لليوم الثالث على التوالى تواصل المظاهرات المناهضة للحكومة الرومانية فى العاصمة بوخارست، وعدد من المدن الأخرى، لمطالبة الحكومة اليسارية، التى تسلمت مهامها منذ شهر واحد، بالتراجع عن تمرير قانون يسمح بالإفراج عن مسئولين سياسيين مسجونين فى قضايا فساد، الأمر الذى اعتبرته المفوضية الأوروبية تراجعاً للبلاد فى الحرب ضد الفساد. وانضمت رومانيا إلى الاتحاد الأوروبى عام 2007.
ونزل عشرات الآلاف من المحتجين، فى أكبر مظاهرة حتى الآن، منذ الثورة ضد الديكتاتور الشيوعى نيكولا تشاوتشيسكو، رئيس رومانيا عام 1989، الأربعاء، وبلغ عدد المشاركين ما يقرب من 200 إلى 300 ألف، منهم 150 ألفاً أمام مقار المكاتب الحكومية بالعاصمة الرومانية بوخارست.
ورفع المتظاهرون شعارات "لصوص" و"خائنون"، وطالبوا الحكومة بالاستقالة، لاسيما بعد تجاهل اقتراح رئيس الدولة كلاوس يوهانيس إجراء استفتاء بموجبه يقرر الرومانيون تمرير هذه القوانين من عدمه، واعتبر المحتجون أن هذا القانون يعد تراجعاً من الحكومة عن التزاماتها الوطنية والأوروبية هاتفين، "ألغوا القانون وارحلوا".
وترغب حكومة التحالف الاشتراكى الديمقراطى الليبرالى الجديدة فى تغيير القانون، بحيث لا يتم معاقبة حالات إساءة استخدام السلطة التى تؤدى إلى أضرار بأقل من (200 ألف ليو) 48 ألف دولار.
ويقول منتقدون، إن الهدف من تلك الخطوة حماية ليفيو دراجنيا، زعيم الحزب الاشتراكى الديمقراطى، من الملاحقة القضائية، حيث يتهم بإساءة استخدام السلطة بأضرار بلغت 100 ألف ليو، وترغب الحكومة أيضاً فى العفو عن 2500 مجرم.
ونقلت شبكة "يورونيوز" الأوروبية عن دانييل هورودنيتشينو، رئيس الدائرة الوطنية لمكافحة الإجرام المنظم فى رومانيا، قوله، إن "إدارة استراتيجية مكافحة الفساد فى رومانيا" تسعى منذ أعوام لقمع هذه الانحرافات من قبل الموظفين فى الدولة.
من ناحية أخرى، أعلن وزير العدل فلورين لورداش تعليق مهامه وتفويض نائبه مؤقتاً حتى 7 فبراير، وهو التاريخ الذى حددته المحكمة العليا مهلة للحكومة والبرلمان والسلك القضائى لتقديم المزيد من التوضيحات بشأن هذا المرسوم الجديد، الذى أثار موجة من الجدل.
من جانبها، استنكرت المفوضية الأوروبية تخفيف الملاحقات القضائية فى تهم الفساد واستغلال النفوذ السياسى، مؤكدة أن بروكسل ستتابع عن كثب تفاصيل الإجراء.
وفى تصريح خاص بـ"يورونيوز"، هاجم رئيس كتلة الحزب الاشتراكى الديمقراطى الحاكم فى البرلمان الرومانى، "أشعر بخيبة أمل بعد هذا الانتقاد، لأن آراء المفوضية الأوروبية عادة ما تكون غير مبنية على القانون الرومانى أو الدولى.
كما أعلن وزير الاقتصاد البيئى فلورين جيانو استقالته من منصبه، قائلا، عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، "أنا لا أريد أن أقول لابنى بأننى جبان وإننى وافقت على شىء لا أؤمن به".
وأضاف موقع "يورونيوز"، أن القضاء الرومانى أدان نحو 1200 موظف فى الدولة بتهم فساد وإساءة استخدام النفوذ خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بعد أن تسببوا فى تبديد ما يقرب من مليار دولار، ولا يزال القضاء يحقق فى أكثر من 2000 قضية.