عم صلاح.. الكفيف يقدم درس الوفاء لكرة القدم

تعلمت من كتب توفيق الحكيم، أن أخذ الحكمة من الأعمى فهو لا يضع قدمه على الأرض حتى يستوثق من موضعه بعصاه، لكن "عم صلاح" علمني أن الأعمى لا يعطي الحكمة فقط، فقد علمنا الوفاء والتضحية وقد يكون مجنونا بالكرة وسحرها حتى لو لم يراها بعينه، علمني هذا العاشق للزمالك، أن الكرة هي كل ما يلمسنا، وليس كل ما نراه. فرض العمى نفسه على عم صلاح فاستنطق من ظلمته صديقا يواسي به نفسه من يُتم البصر، هذا اليتم، بدل من أن يكون معرضا للفرجة والفضول، اختار هذا الزملكاوي الوفى أن يعوضه بحب الزمالك، ومع محبوبه، رأى العالم بطريقته. من هم مثل عم صلاح، يفضلون قضاء أوقاتهم بين الجدران الصامتة، والصمت كعادته يصعب تفسيره، قد يكون الاحترام والإهانة والرضا والسخط واللامبالاة وعمق الاهتمام في نفس الوقت، لكن هذا المشجع تغويه نواقيس الطبول واصوات الجماهير ودقات الدفوف وصيحات زملائه في الهوى والغرام، فيعيش مباريات الزمالك بكل حواسه في المدرجات، يتابع الأحداث بصوت المذيع عبر أثير الراديو، بينما يعيشها بكل كيانه على كراسي المتفرجين أو مقاعد العشاق كما يحلو لأصحابها تسميتها. أقنعوا عم صلاح كثيرا أن يكف عن الذهاب للاستاد خلف الزمالك، وعدوه بتوفير أجواء مثالية لمتابعة المباراة بعيدا عن الزحام والصخب وإرهاق الملاعب التي يعاني منها الأصحاء، لكنهم نسوا أن العاشق مثل المدمن لا يمكنه بمفرده الشفاء من دائه أو الهروب منه، وداء هذا المشجع أن يضعوه على كرسي المشجع ويجعلوا الجماهير حلوه واللاعبين أمامه طوال اليوم، هكذا يتعافى من فجيعته ويتغلب على عتمة البصر بالنور الذي يأتي من الانتماء للزمالك. عم صلاح لم يأت لهذه المدرجات بصفته مشجعا، هو لا يقول إن الزمالك سيلعب اليوم، بل يقول سنلعب اليوم، الحب جعله يعتبر نفسه واحد من اللاعبين، يھمس بصلوات ولعنات، يبكي حزنا ثم يتحول في لحظات ليمزق حنجرته فجأة، يعانق المجهول بجانبه لأنه صرخ معلنا هدفا، هو يرى الأهداف في صيحات المحبين يتخيلها، يداعبها، يرسمها، يشاهدها في عقله مئات المرات. أنا أشفق على عم صلاح، لا تغريني في الغالب الفرجة مباراة معادة، لأن البث الحي والمباشر هو كل شيء، فكيف لم لا يملك حق رؤيتها في الأساس أن يملك كل هذه القدر من الغواية باللعبة التي تمكن متعتها في النظر إليها؟!



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;