خالد صلاح يكتب: خطط تسويق المنتج المحلى

نحن أمة تشتعل حماسا بسرعة فائقة، ويهوى حماسها إلى القاع بنفس السرعة تقريبا، فنحن توهجنا بروح معنوية مرتفعة تجاه المنتج المحلى المصرى، وعاهدنا أنفسنا فى السر والعلن أن ندعم الصناعة الوطنية على كل الأصعدة، وخاصة فى الملابس والأحذية والحقائب والأثاث وغيرها من الصناعات، لكننا التفتنا يمينا ويسارا لنكتشف أنه لا أثر لهذه الحماسة، ولا خطط عمل حقيقية لدعم المنتج المحلى فى الداخل أو فى الخارج. الحماس ليس غاية فى ذاته، ولا قيمة لأى حماس إن لم تعقبه خطط نوعية تحول هذا الحماس إلى ماكينة عمل تؤتى ثمارها على الاقتصاد المصرى، وربما شهدنا انتفاضات حكومية وبرلمانية وإعلامية لدعم المنتج المحلى، وحملات دعائية على الطرق السريعة والمحاور الرئيسية داخل المدن وبعض البرامج التليفزيونية التى تدعو الناس لشراء المنتج المصرى، وتصدير الصناعة المصرية، لكن النتائج لا تبدو لى أنها حققت الغايات التى تطلعنا إليها من قريب أو من بعيد، حتى الحماس الإعلامى لم يستمر على نفس المستوى الذى بدأنا به الحديث عن الصناعة الوطنية. يقينى أن الصناعة المصرية قادرة على المنافسة فى مجالات متعددة على الصعيد الدولى، خاصة فى الأسواق العربية والأفريقية، لكن ما نراه هو قيام المصنعين بجهود فردية بحملات تسويقية لمنتجاتهم فى الخارج دون خطة تسويقية وطنية شاملة تستعيد مكانة الصناعة المصرية على الصعيد التصديرى. أتذكر مثلا الحملة التى قامت بها «تايوان» لدعم تصدير منتجاتها المحلية للخارج، كانت تايوان تعانى بشدة من السمعة التى اكتسبتها صناعاتها المحلية بأنها تقليد ردىء للمنتجات الياباينة، وأدركت الحكومة فى تايوان أثر هذه السمعة السيئة على صناعاتها وعلى عائداتها من العملات الأجنبية وعلى ميزانها التجارى مع جيرانها فى جنوب شرق آسيا ومع أسواق العالم، وبدأت تايوان حملة واسعة فى الصحف ووسائل الإعلام ومحطات الراديو فى العواصم الكبرى لإعادة بناء الصورة الذهنية عن منتجاتها الصناعية، ودعت تايوان عشرات الصحفيين لزيارة مصانعها فى الداخل للتأكد من معايير الجودة لهذه الصناعات، وشنت حملات مضادة تؤكد بها أن السعر الرخيص للمنتجات التايوانية لا يعنى أنها عديمة الجدوى، وقد أثرت هذه الحملات، على نحو ما، فى دعم تصدير الصناعات التايوانية إلى الخارج. هذا النوع من الحملات التسويقية للمنتجات الصناعية هو دور الدولة بالتعاون مع رجال الصناعة، وهو نوع من الحملات يسوق لصناعات بلد بالكامل وليس لمنتج منفرد أو مصنع بعينه، وقد قامت فرنسا بحملات مشابهة لحماية صناعة السيارات الفرنسية فى مواجهة السيارات الألمانية، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الحكومى بحملات تسويق كبيرة لدعم صناعة السيارات الأمريكية فى مواجهة غزو السيارات اليابانية التى سيطرت على عمليات شراء الطبقة الوسطى فى الولايات المتحدة. لا يكون التسويق لمنتج واحد، ولا يعتمد على «شطارة» شركة و«بلادة» شركة أخرى، لكنه يعتمد على خطط عمل قصيرة وطويلة المدى لتسويق صناعة بلد كامل، ورسم صورة ذهنية مختلفة عن المنتج المحلى لهذا البلد، ويمكن لنا أن ندرس ماذا فعلت تايوان وماذا فعلت فرنسا فى مواجهة ألمانيا، وماذا فعلت أمريكا فى مواجهة اليابان، والاستفادة من هذه التجارب الكبرى لوضع خطة تسويق للصناعة المحلية المصرية، ولدينا من المنتجات المميزة فى مجالات الأثاث والجلود، ثم الآن الموبايلات والمنتجات الصناعية المتطورة التى يمكن أن تشكل أساسا لتعزيز صورة صناعاتنا فى الخارج، والعمل على فتح أسواق جديدة والتوجه مباشرة للمستهلكين الذين نعزز لديهم شعار «صنع فى مصر». هذا الأمر لم يعد شاقا أو مكلفا، خاصة مع وجود آليات تسويق فى الفضاء الإلكترونى ننفق فيها أموالا أقل ونصل فيها إلى دائرة أوسع من المستهلكين بشكل مباشر دون الحاجة إلى مكاتب تمثيل واسعة أو إلى صفحات إعلانية فى الصحف الكبرى فى الخارج. نحتاج فقط إلى فكرة براقة وخطة واضحة أكثر مما نحتاج لملايين الدولارات فى الدعاية. والله أعلى وأعلم. مصر من وراء القصد.










الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;