لا تملك مصر حكاية عادية مع كرة القدم، ولكنها حكاية شديدة الخصوصية واستثائية جدًا بشهادة كثيرين جدًا فى هذا العالم، هؤلاء الذين كتبوا تاريخ اللعبة الجميلة وتوقفوا كثيرًا وطويلاً أمام مشوارها ودلالاتها ومعانيها فى كل بلد ومجتمع، بالتأمل والبحث والدراسة والتحليل، فلم يكن المصريون مثل شعوب أخرى كثيرة غيرهم تعلموا كرة القدم، ثم مارسوها وأحبوها وارتبطوا بها، فلم تبدأ كرة القدم فى مصر ولم تكن فى أى وقت مجرد لعبة، وإنما كانت لها فى مصر دائما أكثر من شكل ومعنى ووظيفة ودور، هذا ما يؤكدة كتاب "مصر وكرة القدم.. التاريخ الحقيقى.. أين وكيف بدأت الحكاية"، للكاتب ياسر أيوب.
غرام وانتقام.. هذا هو الوصف المناسب جدًا، لحكاية مصر وتاريخها مع لعبة اسمها كرة القدم، لا يعرف أحد حتى الآن وربما ضاعت للأبد أن يعرف أحد مستقبلاً من هو أول مصرى لعب كرة القدم.. لكننا على الأقل نعرف متى وكيف بدأ المصريون يلعبون كرة القدم، فهى دخلت مصر يوم دخلها افنجليز عام 1882م، بعد أن قصفوا الإسكندرية واحتلوا مدن القناة، ثم دخلوا القاهرة يوم الخميس الرابع عشر من شهر سبتمبر، ليبدأ فى هذا اليوم الاحتلال الإنجليزى لمصر.
ويقول كتاب "مصر وكرة القدم": "جاء جنود الاحتلال الإنجليزى إلى مصر فى ايديهم السلاح وفى حقائبهم لعبتهم المفضلة كرة القدم، يلعبونها فى ساحات معسكراتهم، وبدأ الأهالى، الذين لهم صله بالإنجليز ومعسكراتهم يشاهدون هذه اللعبة الجديدة، فاستهوتهم وأعجبتهم وأغرتهم بمحاولة تقليد الإنجليز".
ويؤكد الكاتب ياسر أيوب أن بداية تعلق المصريين بكرة القدم وغقبالهم على ممارستها، إنها كانت فقط بقصد مقاومة الإنجليز والتفوق عليهم، ولو فى مجال كرة القدم، وأن حكاية كرة القدم فى مصر ولدت من رحم الاحتلال ورفض الوجود الإنجليزى ومقاومته، وأن المصريين تعلموا لعب الكرة ليفوزوا على الإنجليز.
ويشير الكتاب إلى أنه بعيدًا عن خرافة مقاومة الاحتلال الإنجليزى بسلاح كرة القدم لم تنتشر هذه اللعبة فى مصر إلا نتيجة سببين أساسيين: أولهما يتعلق بالمصريين أنفسهم أولئك الذين بشهادة التاريخ وتفاصيله ووقائعه، لم تتح لكبارهم أو ضغارهم قبل الاحتلال الإنجليزى أى فرصة لممارسة الرياضة أو اللعب الحقيقى.
أما السبب الثانى، فهو يتعلق بكرة القدم نفسها، تلك اللعبة السهلة والجميلة والرخيصة، التى وجد الفقراء والصغار المصريين العزاء بعد سنوات طويلة من الحرمان.