سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 يونيو 1958.. المخابرات المصرية تلغى عملية اختطاف قادة الثورة الجزائرية من السجون الفرنسية

وصل فتحى الديب، ضابط المخابرات المصرية ومسؤول حركات التحرر العربية برئاسة الجمهورية زمن الرئيس جمال عبدالناصر، ومعه المقدم طيار عصام خليل، مدير مخابرات الطيران، إلى مدينة «مانهايم» الألمانية، للوقوف على تنفيذ عملية تهريب قيادات الثورة الجزائرية من السجون الفرنسية، وهم أحمد بن بيللا، محمد بوضياف، محمد خيضر، حسين آيات «راجع ذات يوم 27 يونيو 2017». ويذكر «الديب» فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر»، دار المستقبل العربى، القاهرة، أن خطوة السفر تمت بعد أن وصل إلى القاهرة مساعد الملحق العسكرى المصرى فى «برن» السويسرية، وكان ضمن فريق «الديب»، وأكد استعداد القائمين على العملية من الألمان وبتمام إبلاغ «بن بيللا» بها فى سجنه عن طريق محاميه عبدالرحمن اليوسفى وموافقته عليها. ويؤكد «الديب» أن الرئيس جمال عبدالناصر وافق على السفر، لكنه اشترط تأمين حياة القادة الجزائريين، و«حمّلنى مسؤولية إدارة العملية على أن أستعين بالبكباشى عصام خليل فيما أوكله له من واجبات». يضيف «الديب» أنه سافر ومعه عصام خليل ونزل كل منهما فى فندق منفصل، واصطحب معه خمسة جوازات سفر دبلوماسية مصرية للقادة الجزائريين، والجوازات مزودة بصورهم وبأسماء مصرية صالحة للاستخدام لدخول كل من ألمانيا الشرقية «كانت ألمانيا دولتين، شرقية وغربية»، والنمسا، وتشيكوسلوفاكيا «قبل تقسيمها إلى التشيك وسلوفاكيا»، بعد الحصول على تأشيرات الدخول اللازمة من سفارات هذه الدول بالقاهرة. ويؤكد «الديب» أنه أعد خطته ليقتصر اتصال عصام خليل به فى حال تأكده من وصول القادة الجزائريين إلى مكانه بـ«مانهايم»، ليتم تسلميه إياهم، ويدفع للألمان المسؤولين عن تهريبهم المبلغ المتفق عليه «ما يعادل 15 ألف جنيه مصرى بالإسترلينى». وحسب «الديب»، فإنه قام باستئجار سيارتين مرسيدس من «مانهايم» على أساس أنهما لبعثة تجارية مصرية ستقوم بزيارة بعض مدن ألمانيا الغربية، وتنتهى فى برلين الغربية، ويقول: «أعددت نفسى لدخول برلين الشرقية، ومنها يتم استئجارى سيارات أخرى أعبر بها حدود ألمانيا الشرقية إلى العاصمة التشيكية براغ، ومنها يتم الانتقال إلى القاهرة مباشرة». يقول «الديب» إنه انتظر فى الفندق أربعة أيام بلا أى اتصال من عصام خليل، ثم أبلغه فى اليوم الخامس أن الألمان أبلغوه بتأجيل العملية استجابة لطلب «بن بيللا» لوجود مساع سلمية للإفراج عنهم، ولوجود «بوضياف» فى المستشفى، بالإضافة إلى إصرار «بن بيللا» على معرفة اسم مدير السجن المشارك فى العملية، خوفًا من أن تكون هناك مؤامرة ضدهم. ويؤكد «الديب» أنه بعد أربعة أيام عاد الألمان وأخبروهم بأن «بن بيللا» وزملاءه طلبوا مهلة ثمانية أيام أخرى. ويؤكد «الديب»: «مع تكرار التأجيل قررت العودة إلى القاهرة لتفادى كشف موقفنا لبقائنا فترة طويلة فى مانهايم، وهى مركز رئيسى لنشاط المخابرات الفرنسية، على أن يتصل الألمان بى تليفونيًا بالقاهرة حينما يتحدد موعد جديد وأكيد للتنفيذ». اتصل الألمان يوم 26 يونيو 1958 وأخطروا «الديب» بضرورة المقابلة، فسافر هو وعصام خليل يوم 27 يونيو. ويقول «الديب» إنه فى يوم 28 يونيو «مثل هذا اليوم» أخبره عصام خليل بأن المسؤول الفرنسى عن السجن المشارك فى العملية طلب أن يتأكد من وجود المبلغ الذى سيتقاضاه بعينيه ليطمئن على جدية العملية، فبدأت الشكوك تراوده، كما ظهرت موجة من الارتباك وسط الألمان مما زاد من هذه الشكوك. ويضيف «الديب» أن المحامى عبدالرحمن اليوسفى، ومعه صديق سويسرى كان يلعب دور الوسيط، حضرا للقائه، وعرف منهما أن العملية تم كشفها، وأن السلطات الفرنسية ألقت القبض على أحد الألمان الثمانية على مقهى مواجه لسجن «لاسانتيه»، وبعد تعذيبه فى الاستجواب اعترف بالتفاصيل. ومع وضوح الصورة بهذا الشكل رأى «الديب» أن الاستمرار فى العملية يشكل خطورة على أرواح القادة الجزائريين، وعلى سمعة مصر، فقرر إلغاء العملية، وسحب كل من له ضلع فى تنفيذها من فرنسا بأسرع وسيلة، ويقول: «أفهمت الألمان أنه تم تأجيل العملية لحين إعادة النظر فيها، وأعطيت كل منهم مرتب شهر كامل سلمته لعصام خليل للتصرف معهم، وغادرت مانهايم فورًا ومعى الوسيط السويسرى، والمحامى عبدالرحمن اليوسفى، الذى قام بزيارة «بن بيللا» فى السجن، وأبلغه بأسباب إيقاف عملية تهريبه هو وزملائه، وذلك حفاظًا على حياتهم». ويؤكد «الديب» أنه بالرغم من عدم نجاح هذه المحاولة، فإنها رفعت من معنويات «بن بيللا» وزملائه فى السجن.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;