"المنسيون" فى كنساس سيتى يحلمون بحياة جديدة بعيدا عن سباق ترامب وبادين

في ضاحية كنساس سيتي بولاية ميزوري (وسط الولايات المتحدة)، يحاول مئات المشردين، والعائلات الذين طردوا من منازلهم بناء حياة جديدة بعيدا عن ضوضاء السياسة والانتخابات الرئاسية. ويحلم "المنسيون" كما يسمونهم هنا بحياة عادية وبمسكن مستقر لاستعادة كرامتهم المفقودة. . كثيرون هم من لا يعيشون "الحلم الأمريكي" كما يصفه دونالد ترامب. فهم ينامون في الشوارع ويصارعون الحياة بحثا عن عمل أو مأوى أو حتى على وجبة غداء في بلد يبدو البقاء فيه للأقوى فقط. مركز "ري ستارت"لإيواء المشردين وكشفت قناة فرانس 24 ، الفرنسية الإخبارية فى تقرير عن مدينة كنساس سيتى بولاية ميزورى، ، حيث يعيش "المنسيون" فى مركز لإيواء المشردين يدعى "ري ستارت" (أي "إبني حياتك من جديد") ويقع في حي شعبي بعيد عن وسط المدينة، ، حيث يستقبل المشردين ويقدم الدعم للعائلات الفقيرة والمشردة. المركز يأوي 150 شخصا، بعضهم طردوا من منازلهم بسبب عجزهم عن دفع الإيجار وآخرون فقدوا عملهم جراء وباء فيروس كورونا المستجد المتفشي هنا. والتقينا عائلات لا تملك أدنى مقومات الحياة اضطرت في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى هذا المركز للعيش فيه في انتظار أيام أفضل. أمام مبنى المركز الذي يضم عدة طوابق، تحدثنا إلى الشاب نيكولا جاستن (19 عاما)، وقد تم طرده من الشقة التي كان يسكن فيها مع أصدقاءه لأنه لم يتمكن من دفع حصته من الإيجار. ولم يملك استن خيارا آخر سوى الالتحاق بمركز إيواء المشردين "ري ستارت" حيث يسعى إلى بناء حياته من جديد. وقال : "أعيش في هذا المركز منذ عدة أسابيع، رغم التشرد، إلا أنني أشعربالراحة هنا. حاليا أتابع الدراسة عن بعد وأبحث في نفس الوقت عن عمل جديد"، وأضاف: "لن أصوت في الانتخابات الرئاسية المقبلة لأنها لن تغير في وضعي شيئا. فبدلا من التصويت، أفضل البقاء في مركز الإيواء والتفكير في مستقبلي"، موضحا أن "دونالد ترامب رجل جيد لكنه يحتاج أن يغير طريقة تصرفه ويكون قدوة للأمريكيين وليس عكس ذلك". أما جو بادين، فيعتقد نيكولا جاستن أنه "يتكلم بشكل إيجابي ومؤثر للغاية لكن في نفس الوقت كلامه بعيد عن الواقع، فهي مجرد كلمات يقولها واحدة تلو الأخرى دون أن يؤمن بها"، منهيا : "على أية حال الانتخابات لن تحل مشكل المشردين". القصة عينها تقريبا روتها كايلين هيل (28 عاما)، فهي أم لولد في الثانية من عمره، طردتها الشرطة بالقوة من المنزل الذي كانت تسكن فيه بسبب عدم دفعها للإيجار، ما جعلها تأتي لتستقر في مركز "ري ستارت" للمشردين. "الحياة صعبة في المركز. لكن أحاول أن أقوم بواجبي إزاء ولدي لكي يشعر بالراحة والأمان هنا"، تشرح هذه الشابة البشوشة رغم المحن التي تعانيها. لا تعتقد كايلين بأنها ستشارك في الانتخابات الرئاسية الثلاثاء المقبل "لأنني لا أهتم بعالم السياسة وأنا أصلا لا أشاهد التلفزيون ولا أتابع الأخبار". وعن صعوبة مشاركة المشردين فى العملية الانتخابية، أجابت "لا ، يكفي فقط أن تذهب إلى البلدية وتطلب ملئ استمارة وتسجل نفسك في قائمة الناخبين لكي تشارك في التصويت". لكنها شخصيا لم تقم بهذه الخطوة لأن همها الوحيد كما تقول "هو مغادرة المأوى في أقرب وقت ممكن لأنني لا أريد لولدي أن يكبر وينمو في هذا المكان. أريد أن يعيش في منزل نظيف ودافئ بعيدا عن البؤس الذي نراه يوميا هنا. أريد أن أستقر في منزل بشكل نهائي لكي يتسنى لولدي أن يتابع دراسته عندما يكبر دون مشكل وبشكل متوازن". وللتخفيف من معاناة المشردين فى مركز "ري ستارت"، تحاول مديرة المركز ستيفاني بوير بذل قصارى جهدها لتلبية رغباتهم كي يشعروا بأنهم يعيشون في منازلهم. وقالت: "مركزنا يقدم يد المساعدة لكل المشردين المتواجدين في مدينة كنساس سيتي. وعددهم يقدر بالآلاف. كل يوم نقدم وجبات غذائية لأكثر من 400 شخص يعيشون خارج المركز إضافة إلى 150 شخصا بداخله" (حوالي 3000 شخص سنويا). وعدا توفير الغذاء، يقدم مركز "ري ستارت" خدمات أخرى مثل مساعدة المشردين على إيجاد شقق جديدة ووظائف، إضافة إلى تدريس اللغة الإنكليزية وتوفير الرعاية الصحية. واعترفت ستيفاني بوير ، أن عدد المشردين في مدينة كانساس سيتي ارتفع بكثير في السنوات القليلة الأخيرة، والدليل في نظرها، هو الكم الهائل من العائلات التي أصبحت تدق على باب المركز بحثا عن الإيواء. فيما زاد انتشار وباء كوفيد-19 من حدة الوضع، إذ فقد العديد من الرجال والنساء وظائفهم، وبالتالي منازلهم بعدما تعذر عليهم دفع الإيجار. وترى أن في عوض صرف الملايين من الدولارات لإيواء المشردين، يجب إبقاؤهم في منازلهم وتقديم مساعدات مالية لكل العائلات، وقالت: "البلدية ترفض الانصياغ لمطالبنا رغم أنه من المستحسن معالجة الأسباب التي تؤدى إلى تشرد الآلاف عوضا من تمويل برامج اجتماعية مكلفة للغاية". وفيما يتعلق بالتصويت في الانتخابات الرئاسية، أشارت بوير أنه رغم الاجتماعات التي نظمت داخل المركز لتوعية المشردين بأهمية المشاركة في التصويت، إلا "أنهم لا يبالون بالانتخابات" حسب تعبيرها، ضف إلى ذلك "أن العديد من المشردين لم يسجلوا أنفسهم على القوائم الانتخابية كونهم لا يملكون عناوين بريدية ثابتة ودائمة". وقالت: "إذا كنت لا تملك عنوانا دائما وثابتا فهذا يعني أنك لا تتمتع بنفس الحقوق كباقي الأمريكيين"، مضيفة أن عراقيل أخرى مثل نقص المواصلات قد تعيق المشردين في أداء واجبهم الانتخابي. وعن السؤال هل ازداد عدد المشردين خلال عهدة دونالد ترامب، أجابت ستيفاني بوير قائلة "لا أعتقد ذلك، العدد بدأ في الإرتفاع منذ عدة سنوات، والسبب هو الارتفاع الجنوني لتكلفة الإيجار، كيف يمكن لشخص يتقاضى 8,5 دولارات في اليوم، أن يدفع 18 دولارا كحق إيجار يومي. هذا مستحيل. لذلك العديد من الأمريكيين يجدون أنفسهم في الشارع. أما الدولة الأمريكية فلم يسبق أن حلت مشكلة اجتماعية منذ تأسيسها". وبالتالي، فإن مشاكل المشردين تسعى لحلها جمعية "كنساس سيتي للمستأجرين" بدلا من الحكومة الأمريكية، كما تقول إحدى مؤسسيها دايانا شاريتي. وللضغط على عمدة كنساس سيتي، وعلى سلطات المدينة، نظمت عدة مرات مظاهرات بمشاركة كل المشردين والعائلات التي تسكن في شقق غيرمؤهلة للعيش فيها. وآخر مظاهرة هي تلك التي نظمتها الجمعية أمام مبنى "غابرييل" بشارع جاكسون في ضاحية تكساس سيتي السبت، إذ دعت العديد من العائلات التي تقطن المبنى إلى وقفة احتجاجية أمام باب العمارة فيما أرسلت شريط فيديو عن هذه الوقفة إلى عمدة المدينة كانتون لوكاس عبر فيس بوك، وعبرت فيه عن استياء المشردين وعن المشاكل التي يعانون منها. وبعد مرور ساعات قليلة على هذه الوقفة الاحتجاجية، أجاب عمدة كنساس سيتي عبر فيس بوك ودعاهم إلى اجتماع في مكتبه للاستماع إليهم. وترى دايانا شاريتي، أن الطريقة الوحيدة للمشردين لكسب حقوقهم هو الضغط سياسيا على المسؤولين المحليين والجهويين، "نحن ندفع الضرائب ونصوت في الانتخابات كجميع الأمريكيين، بالتالي لدينا الحق أن نملك شققا محترمة ونعيش فيها ولا يبعدنا عنها أحد". وأضافت: "نريد أن نعيش مثل باقي المواطنين، بنفس الحقوق والواجبات"، فيما انتقدت تصرفات أصحاب العقار وملاك المنازل الذين "لا يرحمون العائلات الفقيرة ويطردونها بمجرد أنها لا تستطيع دفع الإيجار في نهاية الشهر". وما زاد من غضب مؤسسة جمعية "كنساس سيتي للمستأجرين"، "الدعم الذي يتلقونه هؤلاء الملاك من قبل سلطات المدينة وحتى من دونالد ترامب". ديان شاريتي (70 عاما) احدى مؤسسات جمعية "كنساس سيتي للمستأجرين". تدافع عن المشردين وعن العائلات الفقيرة التي لا تملك المال الكافي لايجار المنازل في #كنساس سيتي. نظمت عدم مظاهرات للضغط على حكام المدينة. كما تدافع أيضا عن حقوق السود "لانهم يدفعون الضرائب هم أيضا كباقي الامريكيين" pic.twitter.com/6mievBFViZ — Tahar Hani (@taharhani) October 31, 2020 وعن السؤال هل قدم دونالد ترامب مساعدات للمشردين والفقراء، أجابت دايانا شاريتي: "إنه لا يبالي بمعاناة هذه العائلات. فلسفته الحياتية لا علاقة لها بما نعيشه نحن. فهو لا يرى الذين يبكون ويموتون حولنا". وأكدت شاريتي بأنها صوتت "لصالح جو بايدن رفقة حفيدها الذي صوت للمرة الأولى معها فيما قامت "بتوزيع منشورات تشرح أهداف الجمعية للناخبين الذين كانوا متواجدين في مركز التصويت". فالآلاف من المشردين يعيشون في صمت قاتل ويتلقون مساعدات خفيفة من جمعيات خيرية مثل "ري ستارت" أو من بعض الكنائس. وفي كنساس سيتي ومدن وولايات أمريكية أخرى، يبدو أن فصل الشتاء لن يحمل معه أخبارا سارة للمشردين.












الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;