دراسة تكشف كيف يتفاعل مستخدمو الإنترنت مع الدعاية المتطرفة

كشفت دراسة حديثة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، كيف يتفاعل مستخدمو الإنترنت مع الدعاية المتطرفة، مؤكدة أن هناك صلة قوية بين الإنترنت وانتشار التطرف، إذ يسمح للمستخدمين بالتفاعل مع بعضهم بعضًا، وتبادل الأفكار، وإنشاء روابط بينهم لم تكن موجودة من قبل، مما يسهِّل فرص التنظيمات الإرهابية فى تجنيد أعضاء جدد. إضافة إلى أن هناك وفرة فى المعلومات المتاحة على الإنترنت، مما يسهل إمكانية عثور المستخدمين على معلومات متعلقة بالأيديولوجيات العنيفة، وأشرطة فيديو دعائية، ومنشورات خاصة بالجماعات المتطرفة.

وقالت الدراسة، إن الإرهابيين يستخدمون الإنترنت للتفاعل الافتراضى، والتعلم، ونقل رسالتهم للمتلقين، وإقناعهم بها، موضحا أن الطريقة التى يتفاعل بها الأشخاص مع الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت لها آثارها على المستخدمين الآخرين، فمجرد الضغط على زر "الإعجاب"، أو "التعليق" عليها سلبًا أو إيجابًا، يزيد فرصة هذه الصفحات فى الوصول إلى مشاهدين جدد، قد يعثرون أيضًا على مواد متشابهة أو مرتبطة بتلك المواد، مما يزيد من دائرة التأثير والتطرف.

الدراسة أكدت أن هناك عددًا من العوامل الفردية التى قد تؤثر فى انتشار دعاية الجماعات المتطرفة على الإنترنت، وتفاعُل الأفراد معها، على رأسها الهوية وحب الاستبداد، حيث إن المستخدمين من مقاطع الفيديو الإرهابية، أو اقتناعهم بها، يتأثر بمدى ولائهم لمجتمعاتهم الداخلية ورفضهم للخارجية، فضلًا عن ميولهم نحو الاستبداد واللا يقين. وقد أظهرت تجربة تعرض فيها طلاب ألمان مسلمون وغير مسلمين لمقاطع فيديو تابعة لليمين المتطرف مرة، ولمتطرفين إسلاميين مرة أخرى، أن من لديهم ميل أكثر إلى حب الاستبداد والتماهى مع مجتمعاتهم الداخلية أبدوا اهتمامًا أكبر بتلك المواد، وكانوا أقل رفضًا لها عن غيرهم.

ولفتت الدراسة إلى أن الهوية مهمة لاستيعاب المشاهدين للدعاية، فإذا كان المرء مواليًا لمجموعة بعينها، فسوف يهتم بمظالمها، بل قد تتماهى -حينها- حدوده الذاتية مع المجموعة التى ينتمى إليها، وتصبح قيمها وأفكارها هى قيمه الخاصة التى يتصرف على أساسها.

وأشارت الدراسة إلى أن من أبرز العوامل أيضا التفكير فى الموت حيث يرتبط وعى الفرد وتفكيره فى الموت بدعمه واستعداده للمشاركة فى العمليات الإرهابية، والعنف ضد الآخرين، كما يدفعه للتحيز لمن يشبهه، ورفض المجتمعات الخارجية المختلفة عنه، وقد أُجريت دراسة على طلاب ألمان مسلمين وغير مسلمين يشاهدون فيديوهات تابعة لليمين المتطرف والإرهابيين الإسلاميين، وكان نصفهم ممن لديهم تفكير بالموت، وقد أظهر هؤلاء اهتمامًا أكثر من غيرهم بتلك المواد، وكانوا أكثر قابلية للاقتناع بها، حيث إن هؤلاء أكثر عرضة لدعم العمليات الإرهابية، بل والانخراط فيها، أو دعم الإجراءات العدوانية ضد المدنيين، وغيرها من الممارسات، مثل: زيادة التبرعات، والقيام بسلوكيات مجازفة مثل القمار.

وأوضحت الدراسة، أن العامل الثالث يتمثل فى الهيمنة المجتمعية حيث يشير الميل إلى الهيمنة المجتمعية إلى أن بعض الناس يفضلون المجتمعات ذات التسلسل الهرمى، وأن تكون جماعة معينة هى المهيمنة فى تلك المجتمعات، كما أن الأشخاص الذين يمتلكون مستويات عليا من التمييز الجنسى يميلون إلى تفضيل الأيديولوجيات التى تميز بين الجماعات (مثل القومية والعنصرية)، وبالتالى فإن هذا العامل له آثار مهمة على دعم العنف والتطرف أو الانخراط فيه.

ولفتت الدراسة، إلى أن العامل الرابع يتمثل فى النشاط والتطرف ويعنى الاستعداد للانخراط فى عمل سياسى قانونى وغير عنيف، فيما أن الاستعداد للانخراط فى عمل سياسى غير قانونى وعنيف يسمى التطرف، وقد استخدمت الدراسة مقياس نوايا التطرف والراديكالية لتقييم كيفية تأثر التفاعل مع المواد المتطرفة على الإنترنت بنوايا النشاط والتطرف، كما بحثت فى تأثير "التفكير بالموت" على هذه المشاركة، وتقييم تأثير الاختلافات الفردية، مثل الميل إلى الهيمنة المجتمعية والهوية على هذا التفاعل.

وأكدت الدراسة، أن قلة التفاعل مع المواد المتطرفة على الإنترنت ارتبط بمستويات أقل بكل من العداء الخارجى، والتماهى مع المجموعة، والميل إلى الراديكالية، وكذلك بكبار السن، موضحة أن إزالة المواد الإرهابية من الإنترنت ليست هى الحل الوحيد لمنع التطرف، بل قد تكون لها آثار سلبية بتعزيز تصورات الأفراد بالظلم، وهو -فى حد ذاته- عامل يؤثر على المشاركة فى عملية التطرف، ومن ثم فهو يوصى ببذل الجهد لمزيد من البحث لفهم التعقيدات الخاصة بدوافع تفاعل الأفراد مع الجماعات المتطرفة على الإنترنت، ودعمهم لها، والاستجابة لها بشكل أفضل.



الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;