حماية التاريخ.. كيف حفظت الأنفاق آلاف القطع الأثرية فى معرة النعمان؟ فيديو

كشف النقاب عن الآلاف من القطع الأثرية السورية، التى ظلت مخبأة فى أنفاق تحت الأرض فى بلدة معرة النعمان جنوبى محافظة إدلب، خلال سنوات الصراع فى سوريا، وخبئت أهم قطع أثرية فى العالم من الفسيفساء والموزاييك، فى ممرات تحت الأرض، خوفا من تعرضها للسرقة أو التدمير أو التهريب. القطع الأثرية التى يعود تاريخها للعصرين الرومانى والبيزنطى، خُبئت بجهود شعبية، هدفها حماية تاريخ المدينة العريقة، التى سبق وشهدت تدمير تمثال شاعرها الأشهر أبو العلاء المعرى، على يد الإرهابيين. وبعد تحرير الجيش السورى لمعرة النعمان، جنوب إدلب، التى خضعت لسيطرة التنظيمات الإرهابية لعدة سنوات، سارع فريق من دائرة آثار إدلب لاستخراج كنزهم الذى أخفوه عن أعين الإرهابيين قبل سنوات فى قبو سرى تحت متحف المدينة، وبالرغم من الفرحة العارمة بسلامة "الكنز"، إلا أن المرارة مستمرة مع استمرار الجرائم المروعة التى ارتكبت بحق آلاف المواقع الأثرية السورية. وفى هذا الصدد، قال نظير عوض، مدير متاحف سوريا، "كما شاهدتم قطع الموزاييك الغنية تمت حمايتها بطرق مختلفة خوفا من تعرضها لأذى.. والنتيجة كانت اليوم أن قطعة أو قطعتين فقط قد تعرضتا لأذى طبعا نتيجة التدهور الذى حصل على المبانى بسبب الاشتباكات الحاصلة فى المنطقة"، وأضاف "المجتمع المحلى والنخبة المحلية ساهمت فى حماية الآثار والمتحف والقطع، وكان لها دور إيجابى كبير فى حماية هذا المتحف". هذا وستنقل أيضا محتويات متحف المدينة، الذى يقع وسط ساحة رئيسية شهدت معظم الاشتباكات خلال سنوات الصراع، بشكل مؤقت إلى مدينة أخرى ليعاد ترميمها ثم إعادتها لاحقا له، وذكر عوض، فى هذا الصدد أن "هذه القطع من المؤكد أنها بعد ترميم المتحف ستعود إلى متحف معرة النعمان، إلى المكان الذى خرجت منه"، وذلك وفقًا لما نقلته "سكاى نيوز" الإخبارية. ومن جهته، قال الدكتور محمود حمود المدير العام للآثار والمتاحف فى سوريا، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، "لقد قمنا بجولة فى مدينة معرة النعمان بعد سيطرة الجيش السورى عليها واطلعنا على مبنى المتحف الذى تعرض لأضرار كبيرة وتصدعات ودمار ببعض أروقته وقاعاته نتيجة الأعمال الإرهابية وحفر الأنفاق تحت بناء المتحف، فى حين كانت اللقى الأثرية مخبأة بشكل جيد فى غرفة تحت الأرض تحتوى على مئات القطع الأثرية التى تم حفظها، إضافة إلى لوحات الموزاييك والفسيفساء التى تم حفظها منذ بداية "الأزمة السورية" وحمايتها بمواد عازلة ما أسهم فى نجاتها جميعاً باستثناء لوحة واحدة". وأوضح الدكتور حمود، أن مدينة معرة النعمان تضم عددا من المواقع والأبنية الأثرية ومن بينها متحف المعرة الذى يحتوى على الكثير من اللقى الأثرية وخاصة لوحات الموزاييك والفسيفساء التى تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية إضافة إلى الكثير من اللقى الفخارية والتماثيل وغيرها من الكنوز التى تعود إلى مختلف العصور منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وحتى العصور الكلاسيكية. وأضاف: فى بداية الأزمة هاجم المخربون المتحف وسطوا عليه وسرقوا الكثير من محتوياته وبشكل خاص الحلي، ووقتها تمكن المجتمع المحلى من التدخل بقوة لمنع هؤلاء من الإجهاز على بقية المتحف ومقتنياته، واليوم وبعد استعادة المدينة ومتحفها تم نقل ما بقى من المقتنيات إلى متحف حماة الوطنى وهى جيدة فى حين بقيت لوحات الموزاييك مكانها مع توفير الحماية اللازمة لها، "وسنباشر بأعمال الترميم للمتحف ولأجزائه المتضررة والمتصدعة، وهذا يتطلب بعض الوقت لإعداد الدراسات الهندسية اللازمة لذلك، وفى متحف حماة هناك ورشة ترميم جاهزة لإجراء عمليات الترميم للقى المتضررة". وتحدث الدكتور حمود، لـ"سبوتنيك"، عن مملكة إيبلا، الموقع الأثرى الذى يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد الذى اكتشف فيه أقدم أرشيف ملكى وكتابى فى سوريا يعود إلى الفترة الممتدة بين 2400 قبل الميلاد و2250 قبل الميلاد، قائلًا أن "هذه المملكة هى مدينة مسورة ولها بوابات وأكروبول يحتوى قصر وقلعة ومعبد وأبنية عامة، وهناك 4 أحياء فى إيبلا، أما القصر فاكتشف فيه 17 ألف رقيم مسمارى تحمل موضوعات اقتصادية ودبلوماسية ودينية واجتماعية وغيرها، وهذا الموقع استمر فى الألف الثانية قبل الميلاد وظل مزدهرا ومسكونا حتى القرن السابع للميلاد أى لنحو 4 آلاف عام". وأضاف الدكتور حمود، "تعرض هذا الموقع للسطو والتخريب والنهب والتنقيب العشوائى من قبل المسلحين وفى بعض أجزائه تم الحفر بواسطة جرافات بحثا عن الكنوز، إضافة إلى بناء التحصينات فيه وتحويله إلى حقل للرماية والتدريب ما ألحق به الكثير من الضرر، وهو ما دفع العالم الإيطالى باولو ماتيه الذى اكتشف الموقع ليصرح ويقول: يا ليتنى لم أكتشف هذه المملكة" بعدما سمع بعمليات التخريب هذه". وأوضح أن محافظة إدلب تضم أكثر من 800 مدينة منسية فى الكتلة الكلسية الممتدة من إدلب إلى غرب حلب، وجميعها يعود إلى الفترة بين القرن الأول والقرن السابع للميلاد، وجميعها تعرض للسلب والنهب وبينها أكثر من ألفى دير وكنيسة أثرية تعرض الكثير منها للتخريب والتدمير أحيانا لبيع حجارتها ومنحوتاتها. وأشار مدير الآثار والمتاحف، إلى أن تركيا لعبت دورا كبيرا فى التخريب الذى تعرضت له المواقع الأثرية فى المناطق التى تقع تحت سيطرتها وسيطرة الجماعات الإرهابية التابعة لها فى إدلب وحلب، مؤكداً أن "تركيا وفرت التغطية والحماية للمسلحين فى عمليات التدمير الممنهج للآثار السورية وعمليات التنقيب العشوائي، بل وشاركت فى ذلك بشكل مباشر "وهذا ما أثبتناه بالوثائق فى تلال عفرين شمالى حلب حيث قام الجيش التركى بتدمير الآثار السورية بالآليات الثقيلة بحثا عن الكنوز والتماثيل واللقى الأثرية وهو ما يقوم به فى إدلب لإخراج الكنوز السورية شمالا باتجاه تركيا ومنها إلى الأسواق العالمية، كما نمتلك وثائق تثبت قيام الجيش التركى وعملائه بتخريب أوابدنا الأثرية والتنقيب فيها وتدميرها ونهب محتوياتها، ومن بين ما تم نهبه فإن السلطات التركية صادرت أكثر من 30 ألف قطعة ورفضت إعادتها إلينا رغم كل مطالباتنا وشكاوينا إلى المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن". وأشار إلى أن 8 تجمعات من المدن المنسية فى إدلب وحلب تم تسجيلها فى قائمة التراث العالمى عام 2011 نظرا لأهميتها وقيمتها الثقافية والعلمية والسياحية وهناك تواصل دائم مع اليونسكو لاطلاعها على ما تتعرض له من دمار وتخريب وتنقيبات غير شرعية وأيضا أعمال النهب والسلب التى تعرض لها أكثر من 10 آلاف من مواقعنا الأثرية فى مناطق مختلفة، مضيفًا أن "إعادة الكنوز الأثرية التى نهبت من سوريا هى مهمة كل منظمات العالم ولا تستطيع اليونسكو وحدها أن تفعل شيئا، ولذلك هناك تواصل جيد فى هذا الشأن مع الإنتربول الدولى الذى يخبرنا عن كل قطعة تتم مصادرتها أو التعرف إليها ولكن حتى الآن لم تعاد أى قطعة باستثناء بعض تلك التى أعادها لبنان الشقيق، وإضافة إلى ما تمتنع تركيا عن إعادته، فهناك مئات القطع الموجودة فى دائرة الآثار الأردنية وقد وعدنا الجانب الأردنى بإعادتها ولا نزال ننتظر أشقاءنا الأردنيين ليفوا بوعدهم". وكانت الآثار والمواقع الأثرية إحدى أبرز ضحايا الحرب الدائرة فى سوريا لأكثر من ثمان سنوات، حيث تعرضت الكثير من المواقع والمتاحف للنهب والسرقة، ووجدت طريقها إلى خارج البلاد، وفى سوريا ما لا يقل عن 10 آلاف موقع أثرى تعرض الكثير منها للدمار والنهب والتنقيبات غير الشرعية، وهناك ما لا يقل عن مليون قطعة أثرية ذهبت خارج القطر عبر الحدود، خاصة التركية والفلسطينية المحتلة والأردنية، وهناك أبنية تاريخية تعرضت إلى دمار كبير كما فى حلب القديمة والأسواق والمدينة القديمة فى دير الزور، وفى كثير من المواقع الأخرى.




























الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;