قراءة فى لوحة.. "الحرية تقود الشعب" أيقونة الثورة الفرنسية الدائمة

لوحة الحرية تقود الشعب واحدة من الأيقونات الفنية لدى الشعب الفرنسى، وصاحبة بريق لا يختفى، وما إن تمر الدولة الفرنسية بأحداث ثورية، ، وآخرها بالتأكيد مظاهرات "السترات الصفراء" ضد سياسات الرئيس الفرنسى ماكرون الاقتصادية، وكأن هذه اللوحة هى اللوحة الأم لدى أحفاد قبائل الفرنجة، إلا وتجد لوحة أوجين ديلاكروا تتصدر المشهد. ولوحة "الحرية تقود الشعب، هى لوحة رسمها ديلاكروا فى خريف عام 1830، وبلغت أبعادها 260-352 سم، وهى مستوحاة من الثورة الفرنسية، التى قادتها المعارضة الليبرالية للإطاحة بالملك شارل العاشر وإعادة الجمهورية الفرنسية فى28 يوليو من عام 1830، حيث تجسد اللوحة إلهة الحرية كامرأة حاملة لراية الثورة التي لا تزال العلم القومى لفرنسا بيد، وبندقية باليد الأخرى وتقود الشعب إلى الإمام على جثث الذين سقطوا، إلهة الحرية ترمز إلى ماريان، التجسيد القومي لفرنسا، وتعتبر اللوحة رمزاً وديمقراطياً. تظهر فى منتصف اللوحة حاملة العلم الفرنسى، لعلها تعبر عن الجمهورية الفرنسية، التى ثارت من أجل الاستقلال، فيما جاء الأجزاء العارية من جسدها، كدليل على الانطلاق والخروج من القيود ومواجهة الطغاء والفاسدين، ويرمز لتلك السيدة فى عدد من المراجع والدراسات باسم "ماريانا" وهو اسم وهو اسم مركب يرمز إلى السيدة العذراء مريم، وهو ما يمثل رمزا للطهارة والقداسة للثورة الفرنسية. كما أن العلم الفرنسى المرفرف فى يد السيدة، تجسيد لبقاء فرنسا، واستمرار النضال والحراك الذى قام به الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، وجسد أيضا الفنان تضحيات الشعب من خلال الشخصيات المقتولة فى أرضية اللوحة، كما صور الفنان الفرنسى الراحل الحالة الثورة المسلحة، ومجسدا الطبقات والفئات التى تقاتلت من الطبقات البرجوزية وتظهر فى شخصية الرجل الذى يرتدى بدلة ويحمل بندقية فى الجانب الأيسر من اللوحة، والعمال وجسدها التى جسدها أيضا فى الرجل الثانى من جهة اليمين، بينما وضع فى الخلفية مجاميع تعبر عن طوائف الشعب الذى ثار. وبحسب كتاب "مدارس التصوير الزيتى" للدكتور أسامة الفقى، فأن ديلاكروا الذى شاهد التمرد من بين صفوف الجماهير، فرسم فى وسط اللوحة امرأة خرجت من بيتها لتناصر قضية الحرية العظيمة، وهى الرئيسة الذى تهيمن على المشهد، والتى ترمز إلى الحرية، فصورها بوجه جانبى تبرز من فوق الحواجز عارية الصدر، حافية القدمين، ترفع بيدها الفرنسى، وبيدها الأخرى تحمل بندقة بحربة، فهى مقاتلة تقود الجماهير الساخطة السائرة، بينما الأجساد الميتة متساقطة تحت قدميها، وقد أبرز فى لوحته أربع شخصيات أساسية من الحشد الذى يحيط بالمرأة رمز الحرية، ففى أقصى يسار اللوحة نميز العامل، يليه البرجوازى، وهما يقاتلان جمبا إلى جمب فى سبيل الحرية، وفى الجانب الأيمن رسم صبى يمسك بمسدس فى كلتا يديه يلوح بهما وهو يرمز إلى مستقبل الوطن، وتتنوع شخصيات ديلاكروا تؤكد على التوحد بين جميع طوائف الشعب رغما عن الفروقات الاجتماعية، والعمرية، والجنسية، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا فى سبيل هدف نبيل هو البحث عن الحرية.. وفى هذه اللوحة تخلى الرسام الفرنسى عن المصادر الكلاسيكية للإلهام الفنى مؤكدا فكرة الفن الرومانتيكى الذى يلعب دورا رئيسا فى الحياة المعاصرة مؤكدا استخدام التضاد الضوئى، كما أن أسلوب التصوير اختلف فى ذات اللوحة من منطقة لأخرى بها فبينما رسم الشخوص الأمامية بدقة كبيرة، نجد أنه رسم الجمهور فى الخلفية والسماء والدخان بضربات فرشاة سريعة لإعطاء الانطباع بالحركة والاضطراب الذى يناسب موضوع اللوحة. ووفقا لما جاء فى كتاب "ثقافة الصورة في وسائل الإعلام" للدكتور عبد الجبار ناصر، فأن "مارييانا"، المرأة التى تتوسط اللوحة، ترمز لفرنسا كدولة وقيم وثقافة، مثل العلم الفرنسى ذى الأعمدة الثلاثة الحرية، المساواة، الإخاء، ومثل الحرية هنا بامرأة كون النظام الذى قامت ضده الثورة فى يوليو يجسد بصور ذكورية خاصة تلك التى تزين قصر فرساى، وعندما أطاحت الثورة بذلك النظام اختارت رمز المرأة كنقيض لرموز نظام الحاكم، كما أن كلمة جمهورية اسم مؤنث فى اللغة الفرنسية. وفى الصورة تخطو المرأة أمام الجموع بقميصها الممزق حيث يمثل معانأة النضال ضد الحكم الاستبدادى، حافية القدمين "الفقر الذى يعم البلاد"، حاملة بيدها اليمنى الراية الوطنية "فرنسا"، وباليد الأخرى بندقية ذات حربة "مقاومة الاستبداد بالسلاح النارى والسلاح الأبييض"، تسير الحرية بعد أن عبرت أجساد الثائرن "معالم غير واضحة أى أنهم من أبناء الشعب، وبجانبها صبى يحمل السلاح يتحرك، ويمثل المستقبل نحو الحرية والثورة. ويظهر إلى يمين الحرية رجلان تختلف ملابسهما وأسلحتهما، فالأول من الطبقة المتوسطة ويحمل بندقية، أما الثانى فهو من طبقة المسحوقين وسلاحه سيف مسلول، وفى عمق الصورة ترتفع سيوف ورايات الثائرين، والجهة المقابلة يظهر سجن الباستيل "رمز الاستبداد" وقد اندلعت فيه النيران.








الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;