"أن يكون المرء سان سيمونى عام 1830 يعنى أنه يريد التصنيع والتسليف والسكك الحديدية والرفاهية وتعليم الشعب فى آن، وأخيرا وليس آخرا، المساواة للنساء، ويمتد هذا فى المجال الاقتصادى حتى إلغاء الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج، وفى المجال الأخلاقى إلى الاستقلال التام للنساء، وكل هذا ما انتهى، كما يمكن أن نتوقع بالسجن منذ عام 1832"، هكذا قال الكاتب الفرنسى فيليب رينييه، فى مقدمة كتابه "السان سيمونيون فى مصر"، والصادر عن المركز القومى للترجمة وترجمة كل من أنور مغيث، وأمل الصبان، وداليا الطوخى.
والسان سيمونيون جماعة من الشباب، مهندسون من مدرسة الهندسة العليا وأطباء، تجمعوا حول اسم سان سيمون وأفكاره، لأنه أصابهم ما كان يسميه الكتاب الرومانسيون "وجع القرن" أو السخط، لم يعودوا يحتملون أن يبقى الشعب فى بؤس بينما هم يملكون المعرفة، لأنهم درسوا الآلات وعرفوا أن هناك وسائل حديثة للإنتاج بكميات كبيرة، وكانوا يختنقون فى ظل أخلاق العصر الصارمة.
الكتاب يناقش هنا تجربة( السان سيمونية) فى مصر والتى بدأت عام 1833 وانتهت عام 1851 فى لحظة حاسمة من العلاقات المصرية الفرنسية فى القرن التاسع عشر، عارضا عبر سبعة فصول ملامح النهضة والإصلاح والتجديد التى شهدتها مصر فى المجالين الاقتصادى والايديولوجى على السواء ضمن هذه ( الحملة) العلمية الصناعية والثقافية.
ووهو الكونت كلود هنري دي سان سيمون دورفروا، الباريسى النشأة، ولد عام 1760م، وكان فيلسوفا فرنسيا يميل إلى مبدأ تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية، وكانت دعوته موجهة إلى الاهتمام بالصناعة، ونوه إلى أهمية الحياة البرلمانية في الاقتصاد، ومن الآراء التي كان يبشر بها دعوته إلى تكافؤ الفرص لا التجانس الكامل. وأشترك سان سايمون في الثورة الأمريكية مدفوعا بحماسه وإخلاصه، وأيد الثوار الفرنسيين فى فرنسا.