قال الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة وتحرير "انفراد"، إن ما يحدث فى سوريا أصبح شأنا محليا بحتا، يؤثر بشكل مباشر فى الداخل، كما يجب أن نعتبر منه.
وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن بشأن حلب بمثابة "فضيحة" أمام الدول العربية، حيث أنه فرنسى وتشاورت حوله الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا فقط، ولم يعد للعالم العربى عن بكرة أبيه علاقة له بالأمر نهائيًا، مضيفا "لكن القرار يصب فى منطق مصر واستراتيجيتها الأولى حول موافقتها على وقف إطلاق النار وراحة المدنيين، لاسيما أن بيان وزارة الخارجية ينص على إدانة مصر لأى طرف سيستخدم العنف خلال عمليات التهدئة".
وتابع "عاوز الحكام العرب يصحوا، خاصة أشقائنا المتورطين صرفوا 300 أو 400 مليار دولار وراحوا فشوش، مثل قطر والبعض من غيرها، وهناك بلدان عربية شقيقة بتسقط فى نفس الأخطاء اللى عملناها من سنوات ما بعد الاحتلال واستقلال الأمة العربية، وبنفس تفتيت الأمة العربية وبيتم حاليا على أيدى بلدان عربية وحكام عرب".
وأضاف خالد صلاح، ببرنامج "على هوى مصر" الذى يذاع على فضائية النهار one، أن من يتناقش فى مصير سوريا حاليا الروس والأتراك والإيرانيين، مضيفًا "وكل البلاد العربية وكل المليارات اللى كان ممكن تنفق على مسيرة التنمية فى العالم أو استزراع أراضيهم الصحراوية وعلى الفقراء فى العالم العربى، أنفقت هباءًا، ولا توجد دولة عربية واحدة من بلدان الجزيرة العربية من التى كانت تتخذ موقف مشدد ضد بشار الأسد وتمويل عمليات مسلحة لها أى دور الآن على طاولة التفاوض".
واستكمل: "ترامب طلع قالهم دا لو عملنا إعادة إعمار حضراتكم اللى هتدفعوا، ولو كملنا أى حروب فى المنطقة أنتو اللى هتدفعوا برضو، وليه بنقول المشهد ده؟ بنقوله علشان هذه هى النهايات المأساوية نتيجة الانقسام العربى، هذا النوع من الانقسام والانشقاق الذى يحصد ثماره فقط العدو أو الأجنبى أو الفرنجة" متابعا "ليبيا ضاعت والناتو اللى خلص مع طائرات عربية، هى التى قصفت طائرات القذافى".
ووجه رئيس تحرير انفراد، حديثه لشعوب الجزيرة العربية قائلًا "أدعوكم لسؤال أنفسكم، لماذا أنفقنا كل هذه المليارات من الدولارات على حرب خاسرة، ثم كيف لم تضمن هذه البلدان لنفسها أن تلعب دورا أكبر من كونها واحد جيبه فيه فلوس بيدفع علشان يخلص، وإزاى الروس والأتراك والأمريكان هما اللى بيحسموا المصير، وإزاى الفرنسيين والروس والأمريكان هما اللى بيحسموا القرار فى سوريا".
وأكد أن الأمم المتحدة عندما أصدرت القرار بشأن سوريا وضعت فيه أن يكون هناك دوريات تراقب خروج المدنيين لضمان أمنهم، رفضت البلدان العربية التى مولت الحرب فى سوريا أن تشارك فى أى أنشطة لها علاقة بخروج المدنيين، مضيفًا "هما بيبكوا على السوريين فقط.. مولوا الحرب وخسروا فيها والغرب كله ما يهمهوش إحنا نولع طالما إسرائيل كسبانه، والبلاد اللى دفعت قطر ومن معها اللى مولوا الحرب فى سوريا وسلحوا داعش وجبهة النصرة ضد بشار الأسد، ولما انتصر بشار فضلوا يبكوا على المدنيين، ولما جه وقت مساعدتهم على الخروج ما اشتركوش فى القرار وقالوا مش هنشترك فى العمليات بتاعة الأمم المتحدة!، يعنى فلوسكم راحت هدر ولا جابت انتصار سياسى ولا عسكرى ولا حتى انتصار أخلاقى".
وتساءل الكاتب الصحفى، "طب هى الفلوس أنفقت ليه من الأول، هو ليه هذه المنطقة من أيام معركة الجمل لحد دلوقتى.. ليه إحنا اللى واقعين فى بعض، ولما نيجي نتأمل المشهد ده فعلا الواحد يكاد يصل إلى يقين أن فكرة المؤامرة عربية، نحن الذين نتآمر على أنفسنا، والنهارده، لماذا لا توجد رقابة مالية على الأموال العربية التى أنفقت لقتل الأشقاء فى سوريا؟ أليس منك رجل رشيد ورؤية حكيمة تقول الفلوس دى اتصرفت فين؟ وليه شعوب عربية تنفق أموال لضرب شعوب عربية أخرى؟ وليه شعوب عربية تنفق أموال فى تمويل الإرهاب؟ وليه تشترى قنابل تضرب بيها عرب؟ وليه متشطرين على بعض؟ ما تتشطر على إيران وإسرائيل؟".
وشدد خالد صلاح، على ضرورة أن يتأمل الحكام العرب ما سلف ذكره سابقًا، لأن الدمار قد يلحق بمنطقة شبه الجزيرة العربية نتيجة الأموال التى تنفق بلا رقابة شعبية، ووفق طموحات زائفة، كما الاعتقاد بأن القدرة المالية تستطيع أن تكسر الأنظمة والشعوب وتقود المنطقة غير حقيقى، لاسيما أنه فشل فى اليمن وسوريا ولبنان وليبيا والمواجهة مع إيران، مضيفًا "نريد من الحكام العرب ونتمنى بكل أدب وبكل أخلاق ومحبة لهذه الأمة أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم، وهذه الأموال لا تضمن نفوذا، ومن يضمن النفوذ هى القيمة والرؤية والعروبية والحفاظ على تماسك هذه الأمة، مش تسخر الثروات فى حروب زائفة نتيجة وهم إنك تستطيع بالمال وحدة أن تقود المنطقة".
وأكد أن الانتصار الذى صنعه الجيش السورى رسالة قوية للحكام العرب وما يقومون به من تمويل الحروب فى المنطقة، وكذلك الانتصار الذى يحدث فى اليمن للمعسكر المضاد فى الحرب يؤكد نفس الأمور.
وأضاف: "هنا عقل مغفل عبر التاريخ يتصور أن التحالف مع القوى الأجنبية يقوى الشوكة فى الداخل، ونفس الدور اللى لعبه والى عكا هو الدور اللى بتلعبه قطر، ونفس الغباء اللى اتعمل فى التاريخ العربى والإسلامى هو نفس الغباء اللى بيحصل دلوقتى فى الجزيرة العربية، ووهم القوى المزيفة بالمال أو وهم احتكار الحقيقة بالمذهب، ودى مشكلتنا، وإحنا مغفلين، واللى بيتآمر علينا إحنا بنفسنا، وإحنا اللى كسرنا جيش العراق اللى كان هيقف ضد إسرائيل فى النهاية، وكسرنا جيش سوريا، وكسرنا اليمن، وكسرنا ليبيا، وكان كله عاوز يكسر مصر ولكن بفضل الله قائمة، وفى الآخر كسبوا من الشرق إيران ومن الجنوب إيران، ومن الشمال فى العراق وسوريا ولبنان إيران، وحاليا بيخسروا مصر! إيه الذكاء الكبير اللى فى الجزيرة والعربية ده؟".