جمال عبد الناصر يكتب: الأستاذ يعود للمسرح ويحقق المعادلة الصعبة

هناك دوما معادلة صعبة فى المسرح المصرى وهى كيف يحقق العرض المسرحى المتعة فى الفرجة بمضمون جيد، وفى نفس الوقت يحقق الجذب الجماهيرى.. وللحق فإن الفنان محمد صبحى طوال مشواره الفنى وفى كل أعماله يحقق تلك المعادلة الصعبة، ففى مسرحه تجد المضمون الجيد والفكر والرؤية وفى نفس الوقت تستمتع بكل عناصر الفرجة، فتضحك وتبكى وتفكر وتتساءل وتتعجب وتستنكر فهذا هو مسرح محمد صبحى. الجميع كان متشوقا لعودته على خشبة المسرح بعد انقطاع دام أكثر من 15 سنة، ولكن الحمد لله عاد رب المسرح لمحرابه ليمتع جمهوره بمسرحه الجاد الممتع، ويقدم لنا أولى تجاربه فى مشروعه المسرح للجميع مسرحية "غزل البنات" من تراث الفنان الراحل نجيب الريحانى، ويقدم لنا العبقرى صبحى شخصية "حمام"، ذلك المدرس التعيس الذى دائما يطارده النحس برؤية جديدة وأفكار مختلفة تناسب العصر الذى نعيشه . محمد صبحى استطاع أن يضيف على النص الذى قدمه من قبل أنور وجدى كمخرج وممثل فى فيلم سينمائى أفكارا أخرى جديدة ومتقدمة من النواحى الجمالية والفلسفية والفكرية والثقافية والاجتماعية، وانتقد محمد صبحى مجتمعنا حاليا وأوضاعه السياسية والاقتصادية برغم أن زمن المسرحية هو فترة الأربعينيات، فسخر من كيفية تشكيل الوزارات وتهكم على حال التعليم وأثبت ان الباشا "سليمان نجيب" كان أول من بدأ ما يسمى بالدروس الخصوصية حينما استدعى مدرسا لقصره لمساعدة ابنته فى رسوبها فى مادة اللغة العربية . محمد صبحى كعادته يخرج ويمثل ويكتب ولا يستطيع ناقد أو مشاهد أن يمنح الأفضلية لأحدهم على الآخر، فهو بارع ومتميز وناجح فى المهمات الثلاثة كعادته فى كل أعماله، وفى مسرحيته الأخيرة بالتحديد "غزل البنات" هو يواجه صعوبات كثيرة أولها كيف يحول النص من المتحفية إلى النضاجة والتجديد والمعاصرة.. وكيف يختار ممثلين لمسرحيته قادرين على الإبداع والإضافة حتى لا تحدث المقارنة، فهل نجح صبحى فى ذلك؟ نجح بالفعل فالمسرحية عمل جديد وخلق جديد بعيد عن الفيلم وقريب منه فى نفس الوقت، وهذه هى عبقرية الكاتب والمخرج محمد صبحى.