نقاد فى ذكرى رحيل الطيب صالح: لهذه الأسباب بقيت "موسم الهجرة" أشهر رواياته

"إننى أريد أن آخذ حقى من الحياة عنوة، أريد أن أعطى بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبى فينبع ويثمر ثمة آفاق كثيرة، لابد أن تزار، ثمة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ، وصفحات بيضاء فى سجل العمر، سأكتب فيها جملاً واضحة بخط جرىء"، هكذا قال الكاتب السودانى الكبير الطيب صالح، فى روايته الخالدة "موسم الهجرة إلى الشمال". تلك الرواية والتى يحل ذكرى وفاة صاحبها اليوم، إذ توفى فى 18 فبراير عام 2009، حصلت على شهرة لم تحققها أى عمل آخر من أعمال الأديب السودانى الكبير، لماذا بقيت وكيف تميزت تلك الرواية عن روايته ومجموعته الباقية. الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبى الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة، قال إنه من بين أعمال الطيب صالح جميعًا، نالت روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" شهرة مدوّية، لأنها أرتبطت بتجربة مدوّية، وصاغت هذه التجربة صياغة فنية تقوم على مغامرة متعددة المستويات. وأضاف "حمودة" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن هذه الرواية التى اتصلت بفترة ما بعد الاستعمار، انطلقت من فكرة أو تجربة بسيطة قادرة على جذب الانتباه: الغزو الجنسى المضاد لغزو المستعمر، أو الاغتصاب الجسدى فى مواجهة اغتصاب الوطن، على حد وصفه.. وهذه فكرة تطرح وتستثير من البداية أسئلة وتوقعات حول مصير هذه الفكرة أو التجربة.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن طريقة كتابة هذه الرواية كانت أشبه بمغامرة فنية جديدة خلال سنوات الستينيات التى صدرت فيها.. والرواية، بهذا المعنى، ولهذا السبب، استطاعت أن تنتزع لنفسها دوائر قراءة واسعة من الشرق والغرب. وأتم الدكتور حسين حمودة: روايات الطيب صالح الأخرى ومجموعته "دومة ود حامد"، كلها كتابات جميلة ومهمة، ولم يكتب لها انتشار "موسم الهجرة إلى الشمال"، ولكنها سوف تظل من الأعمال التى تستحق القراءة على مدى زمنى ممتد. من جانبها قالت الدكتورة مروة مختار، أستاذ الأدب العربى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ورئيس مركز الدراسات الثقافية، إن موسم الهجرة إلى الشمال تلك الرواية التى قال صاحبها عنها فى حوار له أنه لم يجن من خلفها سوى الشهرة والمتاعب. وأضافت "مروة": وعلى صعيد مشوار الطيب صالح ظلت هذه الرواية هى الأشهر بالنسبة له وهذه الظاهرة لم ينفرد بها الطيب صالح فقد كانت قنديل أم هاشم وثيقة الصلة بالمبدع يحيى حقى الذى لقب بصاحب القنديل، وكان أيضا يصاب بالضيق من التركيز على عمل واحد له وترك باقى أعماله، مثل الطيب صالح، وربما السبب الكامن وراء ذلك الغموض المصاحب لعلاقة الشرق بالغرب فقد كان موضع اهتمام من قبل بعض المبدعين وكأنهم يبحثون عن وجهة نولى وجهنا شطرها تقودنا للتقدم ومواكبة التقدم الحضارى وكيفية التفكير فى هذا ونحن دول خضعت للاستعمار سنوات طويلة. وأشارت الدكتورة مروة مختار إلى أن رواية الطيب صالح أثارت العديد من الإشكاليات حول الهوية والغرب والوعى بالذات والآخر وهذه المداخل ثرية من حيث كونها روافد متعددة للكتابة الإبداعية، وأيضا على مستوى التناول النقدى كمادة لتحليل الانساق المضمرة فيها رغم مرور سنوات طويلة على تأليفها. بينما قال الناقد الدكتور رضا عطية، إن شهرة هذه الرواية ربما لأنها تخاطب النزعة القومية العروبية فى مواجهة النزعة أو ما يراه العرب، السيطرة الإمبرالية للغرب، ودائما تكون العلاقة متوترا تجاه الغرب. وأضاف "عطية" إلى أن بطل الرواية "مصطفى سعيد" يبدو فى الرواية فاتحا للغرب ويبدو غازيا للغرب، فربما كانت هذه النبرة التى بدت لهذ الرواية مثلث شكلا من أشكال الانتقام من الغرب، سببًا فى بقاء هذه الرواية فى وجدانات التلقى العربى لعقود ممتدة، وكذلك لأن الطيب صالح مثل الوجه الأبرز للرواية السودانية، فهو عنوان الرواية السودانية الحديثة، كما أنه يعد أبرز كتاب الرواية السودانية وأشهرهم فى الوطن العربى. وأوضح الدكتور رضا عطية، أن الرواية كذلك تأتى ضمن سياق الأدب ما بعد الكونيونيالية الذى كان حالة من المد فى النصف الثانى من القرن العشرين، أو بالتحديد فى الربع الثالث من القرن، حيث برزت أعمال مثل "الحى اللاتينى، وموسم الهجرة إلى الشمال"، لتمثل هذه العلاقة المتوترة بيننا نحن العرب والغرب.












الاكثر مشاهده

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

;