بالصور.. أضرحة الصالحين بصعيد مصر.. الإمام "على بن دقيق العيد" أبرزها

مصر بأكملها تعرف ما هى معابد الكرنك بكورنيش النيل بمحافظة الأقصر، وأنه يضم 10 معابد داخلية على مساحة 200 فدان، ولكن كل من زار المعبد من ملايين السائحين الأجانب والمصريين لا يعرفوا الكثير عن الضريح المتواجد فى مدخل المعبد فى اليمين، ومن أين جاء ويعود لمن هذا الضريح المتواجد منذ قديم الآزل، حيث أنه يعود لأحد كبار علماء الأزهر الشريف الذى يسمى الشيخ (على بن دقيق العيد).

ولكى يعرف الجميع تاريخ ذلك الضريح التاريخى المتواجد بمدخل معبد الكرنك، فقد إلتقى "انفراد" بالمهندس الطيب غريب كبير مفتشى الكرنك، وفند التاريخ الكامل للمقام وما هى ماهية وجوده بمدخل معبد الكرنك، حيث أكد أنه يعود للشيخ "تقى الدين أبو الفتح محمد بن على بن وهب بن مطيع القشيري"، والذى إشتهر بلقب (على بن دقيق العيد)، والذى ولد فى عام 1228 ميلادية وتوفى عام 1302م، وهو أحد علماء الأزهر الشريف، وكان يلقب بـ"قاضى القضاة" لحكمته فى فترة توليه القضاء بمصر، وله مقام فى القرافة الشهيرة بالقاهرة.

ويضيف الطيب غريب لـ"انفراد" أن الشيخ على بن دقيق العيد، من مدينة قوص بمحافظة قنا التى اشتهرت بالعلماء، وجده "مجدى الدين القشيري" كان أحد علماء الأزهر أيضاً، وكان أحد من تولوا القضاء المصرى فى وقته، فكان له هذا المقام فى الجبانة القديمة بالمنطقة الأمامية لمعبد الكرنك، والتى تمت تحويلها فى الخمسينات إلى جبانة "السيد يوسف" للحفائر وأعمال التوسعات وقتها، وقد تم الإحتفاظ بضريح الشيخ "على بن دقيق العيد"، وبقى أمام المعبد وكان يزار لفترة قريبة من الأهالى للتبرك بالشيخ فى الافراح والإحتفالات لأخذ البركة، وكان يقابله مقام آخر فى المنطقة القديمة يسمى "الشيخ بعيبش" وقد تمت إزالته لكون يتعارض مع طبيعة الآثر ولم يجدوا داخله أية رفات لجسد أحد مدفون.

ويضيف كبير مفتشى معبد الكرنك، أن سبب تسميته "بن دقيق العيد"، أنه لدى خروجه لصلاة العيد شوهد يرتدى جلباب شديد البياض، فقالوا له أن الجلباب يشبه دقيق العيد، وأصل أبيه من منفلوط بأسيوط ثم انتقل إلى مدينة قوص بقنا، مؤكداً أنه تولى حقبة القضاء وقتها فى عام 695 هجرية وأستمر فى منصبة حتى توفى بالقاهرة، وكان مع غزارة علمه، ظريفا، له أشعار وملح وأخبار.

ويعتبر "على بن دقيق العيد" قد ولد يوم السبت 15 شعبان سنة 625 هجرية، فى البحر الأحمر عند ساحل ينبع، حيث كان والده "مجد الدين القشيرى القوصي" متوجهاً إلى الحج، وقال ابن حجر أنه ولد بطريق مكة، ويقال إن والده طاف به على يديه ودعا له بالعلم والعمل، وقال عنه أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى الحافظ": لم أر مثله فيمن رأيت ولا حملت عن أجل منه فيما رأيت ورويت، وكان للعلوم جامعاً، وفى فنونها بارعاً، مقدماً فى معرفة علل الحديث على أقرانه، منفرداً بهذا الفن النفيس فى زمانه، بصيراً بذلك شديد النظر فى تلك المسالك، وكان حسن الاستنباط للأحكام والمعانى من السنة والكتاب، مبرزاً فى العلوم النقلية والعقلية.

وكانت لصاحب المقاد تصانيف كثيرة منها (إحكام الأحكام) مجلدان فى الحديث، و(الإلمام بأحاديث الأحكام) صغير، و(الإمام فى شرح الإلمام) الجزء الأول منه فى الأزهرية، من نحو 20 جزءا، ويقال إنه لم يتمه ثم طبع، وله (الاقتراح فى بيان الاصطلاح)، و(تحفة اللبيب فى شرح التقريب)، و(شرح الأربعين حديثا للنووي)، و(اقتناص السوانح) فوائد ومباحث مختلفة، و(شرح مقدمة المطرزي) فى أصول الفقه، وكتاب فى (أصول الدين).

ونشأ "على بن دقيق العيد" فى صمت وانشغال بالعلم، وحفظ القرآن، وسمع الحديث من والده الشيخ مجد الدين القشيرى، وأبى الحسن بن هبة الله الشافعى، والحافظ المنذرى، وأبى الحسن النعال البغدادى، وأبى العباس بن نعمة المقدسى، وقاضى القضاة أبى الفضل يحيى بن محمد القرشى، وأبى المعالى أحمد بن المطهر، والحافظ أبى الحسين العطار وخلائق غيرهم، وأخذ مذهبى مالك والشافعى، وأخذ العربية على ابن أبى الفضل المرسى، وتتلمذ على يده الكثير، وعلى رأسهم قاضى القضاة شمس الدين ابن جميل التونسى، وقاضى القضاة شمس الدين بن حيدرة، والعلامة أثير الدين أبو حيان الغرناطى، وعلاء لدين القونوى، وشمس الدين بن عدلان، وفتح الدين اليعمرى، شرف الدين الإخميمى وغيرهم الكثير، ودرس بالمدرسة الفاضلية، والمدرسة المجاورة لضريح الشافعى، والمدرسة الكاملية، والصالحية، ودرس بدار الحديث بقوص، ثم ارتحل إلى القاهرة التى كانت فى ذلك الوقت مركز إشعاع فكرى وثقافى يفوق كل وصف، تكتظ بالعلماء والفقهاء فى كل علم وفن، فانتهز ابن دقيق العيد هذه النهضة العلمية الواسعة التى شهدتها القاهرة فى ذلك الوقت، والتف حول العديد من العلماء، وأخذ على أيديهم فى كل علم وفن فى نهم بالغ، ولازم سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام حتى وفاته، وأخذ على يديه الأصول وفقه الإمام الشافعى، وسمع الحافظ عبد العظيم المنذرى، وعبد الرحمن البغدادى البقال، ثم سافر بعد ذلك إلى دمشق وسمع بها من الشيخ أحمد عبد الدايم وغيره، ثم اتجه إلى الحجاز ومنه إلى الإسكندرية فحضر مجالس الشيوخ فيهما، وتفقه.

واستطرد الطيب غريب حديثه مؤكداً أن الشيخ ابن دقيق العيد، بلغ غايته فى شتى أنواع العلوم والمعرفة الإسلامية، وقد جمع بين فقهى الإمامين مالك والشافعى، ومكث بالقاهرة فترة يسيرة، اتجه على أثرها إلى مسقط رأسه قوص، حيث تقلد منصب التدريس بالمدرسة النجيبية، وهى إحدى المدارس الشهيرة فى قوص، وهو لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره، فالتف حوله المريدون يأخذون على يديه فى مختلف الفنون والمعرفة الإسلامية، وقد عرف بغزارة علمه وسعة أفقه، فذاع صيته بين الناس حتى إن والى قوص أسند إليه منصب القضاء على مذهب الإمام مالك. ثم اتجه بعد ذلك إلى القاهرة، وقام فيها بالتدريس بالمدرسة الفاضلية، والكاملية، والصالحية، والناصرية، وكان ثقة فى كل ما يقول أو يشرح حتى بلغ فى النفوس مكانة سامية مرموقة، وقد وصفه كثير من المؤرخين وكتاب التراجم والطبقات كالسبكى وابن فضل الله العمرى والأدفوى وغيرهم: بأنه لم يزل حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه وقف نفسه على العلوم وقصدها، فأوقاته كلها معمورة بالدرس والمطالعة أو التحصيل والإملاء.

ومن المواقف التى تثبت عزة النفس عنده، أنه عندما عزل نفسه من القضاء، ثم طلب ليولى، قام له السلطان المنصور لاجين لما أقبل فأبطأ المشى، فجعلوا يقولون له: السلطان واقف، فيقول: أدينى أمشى، وجلس معه على الجوخ حتى لا يجلس دونه، وقبل السلطان يده فقال له: تنتفع بهذا.














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;