حكاية فرعون مصرى يدعى تحتمس الثانى.. ابن غير شرعى ومتأنق لدرجة الشك

يبدو أن علماء الآثار اقتربوا من اكتشاف مقبرة الفرعون المصرى تحتمس الثانى، وذلك بعد العثور على صندوق خشبى فى منطقة الدير البحرى غرب الأقصر يعود إلى نحو 3500 سنة ويحمل اسم تحتمس الثانى، كما أعلن الدكتور زاهى حواس أنه يبحث عن المقبرة. وتحتمس الثانى هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة، شيّد بعض الآثار الطفيفة وقام بحملتين لكنه لم يفعل شيئا آخر خلال فترة حكمه وربمًا كان يتأثر بقوة زوجته حتشبسوت، تأريخ حكمه خلال 1493-1481 ق.م. عثر على جثة تحتمس الثانى فى مخبأ بالدير البحرى فوق المعبد الجنائزى للملكة حتشبسوت ويمكن مُشاهدتها فى المتحف المصرى فى القاهرة. كيف تولى الملك؟ اعتمادا على موسوعة مصر القديمة (الجزء الرابع): عهد الهكسوس وتأسيس الإمبراطورية للدكتور سليم حسن يقول "ذكرنا أن تحتمس الأول لم ينجب من زوجه الشرعية (أحمس حنت تاوى) وارثًا لعرش الملك، وأن أولاده الكبار الذى كان يرغب فى أن يتولَّى واحدٌ منهم من بعده المُلْكَ قد ماتوا فى حياته، ولم يَبْقَ له من خلفه الذكور إلا ابن واحد من زوجةٍ غير شرعية تُدعَى "موت نفرت"، وفى الوقت نفسه كان له ابنة واحدة من أخته وزوجه شرعية «أحمس حنت تاوى»، وهى «حتشبسوت». والظاهر أن «تحتمس» الأول كان يرغب فى أن يجعلها خليفته على عرش الملك، كما تدَّعِى هى ذلك فى النقوش التى خلفتها لنا ممَّا سيأتى ذِكْره، ولكن يظهر أن الأمور سارت على غير رغبته، وتولَّى العرش «تحتمس» الثانى ابنه بعد أن تزوَّجَ من أخته «حتشبسوت»، وبذلك أصبح تولِّيه الملك فى نظر الشعب شرعيًّا لا غبارَ عليه. وتدل كل الأحوال على أن هذا الزوج كان زواجًا رسميًّا، ليظهر أمام الشعب المصرى أن على أريكة الملك فرعونًا، ولكن الواقع كانت «حتشبسوت» هى المسيطرة على البلاد؛ لأنها كانت الوارثة الحقيقية للعرش، هذا فضلًا عن أن «تحتمس» الثانى لم يُخلَق ليكون فرعونًا. وصف تحتمس الثاني حقًّا إنه كان شابًّا أنيقًا طويل القامة، عريض المنكبين، غير أنه مع ذلك لم يكن قوى البنية، ويدل شكل رأسه الكبير على أنه كان أكثر ذكاءً من والده المحارب العظيم، وقد كانت ملامحه تتفق مع ملامح أفراد أسرته؛ فنشاهد فيها أسنان الفك الأعلى البارزة، والذقن الغائرة بعض الشيء، ويلحظ أنه وقت وفاته كان أصلع الرأس، وأن الشعر الذى كان باقيًا على رأسه كان شعرًا مستعارًا مجعدًا تجعيدًا مصطنعًا ليظهر طبيعيًّا، وقد دلَّ تجميل أظافر قدمَيْه على أنه كان يعتنى بها اعتناءً بالغًا، ولا نزاع فى أن كل مظاهره كانت تدل على إغراقه فى الترف والتأنق، كما تنمُّ على ذلك تقاسيمه التى تُشعِر بشيء من الأنوثة، وإنْ شئتَ فقُلِ التخنُّث، والحقيقة أنه كان على النقيض من أخته وزوجه "حتشبسوت"، التى كانت تدَّعِى الرجولة فى معظم مظاهرها؛ ولذا كان النفور مستحكمًا بينهما طوال مدة حكمه. قد كانت فاتحة أعمال هذا الفرعون إخماد العصيان الذى قام به بعض القبائل السودانية على مقربة من الشلال الثالث، وقد حفظت لنا نقوش هذه الحملة على الصخور الواقعة على الطريق بين أسوان والشلال الأول، وهاك ما جاء فيها حرفيًّا: السنة الأولى، الشهر الأول من فصل الفيضان، اليوم الثامن، وذلك عندما ظهر جلالة «حور» الثور المظفر، الشديد القوي، صاحب العقاب والصل – صاحب المملكة الإلهية «حور الذهبى – صاحب الصور القوية، ملك الوجه القبلى والوجه البحرى – عا خبرن رع» ابن الشمس – تحتمس الجميل الطلعة على عرش حور الأحياء؛ لأن والده «رع» حاميه، وآمون رب عروش الأرضين يقهران أعداءه. والظاهر أن الجفاء الذى كان بين «حتشبسوت» وتحتمس الثانى أخذت تقل حدته، وحلَّ محله بعض الود والمهادنة، وبخاصة فى أواخر أيام هذا الفرعون الذى كان يمتاز بضعف البنية، وخور الإرادة، ولا نعلم سببًا لهذا الجفاء إلا ادِّعاء «حتشبسوت» أنها هى الوارثة الشرعية للملك، وأن أخاها دخيل على العرش. والظاهر أن سبب هذا الود والصفاء الذى ظهرت بوادره بينهما أن «حتشبسوت» لم تكن قد أنجبَتْ بعدُ ولدًا ليكون وارثًا لعرش البلاد، ولم تكن رُزِقت من «تحتمس» الثانى إلا ابنة واحدة، وهى الأميرة «نفرو رع» التى وضعتها فى أول عهد هذا الفرعون؛ ولذلك أُعِيدت أواصر الزوجية بينه وبينها رجاء أن تُنجِب ولدًا يتولَّى عرش مصر، ولكن الأقدار جاءت على عكس ما أرادت، ووضعت أنثى سمَّتْها «مريت رع حتشبسوت». ومن الغريب أن الآثار لم تحدِّثنا عنها قطُّ فى أول الأمر، وبذلك ضاعت آخِر فرصة على «حتشبسوت» الطموحة فى إبقاء الحكم فى يد ابنٍ لها. كان الملك «تحتمس» الثانى بلا شك قد أنجب أولادًا آخَرين من زوجات أخريات، ولكن من بين هؤلاء كان له ولد يُدعَى باسمه وكان بارزًا، وهو الذى تسمَّى فيما بعدُ "تحتمس الثالث"، وهو من إحدى زوجات الفرعون الثانويات، ولم يكن الدم الملكى يجرى فى عروقها، وكانت تُسمَّى «إزيس»، وتدل ظواهر الأحوال وما وصل إلينا من النقوش التى ترجع إلى عهد «تحتمس الثالث» أن والده قد نصبه ملكًا على البلاد على الرغم من صغر سنه، على أن يتزوج من أخته «نفرو رع» عندما يبلغ الحلم، ومن ثَمَّ حانت الفرصة «لحتشبسوت» أن تضرب ضربتها السياسية الهائلة التى كانت نتيجتها أن تولَّتْ حكمَ البلاد بوصفها وصيةً على «تحتمس» الثالث، وابنتها «نفرو رع»، وبعد ذلك نفَّذَتْ ما كانت تصبو إليه نفسها، فأعلنت نفسها ملكةً شرعيةً على البلاد.






الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;