تحولت عمليات توريد القمح لمصر فى الأيام الأخيرة إلى أزمة طاحنة ، تسببت حتى الآن فى عزوف الموردين العالميين عن الدخول فى المناقصات التى تطرحها الهيئة العامة للسلع التموينية ممثلة عن مصر، وذلك لاشتراط وزارة الزراعة خلو القمح المستورد من فطر مرض الإرجوت بنسبة صفر % ، وبررت "الزراعة" ذلك المطلب بحماية الحاصلات الزراعية المصرية ،وخاصة القمح المحلى من انتقال الإصابة إليه بهذا الفطر ، الذى تخلو منه مصر تماما ، و بنسبة 100 % ، علما بإن النسبة المسموح بها عالميا فى طن القمح المستورد ،حسب الاتفاقيات الدولية ،واتفاقية الكودكس تصل إلى 05، 0 % ( خمسة فى الألف ) ، وقد أدى هذا الاختلاف فى وجهات النظر ،مابين الزراعة وهيئة السلع التموينية والموردين إلى اقتصار آخر مناقصتين لتوريد القمح ، لشهرى أغسطس وسبتمبر الحالى ، على دخول مورد واحد فقط فى المناقصة الأولى ، وعزوف الجميع عن الثانية ، ثم أعلنت هيئة السلع التموينية فجأة عن مناقصة جديدة اليوم لتوريد القمح ، حتى تزيد من تأمين رصيدها الاستراتيجى من القمح والذى لا يكفى سوى شهر أكتوبر القادم.
حماية القمح المحلى من خطر انتشار الأمراض
وزارة الزراعة ، أكدت على لسان الدكتور عصام فايد ، أنها لن تقبل بدخول قمح مستورد إلى الموانى المصرية به أى نسب من فطر مرض الإرجوت، وبرر الوزير هذا الشرط المستحيل بحماية الزراعة المصرية وخاصة القمح من انتقال هذا المرض الخطير إليه ، وهو الأمر الذى يترك هذه الأزمة معلقة مابين الحجر الزراعى وهيئة السلع التموينية وموردى القمح العالميين الذين هدد بعضهم باللجوء للتحكيم الدولى ، والالتزام باتفاقية الكودكس .
مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم
وبعيدا عن أزمة توريد القمح الحالية ،فقد تحولت مصر خلال ستة عقود من الزمن إلى أكبر مستورد للقمح في العالم ، وأعلي نسبة استهلاك للفرد (٢٠٤ كجم في العام) ، وقفز الاستهلاك إلي أكثر من ٢٠ مليون طن في العام ، وتزرع مصر حوالى 3 مليون فدان سنويا ، تعطى إنتاجا وفيرا طبقاً للإحصائيات المصرية الرسمية بحوالى ٩ ملايين طن ، ومع ذلك تستورد النسبة الباقية من الخارج ، عن طريق المناقصات العالمية.
سيطرة الست الكبار على توريد القمح لمصر والعالم
الواقع الفعلى يؤكد أن هناك 6 شركات عالمية تسيطر على سوق القمح دوليا ،وعلى توريده للأقطار التى تحتاج إليه، هذه الشركات الـ 6 بعضها يتبع الدول المتقدمة فى إنتاج وزراعة القمح فى العالم ، حسب الإحصائيات الراصدة لمساحة الزراعة والإنتاج والاستهلاك الداخلى فى دول المنشأ ،وكذلك حركة الشحن والتصدير والاستيراد، وطبقا لكلام أحد أصحاب هذه الشركات ،فإنها تعمل بنفسها وتدخل المناقصات فى مصر وباقى دول العالم ، أو بوكلاء عنها ، و حسب مساهمتها فى توريد القمح ، تأتى على رأسها شركة "كارجيل" ثم "إية دي إم" وبعدها "رزكوزان" يليها "لويس دريفوس" ثم "بانجي فود" وأخيرا "يونيتد" ، هؤلاء الموردون يتحكمون في محصول القمح في العالم ، ويكفي القول أن إحدى هذه الشركات ،وهى (شركة كارجيل) ميزانيتها السنوية تعادل ميزانية كل دول الشرق الأوسط مضافاً إليها فرنسا، وهو ما يعنى مليارات الدولارات واليوريو والاسترلينى ، كما إن توريدات هؤلاء الموردين من القمح لدول العالم ،خلال السنوات الثلاث الماضية ،تعادل ٩٥٪ من محصول القمح العالمي الذي تم بالفعل تصديره.
هذا المورّد العالمى يؤكد لـ "انفراد" أنه يتحمل كثيراً من المشاق والمخاطر ، فى سبيل وصول القمح لمن يريده ،حيث أنه يشتري القمح من الفلاح حسب أسعار البورصة العالمية، ثم يقوم بتأجير السفن ودفع تكاليفها كاملة قبل الشحن ، ثم التعرض لمخاطر إنخفاض الأسعار في البورصة بجانب فتح خطابات ضمان المناقصات التي يقوم بالاشتراك فيها ومنح تسهيلات موردين في بعض الأحيان.
أخطاء إجراء المناقصات المصرية
مورد عالمى آخر أكد لـ "انفراد" أيضا أن نظام شراء مصر للقمح فيه خطأ كبير ،وقد نصحنا أكثر من مرة هيئة السلع التموينية والشركة القابضة الغذائية بتجنب ذلك ،حيث تقوم البورصة بالارتفاع عند ظهور أنباء عن دخول مصر إلى السوق العالمى للشراء ،وقد أبلغناهم من قبل ، وتحدثنا عن الطرق المثلى للشراء ، ولكن للأسف لم يتم تنفيذها حتى الآن ، ومازال الوضع على قديمه.
