البسمة أصدق لو بطعم الحزن.. أم شهيدتين بـ"البطرسية" تواسى والدة ماجى: يا بختك بنتك عسولة.. والثانية ترد: إنتى وصلتى اتنين أنا وصلت واحدة.. والوالد: ضحكتها مش مفارقانى لكن عزائى إنها ملاك بيضحك فى السم

"بنتك عسولة يا بختها".. "يا بختك إنتى، وصّلتى اتنين أنا وصّلت واحدة"، هاتان الجملتان الناعمتان ليستا جزءًا من حوار والدتين فى حفل خطوبة أو زفاف ابنة واحدة منهما، وليستا للمجاملة فى حفل تخرج أو احتفال لتكريم المتفوقين فى مدرسة أو جامعة، إنهما جملتا عزاء وبكاء وعويل، أم فقدت ابنتيها تواسى أمًّا فقدت ملاكها الصغير، ولكن الحزن هنا ليس حزنًا عاديًّا، ليس كحزن البشر الذين تفطّرت قلوبهم فأثمرت نحيبًا وعويلاً وسوادًا وغضبًا على الناس والعالم، هنا الحزن نبيل وجميل وطيب وذو مهابة وجلال، يعرف كيف يبتسم، وكيف ينظر للعالم نظرة مواساة وكأنه هو من مات، وكأن ناسه من فقدوا أحباءهم، هذه المحبة الذى حملها يسوع وأجراها فى نهره فشرب أبناؤه حتى ارتووا، وتقطّرت المحبة من وجوههم، لا عرقًا ولا دمعًا، وإنما ابتسامات ملوّنة، يمكنك إن اقتربت منها أن تشم فيها رائحة الملح وطعم الحنظل والصبار، ولكنها تحاول أن تكون طيبة فى وجه العالم، ومبهجة رغم الأحزان، هكذا كان لقاء السيدة نهلة والدة الشهيدتين مارينا وفرونيا، بالدكتورة نرمين، والدة عروس السماء الصغيرة الجميلة "ماجى مؤمن". توجهت والدة الشهيدتين مارينا وفرونيا، اللتين غادرتا عالمنا فى حادث تفجير الكنيسة البطرسية قبل أسابيع، لزيارة والدة الطفلة ماجى، التى لحقت بصديقاتها من "ملائكة البطرسية" بعد أيام من الحادث، وعقب فترة من المعاناة والنوم فى العناية المركزة على رجاء الرحمة وتقبل دعوات الأهل والمحبين، قبل أن تختار السماء روحها إلى جوار رفيقاتها وبنات كنيستها ومعموديتها، وخلال الزيارة استند الحزن على البسمة، وتعكّزت مشاعر الأم غضة الفقد على تماسك الأم التى جفت دمعتها بفعل بالأيام لا بفعل ذبول الحزن ومواته، فقدمت والدة مارينا وفرونيا العزاء لوالدة "ماجى"، حضر القلبان المشقوقان بالفقد خلف وجه يصطاد الابتسامة بعناء ومشقة، حتى لا يثير أحزان ملائكته الصغيرة فى السماء، وحضرت لغة التضامن والمودة بين ناس مصر، بين أسر الشهداء، وبين أرحام أنجبت لتهدى للحياة وللموت زهورا جميلة أينما حلّت، تلميذات فى المدارس، مصلّيات على مذبح الكنيسة، أو عرائيس يعتمرن إكليل الشهادة. الموقف على مهابته وجلاله كان جميلاً وشجيًّا، من شجرة الحزن تطلع وردة، رغم ما يغطيها من دمع، تفوح منه رائحة عطرة، والدكتورة نرمين، والدة الطفلة ماجى، والسيدة نهلة والدة مارينا وفرونيا، اجتمعتا على العزاء والصبر، وعلى ثلاثة أرواح نقية تحلق فى الملكوت السماوى، فكانت ابتسامتهما دليلاً حيًّا على قوة الحياة وغلبتها وانتصارها على الموت، وعلى التسامح والسلام النفسى رغم الفراق الصعب، وعلى حلاوة اللسان بينما فى القلب نار تستعر، هكذا قالت والدة مارينا وفرونيا لوالدة ماجى: "بنتك عسولة، يا بختها بالسما"، لترد عليها والدة ماجى: "يا بختك إنتى، وصّلتى اتنين للسما، أنا وصّلت واحدة". إذا غادرنا قلبى أم مارينا وفيرونيا، وأم ماجى، القلبين المفطورين على ملائكتهما الثلاثة، وذهبنا إلى الدكتور مؤمن، والد الشهيدة الصغيرة ماجى، فلن تختلف الأجواء ولن تجد مساحة خالية من الحزن أو حزنًا قليل التركيز لديه، القلب مفطور والصوت متهدج والمشاعر تبكى كما تبكى العين، بينما يروى ساعات الدعاء والرجاء والبكاء فى المستشفى وتحت قدمى ماجى، فى رحلة عذاب بدأت بإصابة الطفلة فى حادث التفجير، وانتهت باستشهادها بعد أيام. وكشف الدكتور مؤمن فى حديثه مع "انفراد"، عن أنه كان يعتاد الذهاب مع زوجته الدكتورة نرمين وابنتيه ميرا 7 سنوات وماجى 10 سنوات إلى الكنيسة البطرسية كل يوم أحد، وهو يوم إجازته من العمل، ولكن منذ قرابة شهر ونصف الشهر تمّت رسامته "شمّاسًا" فى الكنيسة المرقسية القديمة برمسيس، وكان يخدم فيها فى موعد القداس، ما منعه من زيارة الكنيسة البطرسية، فكانت زوجته وابنتاه يذهبن للقداس دونه، متابعًا: "فى يوم الحادث كان المفترض أن أنزل مع زوجتى وابنتىّ ميرا وماجى لحضور القداس الأول الذى يبدأ فى السادسة صباحا وينتهى فى التاسعة، ولكن المنبه لم يعمل، فقررنا حضور القداس الثانى"، مشيرًا إلى أنه توجه للكنيسة القديمة فى رمسيس، وتوجهت الزوجة والطفلتان للكنيسة البطرسية، ثمّ تلقى اتصالا بوقوع انفجار فى الكنيسة وإصابة زوجته وابنتيه، فأسرع إلى مستشفى دار الشفاء ليجد ابنته على جهاز التنفس ومصابة بشظايا فى المخ وحالتها خطرة. وكشف والد الطفلة الشهيدة ماجى فى تصريحه، عن أنه كان يعلم بخطورة حالة ابنته، ورغم صعوبة الحالة كان يتمنى شفاءها ويدعو الله بصدق وقلب محترق، ولكن صعدت روحها للملكوت وهى الآن ملاك فى السماء، مضيفًا: "ماجى كانت متفوقة رياضيا وفنيا ودراسيا، كانت بتمارس الطائرة والسباحة، وكانت مرتبطة بأمها أكثر منى، نظرا لانشغالى الدائم فى عملى بالصيدلية، ولكنها كانت دايما تنتظرنى مساء لتتناول العشاء معى". وأضاف الدكتور مؤمن بصوت متهدج ومشاعر مرتبكة: "سأفتقد ماجى، فراقها صعب وضحكتها مش مفارقانى، صوتها لسه فى ودانى، حزين لأنى مش هنزل معاها أشترى لها هدوم العيد زى كل سنة، شجرة الكريسماس السنة دى اتطفت واتحرقت بموت ماجى، لكن عزائى إنها ملاك فى السما بيضحك ويلعب ويملا العالم بهجة زى ما كان فى الأرض، وإنها أصبحت شفيعة ليا"، مختتمًا حديثه بشكرالمصريين، أقباطًا ومسلمين، على حبهم لـ"ماجى" وتعاطفهم معها ودعائهم لها خلال وجودها فى المستشفى، بالشكل الذى أشعره إنها ابنة كل مصرى وليست ابنته وحده. يذكر أن عدد شهداء حادث الكنيسة البطرسية قد وصل لـ27 شهيدًا، بعد وفاة 3 مصابات كنّ يتلقين العلاج فى المستشفيات المختلفة، وتضم قائمة الشهداء أسماء:نبيل حبيب عبد الله، مارينا فهيم حلمى، فيرونيا فهيم حلمى، ماجى مؤمن، فيرينا عادل أمين، نيفين نبيه يوسف، نادية أنور شحاتة، عطيات سرحان سعيد، سامية جميل خير، مادلين ميشيل باسيلى، مادلين توفيق عبده، إنجيل أنور مرقس، أوديت صالح ميخائيل، سهير محروس غالى، إنصاف عادل كامل، وداد وهبة إبراهيم، عايدة ميخائيل عبد الملك، سعاد عطا بشارة، صباح وديع يسى، سامية فوزى فهمى، جيهان ألبير صادق، إيمان يوسف يعقوب، نيفين عادل سلامة، مارسيل جرجس يوسف، أمانى سعد عزيز، روجينا رأفت وإيزيس دميان بولس.
















الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;