من يشاهد الأعمال الكوميدية التى كتبها العبقرى بديع خيرى، سواء لمسرح الريحانى أو غيره من المسرحيات والأفلام ومنها "الستات مايعرفوش يكدبوا، إلا خمسة، السكرتير الفنى، غزل البنات، 30 يوم فى السجن"، فضلا عن المسرحيات التى كتبها للفنان على الكسار، وما تتمتع به كل أعماله من روح كوميدية وخفة ظل حتى الأغانى التى كتبها لفنان الشعب سيد درويش ومنها "دنجى دنجى، مخسوبوكوا انداس، البحر بيضحك ليه، الحلوة دى قامت تعجن" لا يصدق أن من كتب كل هذه الروائع التى عاشت وستعيش على مر الأجيال كان يكتبها وهو يسبح فى بحر الأحزان ويعيش ظروفا إنسانية صعبة يصعب على غيره تحملها أو أن يكتب أعمالا تحوى كل هذا الفن والإبداع وبيته يعانى من الأحزان التى عاشها بديع خيرى الذى تحل ذكرى ميلاده اليوم، حيث ولد فى 18 أغسطس عام 1919.
وعن الجانب الشخصى الحزين فى حياة بديع خيرى تحدثت حفيدته عطية عادل خيرى مشيرة إلى أنه تزوج من ابنة خالته وكان يحبها بشدة وأنجب منها 4 أبناء أكبرهم مبدع الذى درس المحاماة وعمل بالسكة الحديد، يليه والدها الفنان عادل خيرى والتحق بكلية الحقوق قبل أن يعمل بالفن ثم ابنة وحيدة وأصغرهم نبيل خيرى الذى سافر ألمانيا لدراسة الصيدلة لكنه عاد ليلتحق بمعهد السينما وعمل بالإخراج "جدى كان أباً مثالياً وديمقراطيا وهادئا ومتزنا ويختار كلامه جيدا"
وتشير إلى أنه على الرغم من الروح الكوميدية وخفة الظل التى ميزت أعمال بديع خيرى، إلا أن بيته كان حزينا وشهد أحداثا مأساوية كثيرة، ومنها إصابة ابنته الوحيدة بالحمى الشوكية فى طفولتها ما تسبب فى إعاقتها ومعاناتها الصحية طوال حياتها، كما فقدت زوجته البصر فى نهاية حياتها بسبب مرض السكر.
وقالت عطية عادل خيرى: "كان مرض السكر وراثيا فى أسرة جدى وعانى هو نفسه منه طوال حياته وبترت أصابع قدمه فى أواخر سنوات عمره مما أعاقه عن الحركة ورغم ذلك ظل يعمل حتى النهاية، وكانت جدتى مصابة بالمرض ففقدت بصرها قبل سنوات من وفاتها، وأتذكر أنها كانت تتحسس وجهى وأنا طفلة حتى تعرف ملامحى".
وتابعت: "كان مرض جدتى أحد أسباب حزن جدى الشديد، خاصة أنه كان يترك لها إدارة البيت وقال عنها فى أحد البرامج أنها كانت ذراعه اليمين وتساعده حتى فى إدارة المسرح، وكانت سببا لنجاحه".
أما الحدث الأكبر الذى أدمى قلب بديع خيرى فهو مرض ابنه الفنان عادل خيرى الذى أصيب بمرض السكر فى صباه ووفاته شابا قبل أن يكمل سن 33 عاما بعد 7 سنوات فقط من عمله بالفن تاركا زوجته وثلاث بنات أكبرهن فى سن السادسة وأصغرهن لم تتجاوز العامين.
وفى لقاء نادر مع بديع خيرى بعد وفاة زوجته وابنه عادل خيرى وبعد أن جاوز 72 عاما، وأصبح غير قادر على المشى بسبب مضاعفات مرض السكر ورغم ذلك كان لايزال يعمل ويكتب قائلا "أمامى رسالة يجب أن أؤديها وحبى للمسرح يجعلنى أتغلب على ألامى وأحزانى، وانشغالى به يبعد عن ذهنى الأحزان والذكريات".
وأضاف: "من المدهشات أن أقوم بإضحاك الناس وقلبى مفعم بالحزن وهذا من فضل الله فضحكات الناس عزائى وقوتى".