محمد عبد الرحمن يكتب: لغز المهرجانات نلعنها صباحا ونرقص عليها ليلا

"كل حاجة وعكسها".. ربما يكون الوصف الأدق على حال المجتمع المصري في تعامله مع التطور الأخير للأغنية الشعبية، خاصة فيما يعرف بالمهرجانات، فكل ردود الفعل لا تتفق تمامًا مع آراء المصريين عن هذا النوع من الأغانى، وكأنه نوع من الشيزوفرينيا. لعلنا لا نستطيع أن نصف حال المجتمع المصرى مع أغانى المهرجانات الشعبية إلا بأنه يعانى من حالة انفصام أو من "الشيزوفرينيا"، فإذا تابعت ردود أفعال مواقع التواصل الاجتماعى، أو سألت أحد المصريين عن رأيه فى مثل هذا النوع من الأغانى، تجد منه نفورًا شديدًا منه وسخطًا على تلك الأغانى، بسبب "الطبل والرزع" فضلا عن "الكلمات الهابطة التى ليس معنى"، مؤكدًا أنه سوف يشعرك بالاشمئزاز ممن يقومون بغناء تلك الأغانى، ويحدث عن الانحدار الذى وصل له الفن المصرى وانحدار الذوق العام لدى المصريين. عندما ظهرت بعض الظواهر الغنائية من نوعية حمو بيكا ومجدى شطا ومن قبلهما أوكا وأورتيجا والسادات، كان هناك سخط كبير عليهما، وتعرضا سويا لهجوم ضخم. فإذا مررت على كورنيش النيل مثلا فالطبيعى أن تسمع المراكب النيلية وهى تشغل مثل هذه الأغانى، الأفراح وجميع المناسبات فى المناطق الشعبية وغيرها، تجد فيها أغاني المهرجانات صاحبة نصيب الأسد، وتجد أغلب الحضور يتراقصون عليها، حتى وإن كان رافض لها، وسواء كان متفهمًا ما يرقص عليه أم لا. كما إنك إذا استقللت توك توك أو سيارة ميكروباص المنتشرة المتواجدة في الشوارع والميادين المصرية، ستجد السائق لا يستمع إلا إلى موسيقى المهرجانات، حيث طغت هذه النوعية من الأغنيات. لا أحد يعرف متى على التحديد، ظهرت تلك النوعية من الأغانى، فالأغنية الشعبية منذ القدم وهى موجودة فى المجتمع المصرى، تطورت وطرأت عليها أشكال متنوعة وأنجبت العديد من نجوم الطرب المصرى، مثل محمد رشدى، محمد العزبى، لكن هذه النوعية حديثة نوعًا ما وينسب البعض ظهورها تحديدا عندما ظهرت فرقة تسمى "الدخلاوية" بمدينة الإسكندرية، قبل 10 سنوات من الآن، وقدمت نوعًا جديدًا من الغناء يمزج بين الراب والتكنو، ووجد الشباب من سن 12 عامًا، في هذا النوع من الغناء فرصة للتنفيس عن أنفسهم. راضينا أم أبينا أصبح ذلك النوع متواجدًا، وأصبح له شعبية ومساحة كبيرة من وجدان المصريين، ورغم أنها ظاهرة تحتاج للدراسة، لكن يبدو المصطلحات القريبة من لغة الشارع، والكلمات البسيطة لا تخلو من الحديث عن القدر والدعوة للجوء إلى الله لفك الكرب، أو حتى التى تتناول الجنس أو التدخين بشكل مقارب لما هو موجود بالفعل داخل المجتمع، صنع شيء من الألفة بين المصريين وهذه النوعية التى تشبه الارتجال فى التعبير عما يجول فى مخيلة الكثير منا، فضلا عن إيقاعاته وألحانه التى تصنع حالة من البهجة والمرح فى نفوس الكثيرين. فى النهاية يجب على نقابة المهن الموسيقية أن تكون أكثر راحبة وتقبل لمثل هذا النوع من الأغانى، الذى أصبح وجوده أمرا واقعا لا مفر منه، بل ومن الأفضل أن يكون هذا النوع تحت مظلة النقابة، أن تضع له ضوابط وشروط معينة، يمنع بعض المصطلحات، وفى الوقت نفسه يحصل منهم على نسبة من دخل الحفلات والأفراح والمناسبات الذى يحيها مطربو المهرجانات يدر دخلا للنقابة للصرف على أنشطتها الخدمية، وتعاقب من يخلف هذه الضوابط والشروط، وتصبح فعلاً هى المتحكم، بدلاً الرفض الذى لا يصنع منها إلا دور المتفرج.



الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;