باشوات مصر من الفراعنة.. تحتمس الثالث وأمنحتب الثالث ورمسيس الثانى الأبرز

حفلت مصر الفرعونية بعدد لا بأس به من الملوك الفراعنة الذين عاشوا حياة النعيم وكانوا مضرب الأمثال فى مصر والشرق الأدنى القديم بالثراء وحياة الترف والنعمة التى حظوا بها على الرغم من أن بعضهم كان من الملوك المقاتلين الذين كانوا يجولون ويصولون في ساحات المعارك محققين النصر والمجد والتوسع والثراء لمصر خصوصًا فى عصر الإمبراطورية المصرية الخالدة، وخلال التقرير التالى يستعرض الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، هؤلاء الملوك باشوات الفراعنة. تحتمس الثالث كانت مصر القديمة فى موعد مع القدر كى يمن عليها بإنجاب أعظم الفراعنة المحاربين وأعظم ملك مصرى على الإطلاق، الملك تحتمس الثالث، فرعون المجد والانتصار وسيد الملوك المحاربين والعسكريين الاستراتيجيين، ومكمل الإمبراطورية المصرية في العالم القديم متخذًا من جده الملك المؤسس تحتمس الأول قدوة ومثلاً أعلى. كان أبوه هو الملك تحتمس الثانى الذى مات وترك الفرعون الذكر وولى العهد الأمير تحتمس وحيدًا تحت وصية عمته وزوجته أبيه الملك الشهيرة حتشبسوت التى داعبها سحر السلطة وأغوتها لذة الحكم، فاغتصبت الحكم من الملك الصغير، وأبعدته إلى رحابة الظل. وظل تحتمس الثالث فى الظل فترة طويلة إلى أن تم غياب أو أقصاء الملكة حتشبسوت عن المشهد السياسي في البلاد، وخرج الأسد من عرينه لتظهر لنا شخصية الملك تحتمس الثالث الأسطورية مسجلاً مجد وفخار مصر العسكرى المدون بأحرف من نور وإعزاز فى كل كليات وأكاديميات العالم العسكرية. لقد تزوج تحتمس الثالث من أخته غير الشقيقة الأميرة نفرو رع، ابنة حتشبسوت وأبيه تحتمس الثانى، وماتت قبل العام الحادى عشر من حكمه. وعندما تولى الحكم، تزوج من حتشبسوت مريت رع التي صارت زوجته الأساسية والتى أنجبت له ولى عهده الملك أمنحتب الثانى، وبينما كان تحتمس الثالث فى الظل، استثمر وقته فى تعلم فنون القتال وأصول الحرب مما جعل منه قائدًا عسكريًا فذًا قلما يتكرر أو يجود الزمان بمثله فى أرض المعارك. وعلى انشغاله بالعسكرية، تزوج تحتمس الثالث من بعض الزوجات الأجنبيات من أميرات بلاد الشرق الأدنى القديم نتيجة حروبه وتوسعاته العسكرية. وكانت تلك الزيجات الهدف منها تدعيم سلطان مصر في البلاد الأجنبية وكذلك تقوية تلك البلاد الأجنبية بقوة مصر التي كانت تقف كحائط صد في مواجهة القوى المعادية التي كانت تهددها. أمنحتب الثالث ورث فرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث إمبراطورية كبيرة في قمة المجد والثراء والقوة عن أجداده الملوك الفاتحين العظام أمثال أحمس الأول وتحتمس الأول وتحتمس الثالث وأمنحتب الثانى وتحتمس الرابع، وحكم الملك أمنحتب الثالث (منذ حوالي 1410 إلى 1372 قبل الميلاد) الدولة المصرية العريقة حوالى ثمانية وثلاثين عامًا، وشهد عهده رخاء وازدهارًا كبيرين ليس لهما مثيل. ولم تسجل السنوات العشر الأولى من حكم الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث كثيرًا من الآثار المنتجة فى تلك الفترة؛ نظرًا لحداثة سن الملك، غير أنه بعد ذلك، نرى الملك يشيد الكثير من الآثار الفريدة والمهمة الممتدة في ربوع الأرض المصرية من الشمال إلى الجنوب بعد ذلك التاريخ. وتشير المصادر إلى أن الملك أمنحتب الثالث أمر بإنشاء معبد وقلعة إلى الجنوب قليلاً من جزيرة ساي في صولب، العاصمة الإدارية في بلاد النوبة إلى الجنوب من مصر، وكذلك بنى معبدًا لزوجته المحبوبة والمفضلة الملكة الذكية والحكيمة وصاحبة الشخصية القوية "تي" في بلدة سيدنجه القريبة من منطقة صولب في النوبة أيضًا. وكذلك بنى قصرًا منيفًا لمقر حكمه على البر الغربي لشاطئ النيل فى طيبة في منطقة الملقطة الحالية حيث كان يحتفل في هذا القصر عادة بعيد جلوسه الملكي على عرش مصر أو ما يعرف بعيد "سد". ومن اللافت للنظر أن الملك أمنحتب الثالث احتفل بعيد "سد" أو "حب سد" ثلاث مرات في فترة حكمه البالغة حوالي ثلاثين عامًا، وذلك في الأعوام 30/31 و33/34 و37. وعيد "سد" كان هو "العيد الثلاثيني" وفيه كان يحتفل الملك وأهل مصر عادة بذكرى مرور ثلاثين عامًا على جلوس الملك على عرش مصر، ومن خلاله كان الملك يستعيد شبابه وحيويته وقوته ويؤكد على أهليته القوية وشرعيته لحكم مصر الدولة القوية. وكانت هذه الاحتفالات تجري في طيبة. ومن خلال هذه الاحتفالات والطقوس المصاحبة لها –خصوصًا في احتفاله الأول بـعيد "سد"– أكد الملك أمنحتب الثالث على فضل آلهة مصر الكبار عليه، خصوصًا آلهة الشمس التي كان يربط بين ذاته الملكية التي قُدست في حياته وذواتهم الإلهية المقدسة دومًا. وتعد الملكة تي هي الزوجة الرئيسة للفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث. وقد تزوج منها في العام الثاني من حكمه. وكانت تي سليلة واحدة من إحدى عائلات نبلاء البلاط الأثرياء وتحديدًا من مدينة أخميم الواقعة حاليًا في محافظة سوهاج في صعيد مصر الجواني. ولعبت تي دورًا كبيرًا في حياة وفترة حكم زوجها الملك الشمس وأنجبت له وريثه وولي عهده الفرعون الموِّحد والملك الفيلسوف أمنحتب الرابع/أخناتون (في ما بعد) وعددًا من الأبناء والبنات. وتشير الآثار الملكية وغير الملكية من عصر الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث إلى أهمية زوجته الملكة تي طوال فترة حكم زوجها؛ فقد عُثر على عدد كبير من التماثيل في أحجام ومواد مختلفة تصور الملكة تي مع زوجها، بينما تظهرها النقوش تساعده في كثير من طقوس العبادة، وتشاركه في الاحتفالات خصوصًا الاحتفال المعروف بعيد "سد". ووصف أحد النصوص الملكة تي بأنها ترافق الملك أمنحتب الثالث مثل الإلهة ماعت حين ترافق إله الشمس رع. ومن أبرز ملامح عصر الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث الفنية ما يعرف بـ "الجعارين التذكارية" التي أنتجت في عصره بكثرة لتمجد الملك وتعظم من شأنه في مصر وخارجها ولعل الملك أهداها لكبار شخصيات الدولة من رجال بلاطه العديدين. ومن بينها أكثر من ستين جعرانًا تذكر الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكة العظيمة تي وتعرف بـ "جعارين الزواج"، وتحتفل ست منها بزواجه من أميرة من بلاد ميتاني في بلاد الشام. بينما يذكر حوالي اثنى عشر منها شق بحيرة للراحة والاستجمام في بركة هابو (في طيبة الغربية) أقامها الملك حبًا في زوجته الغالية قوية الشخصية والحضور الطاغي الملكة الذكية تي، ومن بينها أيضًا ما يمجّد صولات وجولات الملك أمنحتب الثالث في صيد الثيران والأسود. وفي الرسائل التي تخص المراسلات الدبلوماسية المتبادلة بين الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث وحكام الشرق الأدنى القديم المعاصرين لملك مصر، يظهر مدى حسد حكام بابل وميتاني وغيرها لثراء الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث خصوصًا امتلاكه كميات كثيرة من الذهب الذي قال عنه أحد حكام الشرق الأدنى القديم "إن الذهب في أرض مصر المباركة كثير مثل التراب"، طالبًا إرسال كمية منه له. ومن المعروف أن ذلك الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث تزوج عددًا غير قليل من الأميرات الأجنبيات. وقد استخدم الملك أمنحتب الثالث نفوذه الكبير كي يحضر كثيرًا من هؤلاء الأميرات من تلك البلدان لمصر كي يتزوجهن؛ إذ كان هذا الملك مولعًا بالنساء لأقصى درجة؛ فنراه يتفاوض على زواج أميرات من أرزاوا وسوريا وميتانى وخيتى (بلاد الأناضول حاليًا) وغيرها من بلاد الشرق الأدنى القديم التي كانت تخضع لسلطانه الممتد أو من البلدان والدويلات التي كانت تربطه بها علاقات صداقة ودبلوماسية وتبادل تجاري وثقافي. ومن الجدير بالذكر أن زوجته الرئيسة الملكة الحكيمة تي كانت توافق ولا تعارض زواج الملك من هؤلاء الأميرات، بل كانت تبارك تلك الزيجات الدبلوماسية كي ترضي زوجها الذي لم يكن يسكن قلبه غير حبه للملكة تى، وكي توطد دعائم وعلاقات حكم زوجها الملك المحبوب في الشرق الأدنى القديم. ومن اللافت للنظر ذكر اسم الملكة تي في تلك الرسائل وتودد حكام الشرق الأدنى القديم لها وطلب توسطها لدى زوجها الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث ومن بعده ولده الفرعون الموحد الملك أمنحتب الرابع/أخناتون. ووُصف الملك أمنحتب الثالث بـ "قرص الشمس المشع" وعُرف بلاطه بالعظمة وصار مضربًا للأمثال بالثراء المبهر. واختار رجال بلاطه وكبار رجال دولته من عائلات النبلاء القديمة تماشيًا من سياسته القائمة على اختيار أصحاب الدم الأزرق فقط لإدارة دولته الشاسعة. وبالنسبة للملك أمنحتب الثالث وولعه غير المسبوق بالبناء والفن والعمارة والتشييد، فقد اهتم بترميم ودراسة آثار أجداده من الملوك الأقدمين ملوك مصر السابقين. وقلّد التمثال الأشهر لجده الأعلى الملك خفرع –من حكام عصر بناة الأهرام من ملوك الأسرة الرابعة– في تمثال فريد له كان موجودًا في مقبرة أمنحتب الثالث بطيبة الغربية (ويوجد الآن في متحف جامعة لندن في المملكة المتحدة) ويظهر الملك أمنحتب الثالث راكعًا وكان يحمي رأسه الإله حورس مثلما هو الحال في تمثال الملك خفرع المعروف عالميًا. وفي النصف الثاني من حكم الملك أمنحتب الثالث، أشرف الملك شخصيًا –أو من خلال مستشاريه المقربين– على تعديل المباني الدينية في طيبة وأضاف إليها معبده الجنائزي الضخم الخاص بتخليد ذكراه في منطقة كوم الحيتان في غرب طيبة. عصر الفرعون الشمس الملك الأشهر أمنحتب الثالث وروائعه الفنية والمعمارية الفريدة والعديدة والمتنوعة الخاصة بالملك وأفراد عائلته وكبار رجال بلاطه وحاشيته كان بحق خير شاهد على الثراء والجمال والروعة ودقة الأداء وعظمة مصر في العالمين القديم والحديث على حد سواء. لقد كانت مصر القديمة محظوظة بوجود ملك مثل الفرعون الشمس الملك الأشهر أمنحتب الثالث بين ملوكها من البنائين العظام، وقد كان أيضًا الفرعون الشمس الملك الأشهر أمنحتب الثالث محظوظًا بحكم دولة عظيمة كمصر سيدة العالم القديم في ذلك العصر: عصر الإمبراطورية، والتي أعطت له شهرة لا يضاهيه فيها كثير من حكام مصر من الفراعين الخالدين على وجه الزمن المتغير دومًا. رمسيس الثانى رمسيس الثاني هو نجم الأرض وأشهر ملوك الفراعنة والذى ملأ الدنيا وشغل الناس جميعًا، اعتلى رمسيس الثانى العظيم عرش مصر وهو شاب صغير، ابن الخامسة والعشرين من عمره المديد، كي يسطر أسطرًا من نور ومجد وعزة وفخار في تاريخ مصر القديمة والشرق الأدنى القديم والعالم القديم، وكأن القدر كان على موعد مع مولد وتولي حكم مصر لذلك الملك الأسطوري رمسيس الثاني ملك الملوك وسيد العالم القديم. وصار هو رمسيس العظيم على الرغم من وجود عدد كبير من الملوك الفراعنة الذين حملوا اسم رمسيس من قبله، مثل جده رمسيس الأول في أسرته الأسرة التاسعة عشرة، وخلفائه من رمسيس الثالث إلى رمسيس الحادي عشر في الأسرة التالية وأعنى الأسرة العشرين، وصار علمًا واسمًا على عصر كامل، وهو عصر الرعامسة أي ملوك الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين، عصر المجد في مصر القديمة. فعندما نقول رمسيس دون تحديد ترتيبه في الأسرتين أو في العصر أو في مصر القديمة عمومًا، فيعلم الجميع في العالم كله، أننا نقصد دون شك نجم الأرض وملك الملوك رمسيس الثاني العظيم الخالد. لقد تزوج رمسيس الثاني عددًا كبيرًا جدًا من النساء، لعل أشهرهن هي الملكة الفاتنة وحلوة الحب جميلة الجميلات الملكة نفرتاري. وكذلك أنجب عددًا كبيرًا من البنين والبنات، لعل أشهرهم ابنه وولي عهده الملك مرنبتاح والأمير الزاهد الناسك الشهير خع إم واس والأميرة ثم الملكة ميريت آمون. ولم ينجب ملك مصرى قديم مثلما أنجب رمسيس الثاني العظيم من أبناء كثيرين. وحكم مصر فترة طويلة تبلغ حوالي سبعة وستين عامًا. وامتاز عهده بالعظمة والمجد والضخامة في كل شيء خصوصًا في أعمال البناء والتشييد والتي امتدت في أركان الكون الأربعة خصوصًا في أرض مصر الطيبة وبلاد النوبة وبلاد الشام وعلى ساحل البحر المتوسط. ولم يشد ملك مصري قديم من معابد وتماثيل ضخمة ومسلات مثلما بنى رمسيس الثاني العظيم. وكان زمنه بحق عصر رمسيس الثاني العظيم. وامتد به العمر طويلاً ومات في سن متأخرة بعد العام التسعين من عمره المديد. وعندما مات تم دفن الفرعون المقدس بكل جلال الملكية المصرية المقدسة التي تليق بعظمة جلالة الملك رمسيس الثاني العظيم في مقبرته رقم 7 في منطقة وادي الملوك في البر الغربي لمدينة الأقصر الشهيرة بصعيد مصر الخالد. ووضع جلالة الملك رمسيس الثاني العظيم بصمته، التي لا يمكن محوها أبدًا، في ذاكرة مصر والشرق الأدنى القديم والعالم القديم. إنه رمسيس الثاني العظيم الخالد عبر العصور والأزمان. وعقد رمسيس الثاني معاهدة سلام مع الحيثيين. وتم تتويج تلك المعاهدة بزواج رمسيس الثاني من الأميرة الحيثية ابنة الملك الحيثي خاتوشيلي الثالث. ثم تزوجت الملك رمسيس الثاني من أختها بعد ذلك بحوالي سبع سنوات. رمسيس الثاني العظيم ملك الملوك الذي جعل من نفسه ملك الحرب والسلام ومن مصر أرض المجد والانتصارات؛ لذا فقد عاش في ذاكرة مصر والعالم أبد الأبدين.








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;