لازالت ممارسة التيار السلفى العمل السياسى، من خلال حزب النور، مسألة تشغل عقول السلفيين، وتشعل المعارك بداخلهم بين الحين والآخر، حيث لازال بعض قيادات التيار السلفى يطالبون الدعوة السلفية باستماتة أن تنسحب من المشهد السياسى بأكمله، بعلة أن مشاركتها" لاتسمن ولا تغنى من جوع"، بينما يعتبر مشايخ الدعوة السلفية وأقطابها، أن مطالباتهم باعتزال العمل السياسى مكايدة لا فائدة منها.
كما اعتبرت الدعوة السلفية، إن استمرارها فى الحياة السياسية، جزء من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بينما كذبت قيادات سلفية تصريحات الدعوة، مؤكدين غن الدعوة السلفية هى من تقوم بالمنكر.
بداية المعركة التى تتجدد، عندما، كشف غريب أبو الحسن، القيادى بالدعوة السلفية، أنهم تلقوا دعوات للاعتزال عن العمل السياسى، زاعما إن بقاءهم فى العمل السياسى جزء من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وأضاف أبو الحسن، فى مقال مطول نشر على الموقع الرسمى للدعوة السلفية: "المعتزل الذي يلومك أنك لم تعتزل المشهد أو تعتزل الفتنة، ثم حينما تتأمل فى حاله، تجد إن اعتزاله امتد حتى للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فهو يطبع تطبيعًا كاملاً مع الواقع مِن حوله بكل ما فيه مِن منكراتٍ، ويعتزل كل ما مِن شأنه أن يسبب له أى نوع مِن أنواع الأذى "ولو صغر!"؛ إلا أنه يحافِظ -وبانتظام- على اتهام غيره بالعمالة والخيانة، وتضييع الأمانة في جلساته الخاصة، وكأن إنكاره ودعوته انحصرت في تلك التهم المُعَلَّبة والجاهزة، فتواجدنا جزء من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر".
وتابع أبو الحسن: ستجد مَن يدعوك لاعتزال العمل السياسى، ويقول لك بملء فيه: ماذا كسبتَ مِن العمل السياسي؟ أو متى تتركون العمل السياسي؟!، ولو تأمل في حاله، لوجد نفسه معتزلاً للعمل السياسى مِن أمدٍ بعيدٍ، ولم يقدِّم اعتزاله له -ولا لأُمَّتِه- أي فائدة!، بل ربما هو معتزل للعمل السياسي عندما كان إخوانه يحتاجون مساعدته، وعندما كان للمشاركة السياسية فائدة مباشرة وواضحة للجميع!.
واستطرد: ستجد بعض مَن توقف بالزمن عند لحظة معينة "لحظة فارقة" أو هكذا قيل له، وإنه إن اغتنمها سيحيا "كريمًا"؛ فقط كل ما عليه أن يتبرأ مِن الجميع؛ مِن العمل السياسي، والأحزاب والبرلمان، ويدعم مُلْهِمَه لرئاسة البلاد، وكأن الانتخابات الرئاسية تختلف عن النيابية، ثم بعد أن مرَّت لحظات وشهور وسنون، ولم تأتِ تلك اللحظة "الفارقة"، توقف الزمان عنده، وأصبح لا يشتبك مع أى مِن قضايا أمته، ولكن لا يمر حدثٌ حتى يقلِّب فى فيديوهات تلك اللحظة الفارقة يجتر ذكراها ويبكى أطلالها ويحمل الجميع مسئولية تضيعيها!.
فى المقابل، شن تامر عزت، الداعية السلفى، هجوما على الدعوة السلفية، واصفا تصريحات غريب أبو الحسن بـ"التهريج"، متابعا: اين تقليل المفاسد التى ذكرها الحزب والدعوة من جراء مشاركتهم فى العمل السياسى.
وتابع القيادى السلفى: سلفية الإسكندرية يجب أن يسموا بالسلفيين الحزبيين، لتميزهم عن رافضى التحزب والمعارضين لهم.
وفى السياق ذاته قال محمود عباس، القيادى السلفى، إن المنكر هو وجود أشباه غريب أبو الحسن على رأس العمل السياسى ، والمعروف أن أمثاله يتركون العمل السياسى و يرجعون إلى مساجد ليتعلموا من جديد، حيث أنهم نسوا المبادئ والأخلاق التى تعلموها من صغرهم فى الدعوة السلفية.
وأضاف القيادى السلفى: نسوا الصدق والأمانة و توفير شيوخهم، ونسوا خلق الشهامة والشجاعة، ونسوا خلق الحياء و اكرام الكبير و العطف على الصغير، فمنذ أن دخلوا فى السياسة لا تعلموا سياسة و لا استفادت منهم السياسة إلا الحروب الخفية على الكراسى فى الحزب و طعن من يخالفهم فى ظهره، و خطف ما لا يستحقون.
وتعليقا على هذه المعركة، قال الدكتور يسرى العزباوى، الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الدعوة السلفية لديها خلط واضح بين ما هو دينى بالدعوى، وتصريحاتهم دليل على عدم الفهم واستمرار في نفس الممارسات الإخوانية، وهو ما ستدفع مصر ثمنه إذ لم يقوم الأزهر وكل التيارات المدنية بمهامهم.
وأشار إلى إن تصريحات غريب أبو الحسن، دليل على ضعف حزب النور، وكل هذه الأمور ستؤدى إلى تأكل الحزب إلا إذا قام بعمل مراجعة شاملة والفصل بين الدينى والسياسي.