فيما وصف بالثورة فى أكاديمية الفنون قام أعضاء المعهد العالى للنقد الفنى بالأكاديمية بتقديم استقالة جماعية مسببة وجهوها للكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة، موضحين الأسباب التى دفعتهم لذلك.
وجا ء فى المذكرة التى تحمل توقيع الأستاذ الدكتور سامح صابر "إننا إذ نرفع إلى سيادتكم هذه المذكرة الشارحة لا يفوتنا أولاً أن نبعث إليكم بأسمى آيات الإعزاز والتقدير، ونحن إذ نخاطب سيادتكم بشأن الموضوع المبين بعاليه نؤكد أن هذا الأمر لم يكن لولا حرص مجلس المعهد العالى للنقد الفنى وإدارته وأعضاء هيئة تدريسه على المصلحة العامة والانضباط الإدارى والقانونى على الأصعدة التعليمية والعلمية والمالية كافة.
أما فيما يتعلق بالموضوع فإن مجلس المعهد لم يتخذ هذا الإجراء المرفق بهذه المذكرة التوضيحية إلا بعد استنفاد السبل الرسمية والودية كافةً لمنع تفاقم الأزمات المتتابعة بين مجلس المعهد ومجلس الأكاديمية، حيث حاول مجلس المعهد، متمثلاً فى أ.د/ سامح صابر عميد المعهد، رأب الصدع ومحاولة تقريب وجهات النظر لأكثر من مرة وعلى مدار ستة أشهر، لكن باءت كل تلك المحاولات بالفشل بسبب تعنت مجلس الأكاديمية فى التعامل مع توصيات وقرارات مجلس المعهد بصورة تخالف قواعد وقوانين المجلس الأعلى للجامعات واللائحة التنفيذية الخاصة بالأكاديمية.
ويُجْمِل مجلس المعهد النقاط التى بنى عليها موقفه هذا والتى تسببت فى هذه الاستقالة فيما يلى:
أولاً: التعنت فى استخدام السلطة المخوَّلة لرئيس الأكاديمية
حيث تكرر أكثر من مرة تعطيل إجراءات إدارية وقرارات علمية لمجلس المعهد إذ تم تعطيل تشكيل لجان الامتحانات، وتعطيل تشكيل مجالس الأقسام، وتأخير تعديل تشكيل مجلس المعهد، بصورة واضحة وسافرة، حيث تأخر الرد على هذه الموضوعات فى أكثر من مذكرة ولمدد تتفاوت بين الأسبوعين والشهر ونصف، مما هدَّد سير العملية التعليمية بالمعهد وأقسامه، وذلك كما هو مبيّنٌ فى المذكرة رقم (434) بتاريخ 10/8/2016، والتى لم يُرَدّ عليها حتى تاريخه.
كما تعمد مجلس الأكاديمية تعطيل إجراءات قانونية لأعضاء هيئة التدريس بالمعهد، ومنها ما هو متعلق بتجديد إجازات أو إعارات بشكلٍ خارق للقانون، وعلى سبيل المثال لا الحصر المذكرة رقم (428) فى 21/7/2016، المتعلقة بتجديد أجازة عضو هيئة تدريس بالمعهد، والتى لم يرد عليها أيضاً حتى تاريخه.
كما أصر مجلس الأكاديمية على فتح مرحلة البكالوريوس رغم رفض مجلس المعهد لهذا الأمر فى مذكرتين متتاليتين، مخالفةً للمادة رقم 21 وبنودها الأربعة عشر، حيث تنص هذه المادة على وجوب التنسيق بين مجلس المعهد ومجلس الأكاديمية فيما يتعلق بالعملية التعليمية والعلمية وشروط قبول الطلاب وتحديد أعدادهم، ورغم تنفيذ المجلس لقرارات مجلس الأكاديمية التى تتناقض مع اللوائح المنظمة والقوانين، فإن ما أسفر عنه الأمر من قلة عدد المتقدمين وضعف مستواهم العلمى والفكرى ليؤكد تعمد إدارة الأكاديمية إهدار الطاقة الذهنية والبدنية للأساتذة وأعضاء هيئة التدريس بالمعهد، وهو ما يعد تعسفاً واضحاً فى استخدام السلطة المخوَّلة لرئيس الأكاديمية ومجلسها.
هذا وقد تقدّم المعهد لأكثر من مرة بطلبات للإعلان عن درجات معيدين ومدرسين مساعدين؛ لاستكمال الهيكل التدريسى بالمعهد، الذى يعانى من نقصٍ واضح ومخلّ فى معظم أقسامه، ورغم ذلك- وتعنتًا فى استخدام السلطة الإدارية العليا-أعلنت الأكاديمية عن درجات جديدة بجميع معاهد الأكاديمية، وكان نصيب المعهد العالى للنقد الفنى ثلاث درجات فقط هي: درجة معيد بقسم نقد فنون الأداء الحركى الخالى من وجود هيئة تدريسية تماماً، ودرجتا معيدين بقسم التنشيط الثقافى الخالى تماماً من أعضاء هيئة تدريس فيما عدا مدرس مساعد وحيد بالقسم، علمًا بأن بعض الأقسام بالمعاهد الأخرى بالأكاديمية قد تحصَّلت على ست وتسع درجات بقسمٍ واحد، رغم تكدسها بأعضاء هيئة التدريس إلى درجة أن نسبة الهيئة التدريسية إلى عدد الطلاب بهذه المعاهد هى عضو هيئة تدريس لكل طالب!! وهو ما يعدُّ تعمداً وتعسفاً من إدارة الأكاديمية فيما يتعلق باستكمال الهيئة التدريسية بالمعهد العالى للنقد الفني.
وردت مذكرة حملت رؤية مقتَرَحة من معالى أ.د/ نائب رئيس الأكاديمية صدَّقت عليها معالى أ.د/ رئيس الأكاديمية، مفادها "تحويل المعهد العالى للنقد الفنى إلى معهد لإدارة الثقافة"، وهو أمرٌ- بعيدًا عن استهجان المجلس له باعتباره إهانة صريحة للمعهد ومجلسه وأساتذته وأعضاء هيئة تدريسه كاملةً- يتجاوز قانوناً القواعد واللوائح الناظمة للجامعات والأكاديميات المصرية التى تَصْدُرُ لإنشائها قراراتٌ جمهورية مُلْزِمَة؛ وكل ما يتعارض مع القرارات الجمهورية والضوابط القانونية واللائحية هو شيءٌ مردودٌ على مُقتَرِحِهِ جملةً وتفصيلاً، لا مقبوليةَ له ولا معقولية.
كما ورد فى مذكرة معالى نائب رئيس الأكاديمية سالفة الذكر بالبند "خامساً" إمكانية تغيير لائحة المعهد بعد عرضها على جهات الاختصاص، مع إلزام المعهد بالعمل وفقاً للائحة المعتمدة حالياً ولمدة أربع سنوات، أو على حد نص البند الخامس "بعد تخرُّج دفعة". لذا فإن مجلس المعهد تساءل عن وجوب تحديد اللائحة وتوضيح المقصود بها.. فهل هى لائحة 2015 المعتمدة بتوقيع بعض أعضاء هيئة تدريس بالأكاديمية، أم هى لائحة 2008 المعتمدة من قبل معالى وزير الثقافة؟!! وهل هناك لائحة جديدة أو تعديل حَدَثَ باللائحة القائمة أم أن هناك لائحة لم تصل المعهد بعد؟!! وجديرٌ بالذكر أن أساتذة المعهد ورؤساء أقسامه قد عكفوا شهوراً، وفى جلسات واجتماعات متعددة، على وضع تصور لتطوير اللائحة وتحديثها، رغم وجود لائحة جديدة ومعتمدة لم يتم الإعلان عنها إلا مؤخراً، وكأنما جهودهم مجرد طاقات مهدرة مستنزَفَة أو غير ذات جدوى، وهُم مَن هُم من حيث المكانة الأدبية والعلمية يربأون بأنفسهم وعن مجلس الأكاديمية أن يكونوا، أو يراهم مجلس الأكاديمية الموقر، كذلك.
ثانياً: التضارب الواضح والتمييز فى تطبيق مواد القوانين عمداً من رئيس الأكاديمية والتراخى فى تطبيق القانون وتنفيذ بنوده وتفعيل قراراته فيما يتعلق بمحاسبة عضوة هيئة تدريس تم تحويلها للتحقيق فى مخالفتها الصريحة بالسفر خارج البلاد فى أثناء أعمال الامتحانات، ونظراً إلى كَوْن هذه الدكتورة متعاونة بالمركز الإعلامى لرئيس الأكاديمية فإن التحقيق معها لم يتم حتى تاريخه، رغم توقيع عقوبة فورية سابقة فى واقعة مشابهة على عضو هيئة تدريس بالمعهد، وهو ما يعد تمييزاً فى تطبيق القانون وتقاعساً عن تنفيذ بنوده ومخالفة صريحة للوائح والقواعد الإدارية والقانونية، والمذكرة المختصة بهذا الموضوع كانت برقم (398) بتاريخ 16/5/2016.
كما عمدت رئيس الأكاديمية إلى عدم التحقيق فى شبهة تزوير بأوراق رسمية وتعيين بالمخالفة للوائح والقوانين لأستاذ مساعد بقسم النقد الأدبى بالمعهد، ورغم رفع أكثر من مذكرة متعلقة بهذا الشأن، منها مذكرة موجهة إلى مكتب معالى وزير الثقافة عن طريق السيد رئيس قطاع مكتب الوزير، فإن الأمر حتى تاqريخه لم يتم اتخاذ أية إجراءات قانونية حياله من قبل رئيس الأكاديمية ومجلسها الموقر؛ وهذا فيما يتعلق بالمذكرة رقم (913) بتاريخ 25/8/2016.
كما يدخلُ فى هذه المخالفات تدخُّل السيد أ.د/ نائب رئيس الأكاديمية فى تشكيل لجان المناقشة داخل المعهد؛ دونما الرجوع إلى مجلس المعهد أو لجانه العلمية المختصة. وهو أمرٌ تكرر حدوثه أكثر من مرة، ناهيك عن قرارات لجنة المعادلات (وبخاصة فيما يتعلق بالطلاب الوافدين العرب)، والتى ترى الأكاديمية ومجلسها أنها قرارات لا يجوز الطعن عليها أو انتقادها، رغم ما تم توجيهه للأكاديمية من انتقادات لشخصيات رسمية ووزراء عرب على مواقع التواصل الاجتماعى والصحف الإلكترونية فيما يتعلق بمنح درجات ماجستير ودكتوراه لغير مستحقين قدحاً فى الأكاديمية باعتبارها جهة علمية مقدوحاً فى نزاهتها، وهو ما يسيء لأساتذة الأكاديمية جميعا بدءاً من رئيسها ومجلسها وصولاً إلى موظفيها وعمالها والدارسين بها.
ثالثاً: تعمُّد تعطيل تطوير العملية التعليمية والعلمية بالمعهد حيث تباطأ مجلس الأكاديمية فى الموافقة على عدد من الدبلومات التخصصية التى كان من شأنها رفع كفاءة خريجى المعهد وجذب دارسين نوعيين إليه، رغم أن مجلس المعهد تقدَّم بمقترحاته الخاصة بهذه الدبلومات مرفقة بلوائح واضحة وهيكل تدريسى وإدارى مكتمل قبل بدء العام الدراسى الحالى بأكثر من أربعة شهور، لكن تأخُّر الموافقة (التى أتت غير مكتملة إجرائياً ومالياً) تسبب فى دخول بداية العام الدراسى دونما الإعلان عن هذه الدبلومات فى توقيت مناسب مما يتهددها بعدم النجاح وعدم تحقيق أهدافها المرجوة. ومنها على سبيل المثال دبلوم إدارة المؤسسات الثقافية الذى تمت الموافقة عليه فى شهر يوليو المنصرم، وتم إرساله إلى قطاعات وزارة الثقافة ولم تصدر لائحته المالية ولا التنفيذية حتى تاريخه.
كما تباطأت رئيس الأكاديمية فى اتخاذ تنفيذ إجراء متعلق بمجلة المعهد العالى للنقد الفنى المحكمة، والتى وافق عليها مجلس الأكاديمية بجلسته فى 27/ 7/ 2016 ، فرغم مكاتبتها بشأن التوقيع على خطاب موجَّه إلى لجنة الترقيات العلمية بالمجلس الأعلى للجامعات لاعتماد تحكيم المجلة؛ فإن سيادتها جمّدت هذا الإجراء دونما إبداء أية أسباب منطقية، وقامت برد الخطاب إلى المعهد بتأشيرة نصها "يُرَدُّ إلى المعهد" بعد شهرين من إرسال هذا الخطاب إلى سيادتها ليس فقط باعتبارها رئيسا للأكاديمية وإنما لكونها أيضاً رئيس مجلس إدارة هذه المجلة المحكّمة.
ولعله مما يسيء إلى أعضاء هيئة التدريس والدارسين والعاملين بمعهد النقد الفني، ناهيك عن كونه تعطيلاً للعملية التعليمية، هو تعمُّد تعطيل المرافق الخدمية والعناصر الأساسية المتعلقة ببيئة العملية الدراسية ومحيطها، حيث لم تستجب رئيس الأكاديمية لشكاوى المعهد المتكررة من قطع المياه لعشرات الأيام عن المعهد تمامًا، بالإضافة إلى عدم وجود أوراق تصوير وأحبار وأجهزة ذات كفاءة بالمعهد، إلى درجة تبرع أعضاء هيئة التدريس بتوفير هذه الاحتياجات من مالهم الخاص، وبالإضافة إلى قطع التيار الكهربى وإغلاق أجهزة التكييف فى أوقات العمل الرسمية بالمعهد الذى يبدأ عمله من الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءً، برَّرت رئيس الأكاديمية هذا الأمر بكونها مشكلات متعلقة بالتعاقدات مع شركات خاصة وأعطال قسرية، وهو تبرير غير مقبول؛ لأن هذا ما لا يحدث فى المعاهد التى تشبه معهد النقد فى ساعات عمله وظروفه. لذا فإن المجلس يرى أن هذه الأمور تحمل إهانةً متعمَّدة بالمعهد واستهانةً واضحة بأساتذته والعاملين به والمنتسبين إليه.
ومجلس المعهد العالى للنقد الفنى إذ يرفع هذه المذكرة الشارحة لأسباب استقالته الجماعية، لَيحدوه الأمل فى أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة فى مثل هذه الحالات بالجامعات والأكاديميات والمؤسسات التعليمية المماثلة، حتى لا تتكرر مثل هذه الوقائع مستقبلاً، حيث يؤكد أعضاء المجلس-كما فى بداية هذه المذكرة-على أنهم يستهدفون فحسب رِفْعَة المؤسسة التعليمية الأكاديمية التى ينتمون إليها، والحفاظ على ما حازته هذه الأكاديمية من تاريخ وحاضر، حتى يتسلَّمَ الرايةَ من بعدهم مستقبلٌ جديرٌ بمصر ومؤسساتها وثقافتها وحضارتها وفنونها.