كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قويا فى الحق، إن قصده إنسان لا يخذله أبدا، ومن ذلك قصة الرجل من "إراش" كانت له مظلمة عند أبى جهل، وقد لجأ للنبى ليأتى له بحق، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب "البداية والنهاية" لـ الحافز ابن كثير تحت عنوان: قصة الأراشى
قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الملك بن أبى سفيان الثقفى، قال: قدم رجل من إراش بإبل له إلى مكة، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام، فماطله بأثمانها، فأقبل الأراشى حتى وقف على نادى قريش ورسول الله ﷺ جالس فى ناحية المسجد، فقال: يا معشر قريش مَنْ رجل يعدينى على أبى الحكم بن هشام، فإنى غريب وابن سبيل، وقد غلبنى على حقى؟
فقال أهل المجلس: ترى ذلك - يهزأون به - إلى رسول الله ﷺ لما يعلمون ما بينه وبين أبى جهل من العداوة، اذهب إليه فهو يعديك عليه.
فأقبل الأراشى حتى وقف على رسول الله ﷺ، فذكر ذلك له، فقام معه.
فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ما يصنع؟
فخرج رسول الله ﷺ حتى جاءه فضرب عليه بابه.
فقال: من هذا؟
قال: "محمد فاخرج!" فخرج إليه وما فى وجهه قطرة دم، وقد انتقع لونه.
فقال: "أعط هذا الرجل حقه".
قال: لا تبرح حتى أعطيه الذى له.
قال: فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، ثم انصرف رسول الله ﷺ.
وقال للأراشى: الحق لشأنك.
فأقبل الأراشى حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه الله خيرا، فقد أخذت الذى لى.
وجاء الرجل الذى بعثوا معه فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟
قال: عجبا من العجب، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه فقال: أعط هذا الرجل حقه.
فقال: نعم! لا تبرح حتى أخرج إليه حقه، فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه إياه.
ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فقالوا له: ويلك مالك فوالله ما رأينا مثل ما صنعت؟
فقال: ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب على بابى وسمعت صوته فملئت رعبا، ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل، ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فوالله لو أبيت لأكلنى.