"الضبعة" وحلم "دفعة 67" للهندسة النووية مصر تمتلك 1883 عالما مصريا فى تخصصات نووية نادرة ومستشار وزارة الكهرباء للشئون النووية الأسبق يؤكد: "أبناؤنا متشوقون لخدمة الوطن"

على مدار خمسة عقود كاملة تسابق المسئولون فى الدولة على مختلف الأنظمة حول الحديث عن اقتراب مصر من دخول العالم النووى.. هذا الحلم الذى يعود لعام 1952، وتعطل لأسباب متنوعة كظروف سياسية أحيانا وأنظمة فاسدة فى أغلب الأوقات، ومع مرور تلك السنوات فقدت مصر العديد من العلماء الأفذاذ الذين كان حالهم أسوأ من باقى التخصصات لسبب بسيط، أنه لا يوجد مجال للعمل محليا من الأساس، لذا كانت الهجرة فرضا وليس اختيارا.

إحصائية صادمة فى 1 أغسطس لعام 2013 ذكر بيان للاتحاد العام للمصريين فى الخارج، نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن تعداد علماء مصر فى الخارج 86 ألف عالم، وأن مصر تأتى فى المركز الأول فى عدد العلماء على مستوى العالم، فيما نوّه البيان لرقم فى غاية الأهمية يُفيد بامتلاك الدولة المصرية لـ1883 عالمًا مصريًا فى تخصصات نووية نادرة!.. فى دول مثل الولايات المتحدة وأمريكا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية.. واستند الاتحاد فى معلوماته إلى مركز الاتحاد والإحصاء التابع للأمم المتحدة، وبعض المراكز البحثية فى أوروبا، وأمريكا، وروابط العلماء، ورؤساء الجاليات الإسلامية بالخارج. مع اقتراب موعد الانطلاق فى تنفيذ الخطوات الأولى من محطة الضبعة النووية، طرحت العديد من التساؤلات حول وجود الكوادر المهنية المؤهلة للعمل فى المشروع المنتظر منذ 50 عامًا.. وتزايد القلق لدى المصريين مع الإعلان عن عدم امتلاك مصر سوى فريق طبى وحيد فى مستشفى عين شمس التخصصى، والحاجة لتدريب المزيد من الأشخاص استعدادا للعهد الجديد. وقت التدريب وأكد الدكتور إبراهيم العيسرى، مستشار وزارة الكهرباء للشئون النووية الأسبق، كبير مفتشى الوكالة الدولة للطاقة الذرية، لـ"انفراد"، أن الوقت لا يزال متاحا أمام مصر لتدريب كوادر من أجل العمل فى المفاعل النووى، خصوصا أن إنشاءه يحتاج إلى ما يُقارب أربعة أعوام.. وهى مدة كافية لتجهيز العاملين سواء فى الإنشاء أو التركيب والتشغيل والصيانة فى مراحل لاحقة على أفضل وضع، مشيرًا إلى أن هناك عناصر يتم تدريبها فى كوريا الجنوبية لتُصبح جاهزة للعمل فى المشروع النووى. الاستعانة بالطيور المهاجرة مقترح تم طرحه على مستشار وزارة الكهرباء للشئون النووية الأسبق، الذى أكد أنه على تواصل دائم مع علماء مصر فى الخارج المتشوقين إلى خدمة الوطن فى أى وقت، لكنه استدرك فى حديثه قائلا: "معظم علمائنا كبار فى السن لذا سيتم الاعتماد على الشباب.. أنا متفائل للغاية بالمشروع وإمكانية دخول مصر العصر النووى بعد مرور عقود مديدة". دفعة 67 حديث العيسرى عن تشوق العلماء المصريين فى الخارج عن خدمة الوطن يبدو غريبا رغم أنهم لم يجدوا أى رعاية على كل المستويات العلمية والاجتماعية، لكن ذلك التعجب أزالته تصريحات سابقة للعالم النووى المصرى الدكتور على مرتضى، الذى عمل فى هيئة الطاقة الذرية الكندية، وشارك فى تصميم 3 مفاعلات نووية إلا أنه رغم مرور أكثر من 40 عامًا ما زال يحلم بإقامة مفاعل نووى فى مصر، مؤكدًا رغبة كل العلماء المصريين إفادة الوطن بخبراتهم فى أى وقت توجه إليهم الدعوة، لافتا إلى أنه يلمح جدية فى تنفيذ محطة الضبعة عن المراحل السابقة.

"تعلمت كل شىء فى مصر مجانا، ولم أعط للوطن مقابل هذا التعليم، لقد تخرجنا فى جامعة الإسكندرية قسم الهندسة النووية، ولدىّ معرفة كبيرة بالمجال النووى، كل هذه المعرفة وصلنا إليها بفضل مصر".. ذلك المقطع للعالم النووى على مرتضى فى تصريحاته الإعلامية تقودنا للتعرف على المدى الذى وصلت إليه الدراسة الأكاديمية لمجال الهندسة النووية ومتغيراتها.. وبالتحديد منذ عام 1963 فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما اهتم بإنشاء أول محطة نووية مُحددًا لها منطقة سيدى كرير بعد دراسة عدد من المواقع البديلة فى أنشاص ومديرية التحرير لتوليد 150 ميجا وات، إلا أن حرب 1967 عصفت بالحلم.

من الأمور التى اهتم بها نظام عبد الناصر إنشاء فرع للهندسة النووية فى جامعة الإسكندرية، ليكون القسم الوحيد فى الجامعات المصرية والذى أسسه دكتور عصمت زين الدين عام 1963، كأول قسم من نوعه فى الشرق الأوسط بهدف تكوين كوادر قادرة على العمل فى المجال، وبالفعل تخرجت دفعة الأولى عام 1967 الذى كان ضمنها الدكتور على مرتضى وآخرون أفادوا العالم بـ"علمهم".. الملاحظة الرئيسية أن مستوى التعليم فى هذا الوقت ينم عن كفاءة عالية بدأت فى التلاشى بعدها مع الإحباطات المتوالية التى تعرض لها المشروع سواء فى ظل المعاناة المادية البلاد فى الأعوام التى تلت حرب أكتوبر عام 1973، إضافة إلى التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية فى عهد الرئيس السادات، إلى أن جاء حادث مفاعل تشيرنوبيل فى فبراير لعام 1986 بأوكرانيا، ليتوقف الحديث عن المشروع النووى المصرى لفترة ليست بالقليلة، على الرغم من الدولة التى اندلعت بها الكارثة شرعت فى تنفيذ مفاعلات نووية أخرى. الدراسة الأكاديمية غياب المجال العملى لم يكن سببا وحيدا لعزوف المصريين عن الدراسة فى مجال الطاقة النووية، الذى وصل عدد طلابه مثلا فى عام 2003 إلى 20 طالبا فقط، لكن ارتبطت فى أذهان المصريين صورة عن مخططات الدول الكبرى لاغتيال العلماء المصريين الذين يرفضون العمل معهم، وبالتحديد عقب قيام جهاز الموساد الإسرائيلى باغتيال العالم المصرى يحيى المشد الذى رحل من مصر بعد تجميد البرنامج النوى عام 1967، إلا أنه وجد الفرصة فى العراق مع توقيع صدام حسين فى 18 نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووى مع فرنسا، لكن بعد خمس سنوات وبالتحديد فى يوم الجمعة 13 يونيه عام 1980 وجُد "المشد" مقتولا فى غرفته رقم 941 بفندق الميريديان بباريس، لتقيد القضية ضد مجهول رغم أن الفاعل كان معروفا للعالم.

رغم كل الملابسات السابقة ظل الأمل باقيًا حاضرًا فى حديث مستشار وزارة الكهرباء للشئون النووية الأسبق، الذى كشف عن عزم عدد من الجامعات للتوسع فى أبحاث دراسة الهندسة النووية، استعدادا للمرحلة المقبلة مثل جامعة عين شمس، وكذلك الجامعة المصرية الروسية، إضافة إلى قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية بكل تأكيد، مضيفا: أثق فى قدرات المصريين على دخول العالم النووى بخطوات واثقة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;