"إبراهيم العريس" فى ندوة انفراد: غياب الفيلم المصرى عن مهرجان القاهرة السينمائى "كارثة".. السينما أصبحت الفن الأكثر ديموقراطية بالعالم.. المبدعون فى لبنان ممنوعين من النجاح واسألوا حزب الله عن الأسباب

أفلام محمد خان أفضل من أفلام يوسف شاهين وأكثر ارتباطا بالشعب المصرى التليفزيون ضرب وهم النجوم وأفقدهم سحر السينما شبكات تليفزيون الانترنت شر لابد منه لأنه لا يقدر أحد على الوقوف فى وجه الحداثة الصحفى سيكون المفكر الرئيسى بالعالم خلال الـ 25 عاما المقبلة الصحف تموت ولكن الصحافة ستعيش ومازالت تتطور في كثير من الأحيان عندما تتشابك الأمور وتتداخل ويحمل المشهد قدرا من الإلتباس تصبح هناك ضرورة فى أن نتوقف قليلا ليس لإلتقاط الأنفاس فقط ولكن لنستطيع أن نتأمل حالنا ونرى تفاصيل قد تكون غابت عنا وفى مثل هذه الوقفات يكون اللجوء إلى الاساتذة هو الأهم لنسمع ونتعلم وندرك أين نقف بدءا من طريقة التفكير وصولا إلى مستقبل المهنة، والنقد السينمائى، بل لنكن أكثر جدية وتحديدا ونقل مستقبل الثقافة والمجتمعات العربية خصوصا عندما يكون الاستاذ هو الكاتب والصحافى الموسوعى "إبراهيم العريس" ، والذى يتواجد حاليا فى القاهرة، لذلك كانت فرصة لنا فى أن نلتقى به ونجلس أمامه في جلسة بها الكثير من التساؤلات وقدر أكبر من الانصات لما يطرحه الاستاذ وتعاطينا معه ..في الكثير من القضايا الفنية والثقافية. "إبراهيم العريس" أحد الاعمدة الرئيسة فى جريدة الحياة اللندنية وأستاذ تخرجت من تحت يده الكثير من المواهب وكنت ممن شرفن بالعمل تحت قيادته لفترة، وهى المرحلة التى تعلمت خلالها الكثير.. وإذا كان العمل مع الاستاذ ابراهيم متعة حقيقة أن الجلوس إليه والاستماع لما يطرحه من أراء وفهم ووعى بلا شك يحمل متعة أكبر، إبراهيم العريس هو باحث في الفلسفة و التاريخ الثقافي وصحافي وناقد سينمائي ومترجم من جيل الاساتذة والرواد في صناعة حركة ثقافية عربية ولد في بيروت 1946،و درس الإخراج السينمائى فى روما والسيناريو والنقد فى لندن. يعمل بالصحافة منذ عام 1970 كما يكتب زاوية يومية فى جريدة الحياة حول التراث الإنسانى وتاريخ الثقافة العالمية.. ترجم نحو أربعين كتابًا عن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية فى السينما والفلسفة والاقتصاد والنقد والتاريخ. فى البداية .. كثيرون يروا أن التطورات التكنولوجية وسطوة "السوشيال ميديا" ستؤدى لموت الصحافة ؟ الصحافة لن تموت، ولكن الورق سيموت، فالغرب أصبح يعتمد على التحليل وليس الخبر، فالجارديان أو الإندبندنت أو النيويورك تايم، تعتمد على "الفضائح" فى صفحاتها الأولى، ليس له علاقة بما يبث على التليفزيون، والباقى تحليلات، فالتحليلات هى فقط ما تقرأ، أما الخبر، فأصبح يشاهد على التليفزيون، وأعتقد أنه بخلال الـ 10 أو الـ 15 عام القادمين، سنرحم الغابات من غلاظة الجنس البشرى، ونتعامل مع "الديجيتال" ولكن الصحافة لن تموت، وهو نفس الأمر لفيلم السينما، فصالات السينما تموت، فقديما كانت للطبقة المتوسطة، ولكن حاليا الصالات لمراهقى المولات، فالفيلم والمقال والكتاب لا غنى عنهم، ولكن الأساليب تتغير. وكيف يمكن التعامل بنفس وجهة النظر مع الفن بشكل عام والسينما والمسرح بشكل خاص؟ المسرح لم ينته بمجيء السينما، وكذلك الشعر والرواية، لم ينتهوا بظهور السينما، فمثلا فيلم "أخر أيام المدينة" هو قصيدة شعرية، ولكن حاليا المجد للصورة، فالبصر سيحل محل الذهن، فوعى التلقى يُدخل الذات فى الموضوع، فالجميع يشاهد فيلم السينما، ولكن كل شخص يراه من وجهة نظره، وهنا أتذكر قول العالم لافوازيه حينما قال عن الكون "لا شىء يضاف إليه ولا شىء ينقص منه"، ما زاد فقط ما أبدعه الإنسان، مثل المقال أو الموسيقى أو الفيلم أو اللوحة، لأن روحنا لديها مشاكل تجده علاجه فى ذلك، فالصحافة تتحول إلى لوحة بها كل شىء، وما يمكن أن يضاف إلى هذا الوجود ، وأعتقد أن السينما أصبحت الفن الأكثر ديموقراطية بالعالم، فمن السهل على أى شخص شراء كاميرا بـ 200 أو 300 دولار، ويصور فيلم ، ولكن التحدى فى ذلك التقاط الحكايات، والقادر على ذلك هو الصحفى، ليس لأنه مميز عن الأخرين، ولكن لأن ذهنه تدرب على شيئين أن يرى الحدث وأن يضع نفسه فى هذا الحدث ، فالصحفى سيكون المفكر الرئيسي بالعالم، خلال الـ 25 عاما المقبلة كتبت أحد مقالات عن تطور السينما وعلاقتها بالتكنولوجيا ودورها.. فكيف يمكن أن تتأثر السينما بذلك؟ "البيت" سيظهر فى تلك المعادلة، مع "السينما الخاصة"، لأن الإنسان يتجه مع وحشية الشارع والحياة اليومية وعجز الدول عن توفير الحياة العامة للناس والخدمات، سيرتد الناس أكثر وأكثر إلى بيوتهم، التى ستستوعب "الصورة" ليس فقط الطبخ والحياة البيتية، فحياة الشارع تموت، وربما يكون ذلك حتى اشعار آخر، ولكن فى نفس الوقت السينما موجودة أكثر من قبل، فالعائلة كانت تشاهد فيلما بالأسبوع، أما اليوم، فالسينما متاحة كل يوم من خلال التليفزيون، وأنا كناقد من قبل كنت أرى فيلما مثلا لفاتن حمامة، ثم أحلم بالفيلم، لأعود وأشاهده مرة أخرى بصالة السينما، ولكن حاليا الوضع مختلف، فلدى مكتبة أفلام بها 2500 فيلم، اختار منها ما أشاء، وهو السبب الأساسى وراء فقد النجوم لسحرهم، الانسان أصبح هو النجم، فاستبدل "جانات" السينما مثل حسين فهمى وعمر الشريف ومحمود ياسين، بمحمد هنيدى وعادل امام، وهم ليسوا على نفس درجة الجمال، فالجمهور قديما كان يذهب للسينما ليرى نجمه المفضل، أما الآن، فالجمهور يذهب ليرى ماذا سيفعل نجمه المفضل وماذا يقدم لجمهوره. ظهر منذ عدة سنوات شبكات الانترنت التى تقدم الخدمة مقابل أموال مثل "نت فليكس" .. هل من الممكن ان تؤثر على المهرجانات السينمائية الكبرى؟ نعم تشكل خطر ولكن، دعونى أقول لكم أن المهرجانات أصبحت "استعراض" أكثر منها متعة سينمائية، ولكنى اعتقد أن هذه الشبكات مثل "نت فليكس" هى شر لابد منه، فلا أحد يقف فى وجه الحداثة، ولابد من الاعتراف بذلك، ويجب أن يفهم جموع المبدعين، أن التليفزيون مثل "نساء مكة" اللاتى لا تنجبن سوى بنات، فيحزن الزوج، ويهجر بيته فى بيت تانى، ليقولن "فإننا نعطيه ما يعطينا"، فالتليفزيون نحن من نضع فيه ما نره، وكذلك الصحافة، وبنفس المنظور أرى لـ "نت فليكس" ، صحيح أننا نرى فى سينما زمان حياة أفضل وقاهرة أفضل، ولكن هذا الأمر غير موجود إلا فى الصورة، وعلى الجيل الجديد أن يؤمن بتحقيق الذات، وليس مجرد موظف، دون أن يبدو أننى أقح ذاتى فى الموضوع، فأنا لم أكتب بحياتى كلمة "أنا" أرى، إلا مرة واحدة وكنت متعمدا، لأننى أؤمن بالفردية فى الكتابة، وأصنع هذا الذات باختلافى عما يكتب، ولهذا ذكرت أن الصحفى هو من سيكون المفكر الرئيسي بالعالم، خلال الـ 25 عاما المقبلة كما حدث مع رجال الدين فى فترة من الزمن، ثم المحامين، والفلاسفة والروائيين، فلو كان يوسف شاهين سيعرف أن 200 فرد فقط هم من سيشاهدون فيلم باب الحديد" سيشاهده اليوم ملايين الناس، يمكن كان قدمن شيء آخر . وإلى أى مدى ترى حركة النقد العربى تتطور وإلى أىن تتحرك ؟ نحن نعيش فى مرحلة انتقالية، ننتقل من النقد الذى يعتبر نقده مميز، لأنى أعتقد أنه لا أحد يقرأ نقد سوى أهل النقد أنفسهم، وأعيد ذلك مرة أخرى إلى التليفزيون، الذى أصبح محتواها مختلف ومؤثر، ولكن حتى النقاد حينما يظهرون على التليفزيون، يتحدثون فى مشكلات شخصية، بعيد عن النقد ذاته، ولكن مع تطور الصحفيين، ودور الثقافة بالتليفزيون سيكون الوضع مختلف . هل انت مع اتجاه السينما الذى ينقل الواقع أم يتحدث عن الحياة بشكل أعم وأشمل؟ السينما ليس دورها ان تنقل الواقع، ولكنها مطالبة بأن تنقل الواقع إضافة إلى نظرة الفنان نفسه، فأى شخص يمكن أن يصورنا ونحن نتحدث، ولكن الفنان الحقيقى، سيركز على تفاصيل لها معنى ، وهو ما يلغى الواقع وينظر للحياة نفسها، فعلى سبيل المثال ظهر فى الستينيات فى مصر الكثير من النقاد تلاميد ليحيى حقى، ولكن لم يبرز سوى سمير فريد، كيف ترى أزمة غياب الفيلم المصرى عن مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الحالية؟ أسخف ما يمكن أن أراه، أن تنظم بلد مهرجان، ولا تقدم فيلما لها بهذا المهرجان، فى حين أن الأفلام المصرية، تقدم فى مهرجانات أخرى، ولا أعرف من وراء هذا الخطأ، فالسينما تقدم ما يقارب 10 أفلام جيدين، فكما خرج جيل خان وخيرى بشارة فى الثمنانينيات ، هناك جيل جديد قادم، مثل هاله خليل وهالة لطفى وكاملة أبو ذكرى، ففيلم أخر أيام المدينة، رأيته 3 مرات، فهذا الأمر ضمن كوارث مهرجان القاهرة بعد سمير فريد، وأذكر منها أيضا التنظيم، وعدم وجود اختيار افلام جيدة، وغياب النجوم، وهنا لابد أن أتساءل، لماذا كان مهرجان "الجونة" من أفضل المهرجانات العربية على الاطلاق، وهنا أنا أحكم بشكل محايد، فلم يتأخر فيلم ولو لثوانى، وأيضا رأينا كافة النجوم المصريين، مع رئيس مهرجان عراقى، فلماذا مهرجان القاهرة الكبير وأهم مهرجان فى العالم العربى به كل هذه المشاكل. هل تؤيد عودة الدولة المصرية للإنتاج السينمائى مرة أخرى؟ بالتأكيد، أعظم الأفلام المصرية أنتجتها الدولة، فجميع الأفلام التى حولت من رواية إلى فيلم، كانت الدولة، ولكن لأن الدولة مثلا كان بها ثروت عكاشة، أو منتج مثل رمسيس نجيب، فالدولة وحدها تعطيكى ما تعطيها، وأنا هنا أرى أيضا أن أفلام محمد خان أفضل من أفلام يوسف شاهين وأكثر ارتباطا بالشعب المصرى، مع أنه باكستانى فى الأصل، وأيضا خيرى بشارة وعاطف الطيب وعلى بدرخان ورضوان الكاشف وداوود عبد السيد، وإذا كنت أريد محاربة الإرهاب، فالفن هو الشيء الوحيد القادر على ذلك، فعادل امام بتصديه للإرهابيين، كان أقوى من الدولة، ليس فقط بأفلامه، ولكن بحضوره وتأثيره، ليس فقط الارهاب العسكرى، ولكن الارهاب الفكرى . وأين السينما اللبنانية من المهرجانات .. وهل تأثرت بالوضع السياسى فى لبنان ؟ السينما اللبنانية بدأت تحت تأثير الحرب، قبلها كان هناك سينمات سخيفة، ووالدى على العريس هو من أسسها، ففى عام 1972، أنتج أول فيلم سينمائى لبنانى حقيقى عن القضية الفلسطينية، ثم تطورت كثيرا حتى ولدت من هذه البدايات، وأعتقد أن اليوم هناك الكثير من المبدعين اللبنانين، مثل فيلم "القضية 23" لزياد الدويرى، رغم كل ما أثير عنه . كيف يمكن لفيلم مثل القضية 23 أن يتحول إلى معركة ؟ لعدة أسباب، فالفيلم فهم بطريقة خاطئة، وهو دور النقد الغائب، فهذا الفيلم قرأ عن القضية الفلسطينية، لكنه فى حقيقة الأمر هو فيلم عن القضية اللبنانية، فاللبنانى المسيحى الذى كان يكره الفلسطينى قبل 25 عاما، اليوم نفس القيادات أصبحت خطاباتها اجابية مع الفلسطينيين، ومع كل هذا الجدل، أساء المخرج للفيلم بمواقفه، وبأحاديثه الغاضبة ، ولكن بشكل عام المبدعون فى لبنان ممنوعين من النجاح، واسألوا حزب الله عن الأسباب . ارتبطت بكثير من المبدعين والمخرجين .. من أقربهم إلى قلبك ؟ يوسف شاهين، لأنه كان انسان حقيقى، وكان "طفل" حتى كتابى عنه كان بعنوان "نظرة الطفل وقبضة المتمرد"، فهو طيب لأكثر الحدود، ورغم ذلك اختلفنا لسنوات طويلة، وأيضا محمد خان، ومن الجيل الجديد محمد حماد وتامر السعيد وإبراهيم البطوط وشريف البندارى، وسيكونون حتى أفضل من يوسف شاهين.
































الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;