك، فهى التى أوت اليتيم حورس ابن إيزيس وأرضعته وحمته، فغدت بذلك أمًا له وللطبيعة كافة، باعتبارها رمزًا إلى السماء، ثم جعلوها راعية للموتى وأسكنوا روحها ما يزرع عند قبورهم من شجر الجميز، ثم أبرزوها من الأغصان جسدًا يرسل الفىء ويسقى الظمآنين ممن رقدوا فى حظائر الموت، وتصوروا أنها تجوب أحيانا الصحراء غرب النيل فى هيئة اللبؤة لحماية القبور هناك، ما زال اسمها حيًا فى اسم ثالث شهور السنة القبطية (هاتور) وتدخل فى التقويم المصرى الحديث. وربما ظهر ذلك معالإلهة هى الأنثى فى بعض الثقافات، وذلك لارتباط الإلهات بالأرض والأمومة والحب والأسرة. وضع استثنائى ونظرا لأهمية البقر الاقتصادية قامت السلطات السويسرية حديثًا بإقامة وضع خاص لها ضمن القانون الوطنى، ومنها وجوب أن يكون لها شهادة ميلاد كأى مواطن عادى فى سويسرا، كما تستفيد من ملاحقة أى شخص يتسبّب بأى ضرر للبقرة السويسرية عن طريق القانون.












الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;